زبائنى كانوا من التجار والأعيان وبهوات المحافظة، ووصل بينا الحال فى مهنة الترزية إلى تصليح السوست وتقصير البنطلون، هكذا بدأ الحاج شفيق الشيمى أشهر ترزية طنطا أيام الزمن الجميل حديثه وقال لا أعرف سوى مهنة "الترزى"، فقد تعلمت على يد أكبر الترزية القدامى، وعشقت منهم المهنة، فهى تعتمد على الإبداع والتطوير والتفكير المستمر. يحكى شفيق ل"اليوم السابع" ويقول: خياطة البدل والعباءات الرجالى كانت من أهم المهن فى الأربعينيات وحتى سبعينيات القرن الماضى عندما زادت صناعة الملابس الجاهزة، لأن وقتها كان الأغنياء لا يقوموا مثل عوام المجتمع بشراء ملابسهم جاهزة، ولكنهم كانوا يقومون باختيار أغلى أنواع الأقمشة المستوردة ليقوم ترزى العائلة بتفصيلها على الموضة و"الموديل" الذى يتناسب مع كل فرد. تعلمت المهنة على يد أشهر ترزى فى محافظة الغربية وهو الحاج محمد البحيرى، فكان يعرف الشيخ متولى الشعراوى، وغيره من شيوخ الأزهر، ورجال الدولة والمسئولين، لأنهم كانوا يثقون فى ذوقه، هو من علمنى أن المهنة فن لشخصية الزبون، فكنا نتحدث مع الزبائن فى كل شىء فى الحياة العامة حتى نفهم شخصيتهم وتظهر فى شكل الملابس التى يطلبها. ولأنى أعمل فى محافظة الغربية فكان زبائنى من الأعيان وأصحاب العائلات الكبيرة، لهذا كان رزقنا واسعا من هذه المهنة، فجميعهم يأتون لنختار لهم شكل البدلة أو العباءة البلدى المناسبة لكل مقام وعائلة. وبعد تنهيده كبيرة يتذكر فيها الحاج شفيق أيام الزمن الجميل، يقول، كان العريس يستغرق ما يزيد عن 4 أشهر حتى نقوم بعمل "بدلة" الفرح وملابس الخروج للعمل والبيجامات الجديدة سواء الشتوى أو الصيفى، لأنها تحتاج وقتا كبيرا بين شراء الأقمشة القيمة وتفصيلها وعمل "بروفات" حتى يكون المقاس مناسب على العريس، ويشعر العريس وأهل بيته بالفرحة الحقيقية عند ذهابه لعمل مقاسات البدلة أو الملابس المنزلية، أما الآن الأمر اختلف كثيرا فيمكن لعريس وعروسة أن يقوموا بشراء جميع مستلزماتهم الشخصية والمنزلية من خلال الذهاب إلى مراكز التسوق التجارية "المول"، مما أثر على الفرحة العامة للعائلتين، وأثر على عملنا الآن. فنحن الآن نفتح لتصليح "سوسته"، "زورار"، إصلاح ما تلف فى جاكيت أو بنطلون، مما جعل المهنة تدفن مع الماضى بلا عودة، فهناك مجموعات من الشباب ورجال الأعمال يذهبون مع كل موسم إلى البلاد العربية أو الأجنبية، لشراء أحدث أنواع الملابس والتى يطلقون عليها كلمة "الموضة"، دون النظر إلى أنواع الأقمشة وقيمتها، ويبيعونها للكل بأسعار مضاعفة، ولأننا فى عصر السرعة يذهب الجميع لشرائها دون اهتمام بالنوع يكفى أنها على "الموضة".