لماذا نتهم نحن الصحفيين احيانا بأننا قوم نأكل علي كل الموائد.. نغير جلودنا مثل الافاعي ونتلون مثل الحرباء ؟! أطرح هذا السؤال علي نفسي قبل أن أواجه به الآخرين.. ربما لم اكن يوما قريبا من النظام السابق ولكني كنت وغيري ممن يعملون في هذه المهنة وبشكل أو بآخر نجد أقلامنا تسير في اتجاه واحد سواء كنا راضين بما نكتبه أو لم نرض.. المهم أن تكون مستوعبا للدرس الأول في بلاط صاحبة الجلالة أو بمعني أدق في الصحف القومية وهو: "لاتهاجم.. لاتنتقد"!.. ففي النهاية كانت الرقابة الذاتية بداخلنا هي أقوي مليون مرة من شخص الرقيب وهو العسكري الذي يجاور مكتبه مكان المطبعة فتتاح له بالتبعية معرفة ما تنشره صحف الغد أيام مراكز القوي.. ورحل الرقيب لكن بقيت تعليماته بداخلنا يتوارثها جيل بعد جيل.. تماما مثل المصابين بمرض السادية الذين يجدون لذة ما بعدها لذة في جلد الذات! حتي الذين تعودت اقلامهم علي الهجوم في صحفهم سواء الحزبية منها أو المستقلة بعضهم لم يأت هجومه بوازع من ضميره وابتغاء مرضاة الله عز وجل وانما بهدف ما لايدرك كله لايترك كله.. هم نفس الوجوه الذين كانوا يهاجمون النظام السابق في الصباح تجدهم في المساء يرتدون الملابس الانيقة في حفلات عشاء المسئولين الكبار في المراكب السياحية أو في الفنادق ذات السبع نجوم! كنت مضطرا لهذه المقدمة الطويلة لاني ما أراه الآن داخل الوسط الصحفي لايختلف كثيرا عن براعة الراقصات المحترفات في هز الوسط في كل اتجاه.. لاضير من ان نكون مع النظام الجديد المهم ان نحافظ علي بقائنا.. في الماضي كان مبارك أبانا الذي لولا حكمته لغرقنا وغرقت مصر في حروب.. بل غرقت الامة العربية جمعاء.. وسقط مبارك وأخذ مكانه مؤقتا المجلس العسكري.. إذن يعيش المشير الذي حمي الثورة.. بل هو ومجلسه ال 18 يحمي كل مصري في بيته.. وهي نفس الاقلام التي كانت تسبح بحمد مبارك تجدها الان تلعن سلسفيل ابوه ولا تختلف كثيرا الصورة في بعض الفضائيات! رئيس تحرير أحدي الصحف القومية قبل ان يتنحي أو يتخلي مبارك كان يتهم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة سابقا بأنهم وراء هذه الفوضي التي عمت البلاد...الآن يفتح صحيفته علي مصراعيها لقيادات الأخوان يكتبون فيها مقالات ثابتة ولا أعلم هل هو من باب تكفير الذنوب في حقهم وان الاعتراف بالحق فضيلة.. أم هو رهان علي ذاكرتهم بنسيان الماضي؟! فخطئ من يظن ان رئيس وزراء مصر القادم لن يكون من خارج حزب الحرية والعدالة وكذلك رئيس مجلس الشعب ولن تكون مفاجأة حينما يفوز أحد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية من التيار الإسلامي.. والسؤال هنا: ماذا ستفعل الحكومة القادمة مع من كانوا يقولون فيهم ما قاله مالك في الخمر؟!.. لو تركوهم من باب عفا الله عما سلف يكونوا أي حكومة الحرية والعدالة خالفوا اهداف الثورة ومطالب الثوار بضرورة اصلاح الجهاز الإعلامي في مصر سواء في المؤسسات القومية أو في التلفزيون الحكومي! قديما قال هتلر: "اعطني إعلاما مزيفا اعطيك شعبا بلا وعي"! .. وأي ترقيع في هذا الجهاز الذي يشكل وعي الناس سيعيدنا إلي سابق عهدنا: "عاش الملك.. مات الملك "! لست من قراء الكاتب الصحفي الكبير الدكتور عبدالحليم قنديل.. لكني احترمه. كنت خائفا من تعيين اللواء محمد إبراهيم وزيرا للداخلية.. فأنا اعرفه جيدا رجل أمن محترف يميل للقسوة .. لكني اخطأت التقدير وأري أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يقترب من كتابة اسمه بحروف من نور تماما مثلما أحب المصريون اللواء أحمد رشدي..