في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد يطغى الحديث عن اختراق صحيفة الغارديان البريطانية لما تقول إنهما حسابا البريد الإلكتروني (الإيميل) للأسد وزوجته أسماء على ما سواه من قضايا دولية ومحلية ساخنة أخرى، بما في ذلك الأزمة السورية ذاتها وما تشهده من تطورات ميدانية ودبلوماسية متلاحقة. فعلى الرغم من عدم استبعادها إمكانية وجود رسائل مزوَّرة وغير حقيقية من بين حصيلتها من الرسائل ال 3000 التي تقول إنها عثرت عليها في بريد الأسد وزوجته البريطانية المولد أسماء الأخرس، فقد أفردت الصحيفة خمس صفحات بالتمام والكمال للحديث عن الاختراق الذي تقول إنها انفردت به. فتحت عنوان انفراد صحفي: رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ترفع الغطاء عن الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد ، تنشر الصحيفة على صدر صفحتها الأولى تحقيقا مشتركا لثلاثة من مراسليها هم روبرت بوث ومنى محمود ولوك هاردينغ، وتتبعه بتحقيقات في الداخل على كامل الصفحات الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة. وعن سبب اعتقادها بأن نشر مضمون مراسلات خاصة على صفحاتها هو أمر مبرَّر، تقول الغارديان: نعتقد أن هنالك عددا من الأشياء التي تم الكشف عنها، بما في ذلك أدلة على طلب الأسد النصح من إيران وتلقيه إحاطات (بيانات موجزة) عن الوضع في مدينة حمص، وهي كلها تأتي في سياق المصلحة العامة. ولا يفوت الصحيفة أيضا أن تذكِّر بأن التلفزيون الرسمي السوري كان قد سبق ونفى في شهر فبراير/شباط الماضي صحة حدوث اختراق لحسابات بريد إلكتروني تعود لمسؤولين سوريين، بما في ذلك العنوان البريدي ([email protected])، والذي تقول الصحيفة إنه خاص بالرئيس الأسد. وعلى الرغم من تذكير الصحيفة بوصف التلفزيون السوري الرسمي للاختراق حينذاك بأنه مزحة سمجة ولعب أطفال ، فإنها تشير إلى فشلها هذه المرة بالحصول على أي تعليق من قبل مسؤولين رسميين سوريين على مضمون الرسائل الإلكترونية المسرَّبة، والتي تقول إنها مأخوذة من البريد الإلكتروني الخاص بالأسد وبزوجته أسماء. وبالغوص في تفاصيل الرسائل الإلكترونية المسرَّبة وبالعبر والرسائل النفسية والمعنوية والأمنية التي تقول الصحيفة إنها استخلصتها منها، نمضي مباشرة مع الغارديان إلى أحد تلك الاستنتاجات التي استخلصها من كل ما عثرت عليها، إذ تقول: تظهر مراسلات البريد الإلكتروني بين الزوجين (بشار وأسماء) علاقة زوجية وثيقة الصلة، وإن كانت ترزح تحت وطأة عبء العمل المجهد. إلاَّ أنها لا تعكس الطبيعة العنيفة لمعركة الصراع الدائر على سوريا، والتي تدور رحاها خارج أسوار القصر (الرئاسي). وللتدليل على متانة العلاقة بين الزوجين، على الرغم من كل ما أُحيطت هذه العلاقة به من ضغوط وإشاعات شتى، تبرز الصحيفة رسالة تقول إن أسماء بعثت بها إلى زوجها الرئيس أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ تخاطبه فيها قائلة: إن نكن قويين معا، فسوف نتجاوز هذه (المحنة) معا. أحبك. ومن المفارقات التي تكشفها الرسائل الإلكترونية المسرَّبة أن أسماء الأسد كانت قد واظبت طوال العام الماضي على التواصل عبر البريد الإلكتروني مع ميساء آل ثاني، كريمة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، وذلك على الرغم من استعار نار الخلاف السياسي والإعلامي والدبلوماسي بين قيادتي البلدين على خلفية الأحداث في سوريا وموقف الدوحة منها. تقول الغارديان إن ميساء آل ثاني كتبت في 30 يناير/كانون الأول الماضي فيما يبدو أنه عرض غير رسمي منها باستضافة أصدقاء العائلة القدامى، إذ تقول: بكل أمانة، وبالنظر إلى حركة التاريخ وتصاعد الأحداث الأخيرة، فلقد لاحت لنا نتيجتان: قادة يتنحون ويحصلون على اللجوء السياسي، أو قادة تتم مهاجمتهم بوحشية. أعتقد أن هذه فرصة سانحة للرحيل والبدء بحياة طبيعية من جديد. أنا واثقة من أن هنالك العديد من الأماكن التي يمكنكم اللجوء إليها، بما في ذلك الدوحة. ومن الرسائل اللافتة للانتباه أيضا واحدة تقول الغارديان إن ميساء آل ثاني كانت قد بعثت بها إلى زوجة الأسد أيضا في السابع من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، تقول لها فيها: عزيزتي أسماء، في رحلة قمت بها مؤخَّرا إلى تركيا، طلبت مني زوجة رئيس الوزراء (أردوغان) عنوان بريدك الإلكتروني، فهي تريد أن تراسلك، فقلت لها سوف أسألك عن ذلك أولا. تحياتي. م . أمَّا رد سيدة سوريا الأولى، تقول الصحيفة، فكان: تحياتي. أفضِّل ألاَّ تحصل على عنوان بريدي الإلكتروني، فأنا أستخدم هذا الحساب للعائلة وللأصدقاء فقط. وسيكون من الصعب علي في هذه المرحلة اعتبارها تحت أي من هذين التصنيفين، وذلك بعد الإهانات التي وجههوها إلى الرئيس. خلِّلي بالك. أأأ. ونظل مع الشأن السوري، ولكن مع الفايننشال تايمز هذه المرَّة، حيث نطالع على صفحتها الثامنة نص مقابلة أجرتها مراسلة الصحيفة، رولا خلف، مع الناشطة السياسية السورية المعارضة سهير الأتاسي في العاصمة الفرنسية باريس. وترسم المعارضة من خلال المقابلة صورة لما ترى أن الانتفاضة السورية قد آلت إليه بعد اكتمال عامها الأول، وهي المناسبة التي ربما تعني لها أكثر من غيرها من الكثيرين غيرها من المعارضين السوريين، لطالما كانت قد اعتُقلت بعد يوم واحد فقط من اندلاع أول المظاهرات المناوئة للنظام في العاصمة دمشق في 15 مارس الماضي. وتنقل الصحيفة، التي ترفق المقابلة بصورة لسهير الأتاسي، التي جرى تهريبها من دمشق بعد إطلاق سراحها من السجن في سوريا العام الماضي، قولها عن الانتفاضة السورية: أرفض فكرة أنها ثورة سنيَّة أو إسلامية، إنها ثورة حرية. وتمضي الأتاسي في شرح رؤيتها لتطورات الأحداث في سوريا قائلة إنها تؤيد تسليح الجيش السوري الحر وتمكينه من مقاتلة القوات احكومية والإطاحة بالنظام الحالي بالقوة. وتضيف: البديل الآخر هو أن تصبح الأسلحة في يدي كل شخص، وبالتالي يُفتح الباب على مصراعيه أمام الغرباء لتسليح بعض الجماعات لصالحهم، وهكذا ننتهي إلى حرب ميليشيا.