منذ إستقلال الدولة الفلسطينية وتوقيع إتفاق أوسلو " إعلان المبادئ" على حدود العام 67 ، وما ترتب عليها من مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية إلى ارض من الوطن، على غرار الاتفاق والمساومة عام 94 ، والكل يحاول أن يجني ثمار كفاح ونضال شعب طال أمده وراح ضحيته آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين . ومن تلك اللحظة وتتقاذف علينا المسميات القيادية الواهية التي لا تخدم سوى مصالحها الشخصية و أفرادها ، ولا أريد أن أخوض كثيراً في تلك الأحداث- ما قبل الانقسام . وأنقل تركيزي إلى ما بعد أحداث الانقسام بين الضفة وغزة ونجاح حركة حماس بالأغلبية في الإنتخابات التشريعية ودخولها الدائرة السياسة بعد إفراغها من النضال والكفاح التي تنادي به . ودعوني هذه المرة أنتقد حكومتنا برام الله ، الحكومة المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد . في كل دولة لها حكومة سيادية تُمارس كل الأشكال القانونية بناءاً على السيادة الممنوحة لها ، فيكون رئيس الحكومة ،والوزراء لتكريس جهودهم لتحقيق آمال شعوبهم وإعطاءهم حقوقهم التي تكفلها كل القوانين الدولية وتطبيق قوانين العدالة الإجتماعية. مًصارحةً مع الواقع حتى لا يلومنا التاريخ ففي فلسطين -ارض الديانات السماوية، ارض الثورة والكفاح والنضال - نجد نوعٌ آخر من الوزراء فنجد الوزير وقبل أن يأخذ منصبه يتكلم بالمبادئ والثورة والحرية والعدالة . لكن سرعان ما تتبدد تلك القوانين على صخرة الأنانية والسيكوباتية، فيتكلم بالمصالح إذا حصل على منصب قيادي يحقق أمنياته وطموحاته في الكذب على شعبه من خلال ظهوره على الإعلام يملأ الدنيا ضجيجا بصوته الجهور كمحاولة لإقناع شعبه بمبادئه الخلاقة والدفاع عن نرجسيته العفنة ، لكن المثقف يعلم حجم النفاق في خطاباتهم . أريد أن أتسائل ، هل الوزير لخدمة العائلة والأصدقاء والمؤيدين ، أم لخدمة شعبه ووطنه ؟ . استغرب من سياسة تعيين الوزراء في حكومة د.سلام فياض من الشخصيات التي كانت قد فشلت في الانتخابات التشريعية والنقابية ،فللأسف نحن نعيش في زمن الديمقراطية المنقلبة على ديمقراطيتها ، وأصبحت مبادئها "الإنسان الذي يفشل في انتخاباته يصبح وزيرا" " وامتدح السلطة تصبح وزيراً " ، انه مبدأ ونظرية ديمقراطية رائعة تعطي الفاشل حقه السياسي في ممارسة التعبير والنفاق بالمبادئ . فالنفاق عند الوزراء في حقيقته طاعون عقلي ملعون، وهو موجود على طول التاريخ في حالة مد وجزر، لكن العجيب في هذا العصر أن المنافق يعلن نفاقه بكل حماقة وعدم اهتمام مقارنة مع المنافق في الماضي الذي كان حريصاً على التخفي . فكل وزير يعمل لمصالحه ومصالح أفراد عائلته والذين يعملون من اجل جلب الأنظار له، دون أن ينظروا إلى الفئات الأخرى من الكادحين الذين ينامون تحت ظلام المستقبل، والذين احمرت أيديهم من التهليل لمجيء السلطة ، والى آلاف الأرقام من الخريجين والعمال الذين لم ينالوا حقوقهم المكفولة لهم في الحصول على وظيفة تأخذهم من حالة اليأس والإحباط إلى حالة العطاء والبناء . بإعتقادي تلك الأنانية والتحولات الطبقية المتفشية بين صفوف أحجار الشطرنج من الوزراء، تجعل الشباب والنساء والشيوخ يفقدون الثقة بالوطن وتجعل الثورة بالنسبة لهم ارتقاء مستوزرين على حسابهم . فهل من المنطق والوطنية أن ينتظر المريض تصريح خروجه من غزة إلى القدسورام الله للعلاج ، ومرتزقة الوزير يخرجون من اجل اللهو وتضييع الوقت بدون انتظار؟. .... وهل يُعقل أن يتم التوظيف والترقية لمرتزقة الوزير وعلى مراتب عالية وبرواتب خيالية قد تُعيل عدد من الأُسر في ظل مشكلة البطالة؟ وخاصة في ظل التحدث عن عدم التوظيف في غزة ؟ . هذا هو نموذج وما خفي أعظم ، علينا قبل الحكم على الوزير من خطاباته وأفعاله الكاذبة أن نرجع إلى أفعاله وخاصة الذين خرجوا من غزة ضاربين مبادئهم عرض الحائط، وإنخراطهم بالمجتمعات البرجوازية التي لم تشعر بحال أهل غزة . سؤال يدور في ذهني أين دعاة الشفافية في حكومة فياض، ودعاة الدولة في السلطة؟ ، إذا كانت الدولة الفلسطينية ستقوم على المحسوبية التي أفقدتنا لذة الولاء للوطن فلا نريدها منكم . اخجل من نفسي عندما انظر إلى الوزير الذي يمثلني في الاقتصاد والدين و و و و باقي الوزارات ، فماذا كان الوزير قبل أن يكون وزيرا؟ وما هي مؤهلاته ؟ . وما هي السيرة النضالية له؟ لكي يتكلم باسم الشعب الفلسطيني الذي وضع أسس الكفاح والنضال لكي يحصل على حريته وعلى إستقلاله وعندما صار لنا وزيرا أصبح يتحدث باسمه وعائلته وأصدقائه ، ولا يتكلم باسم الذين أوجدوه على الكرسي من المناضلين . أيها الوزير لقد انتقلت إلى عش البرجوازية العفنة ، تطير بطائرة مُزينة بالنفاق من رام الله إلى غزة ومنها إلى باقي الفضاء في العالم فهنيئا لك ، وأصدقائك وعائلتك الذين يمرون على حواجز الاحتلال بتصاريح الخزي والعار ، وشعبنا يتذوق جرعات الألم واليأس في غزة المحاصرة ، والضفة المقسمة بالحواجز . فكفى لمسرحية العار وكفى لممثليها من البرجوازيين .