في الصحف البريطانية الصادرة السبت نطالع سيلا من التحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية التي تتناول قضايا شتى في المنطقة العربية والعالم، لا سيما الأوضاع في سوريا، ومنها تحقيق في الفايننشال تايمز عن تدفق السلاح والمال الخليجي على الثوار السوريين، وآخر عن مزاعم مراسل القناة الرابعة البريطانية حول محاولة قتله في منطقة القصير بريف حمص. تكتسب التحركات المدعومة خليجيا لتسليح المعارضة السورية زخما وسط التدفق المتزايد للأموال والأسلحة والتنظيم الأفضل لعمليات إيصالها إلى المقاتلين على الأرض. بهذه الخلاصة تبدأ الفايننشال تايمز تقريرا رئيسا اليوم لمراسلة الصحيفة في مدينة اسطنبول التركية، رولا خلف، والتي تقول إن التسليح المتزايد للمعارضة السورية يأتي بينما تسعى القوى العالمية إلى إيجاد أرضية مشتركة لوضع حد لتصعيد عمليات القمع التي يقوم بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد الانتفاضة الشعبية التي قامت ضده قبل نحو15 شهرا. وتنقل المراسلة عن ناشطين سوريين مقربين من الجيش السوري الحر المعارض، والمتمركز في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا، قولهم إن كتائب من الجنود المنشقين العاملين في إطار الفصيل المسلح الأبرز في المعارضة السورية قامت مؤخرا بتسمية ممثلين لها تُناط بهم مهمة متابعة الحاجات العسكرية لمقاتلي المعارضة وتلقي الأسلحة التي يحتاجونها. يقول الناشطون إن هنالك ثمة أموالا ضخمة بدأت بالتدفق من كل من السعودية وقطر، بالإضافة إلى التدفق المعتاد للأسلحة عبر المساعدات والمعونات التي تصل المسلحين من مغتربين سوريين ومن بعض الأثرياء من داخل سوريا نفسها. ويقول تحقيق الفايننشال تايمز: لقد قالت السعودية وقطر إنهما تدعمان تسليح المعارضة السورية، لكنها كانتا حتى وقت قصير مترددتين بإلقاء ثقلهما وراء جهد منظم، وذلك وسط تحذيرات غربية من مغبة تأجيج صراع يبدو أنه يسير باتجاه حرب طائفية شاملة بين الأقلية العلوية التي تسيطر على النظام وبين الأغلبية السنية. إلا أن الناشطين يؤكدون أن ذلك الحرص والحذر الخليجي قد تغير، لطالما بدأت بعض دول الخليج تمد الثوار السوريين بشتى صنوف الأسلحة الخفيفة والصواريخ المضادة للدروع، الأمر الذي بدأ ينعكس في زيادة حدة الهجمات على الجيش السوري النظامي وفي تصاعد عمليات تدمير الدبابات والعربات المصفَّحة التابعة للقوات الحكومية. لكن الصحيفة تنقل في تحقيقها عن محللين مستقلين تحذيرهم من أن الجهود التي تبذلها أو تساندها دول الخليج لتسليح المعارضة السورية محفوفة بالمخاطر، إذ ليس من الواضح مدى درجة تدريب وجهوزية الجماعات التي تتلقى تلك الأسلحة، أو حتى ليس هنالك من ضمانات بألا يلجأ هؤلاء إلى بيع الأسلحة التي تصلهم إلى جماعات أخرى. والشأن السوري حاضر بقوة أيضا في الصحف البريطانية الأخرى الصادرة اليوم، إذ نطالع في الغارديان تحقيقات عدة عن الأوضاع في سوريا، جاء أحدها بعنوان مراقبو الأممالمتحدة يفحصون الحطام الناجم عن مهاجمة القبير ، وآخر عن فخ يقول كبير مراسلي القناة التلفزيونية الرابعة في بريطانيا إنه وطاقمه تعرضوا له في بلدة القصير الواقعة بريف حمص. يقول المراسل أليكس تومسون، الذي اشتهر بتقاريره الميدانية التي وافى بها محطته من داخل البؤر الساخنة ومن معاقل المعارضة في أنحاء مختلفة من سوريا، إن الثوار السوريين حاولوا عمدا التسبب بمقتله والطاقم العامل معه، ولكن بنيران القوات الحكومية السورية، وذلك في محاولة منهم لتشويه سمعة الرئيس السوري بشار الأسد. أما كيف؟ يجيب تومسون إن مجموعة صغيرة من الجيش السوري الحر قامت عمدا بتوجيه السيارة التي كان يستقلها هو وزملاؤه من أعضاء طاقم القناة الإخبارية الرابعة ليدخلوا منطقة تقع ضمن مرمى النيران على طريق مُغلق بالقرب من بلدة القصير، وذلك لأن مقتل الصحفيين هو أمر سيء بالنسبة لدمشق. ويروي تومسون كيف أنه بعد قيام أربع رجال يستقلون سيارة سوداء اللون بإرشاده وطاقمه للدخول إلى منطقة محرَّمة تقع بين قوات الجيش السوري وقوات الثوار أُطلقت عليهم النيران، فأُرغموا على القيام بحركة مراوغة، وتمكنوا في نهاية المطاف من أن يعودوا أدراجهم من حيث أتوا إلى نفس الطريق التي كانوا قد أُرشدوا إليها. بعد ذلك، يتابع تومسون روايته، قائلا إن السيارة السوداء نفسها عادت وأغلقت الطريق لتفصل بين سيارة فريقه وبين السيارات الأخرى التابعة للأمم المتحدة، والتي كانت ترافقهم، الأمر الذي دفع بمرافق فريق الأممالمتحدة إلى الابتعاد بسيارته عن المنطقة بعد أن أحاط عناصر الميليشيا بهم وراحوا يصرخون. ويشير المراسل، الذي قفل عائدا إلى بريطانيا في أعقاب الحادث، إلى أن القصة وقعت يوم عطلة نهاية الأسبوع الماضية. أما المتحدث باسم القناة الرابعة فقد كشف أن المحطة بصدد إجراء تقييم لرحلة تومسون إلى سوريا، لكنه تعهد بمتابعة تغطية القناة الرابعة لتطورات الصراع المعقد في سوريا ولما تشهدها تلك البلاد من تطورات جسام . يُذكر أن تومسون كان قد زار قبل أيام منطقة الحولة التي شهدت أواخر الشهر الماضي مجزرة قُتل فيها 108 أشخاص حوالي نصفهم من الأطفال واتهمت المعارضة القوات الحكومية والموالين لها بالتسبب بمقتلهم. كما زار أيضا القرى المجاورة للحولة، لطالما اتهم بعض سكانها بالضلوع بمجزرة الحولة، لكنهم نفوا للمراسل وجود أي صلة لهم بالحادث.