منذ أسبوعين تقريبا ظهرت مذيعة الجزيرة الزميلة "خديجة بن قنة" على إحدى الفضائيات العربية ، في برنامج كان يناقش ظاهرة حجاب الفنانات بعد أن قررت حنان ترك ارتدائه وبعد الحملة التي تعرضت لها من قبل أعداء العفة ومحترفي "تجارة الجسد" الذين أثروا ثراء فاحشا من أجساد الممثلات ، من مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو. قالت خديجة إن زميلاتها من محررات قناة الجزيرة ، تأثرن بحجابها وقلدناها ، وما لاتعرفه الزميلة إن العشرات مثلهن من بنات وزوجات المسلمين تأثرن بها أيضا ، ليكون لها مثل ما لهن من أجر وثواب . وكشفت خديجة إن إحدى المجلات الأمريكية اعتبرتها واحدة من بين أكثر النساء العرب تأثيرا في بني جنسها ، وهو كلام صحيح ، لتصبح الصحفية الجزائرية أكثر شهرة ونجومية وحضورا ليس على الشاشة ولكن في قلوب وصدور من فرحوا بحجابها ، ليصدق عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه " من ترك شيئا لله بدله الله تعالى خيرا منه " بعض الزملاء اشتاط غضبا منها عندما أعربت في حديثها عن دهشتها واستغرابها من أن يسمح التليفزيون الدنماركي والسويدي بمذيعات مسلمات بالظهور على الشاشة بحجابهن ، فيما يرفض التليفزيون المصري في بلد الألف مئذنه والأزهر الشريف والإسلام الوسطي والمعتدل ، ظهور أية مذيعة محجبة ، ويطردهن من ماسبيروا ويطاردهن في قاعات المحاكم حتى لا ينلن حق ارتداء الحجاب في التليفزيون ! من غضبوا من هذا الكلام ، قالوا لي إن خديجة تعصبت لجزائريتها ، وتساءلوا : لماذا لاتنتقد إلا التليفزيون المصري ؟! وشعرت حينها وكأني بين جمهور مصري يشاهد مباراة كرة قدم بين مصر والجزائر! بل زادوا إن مصر تتعرض لمؤامرة من العرب لاضعاف ريادتها الإقليمية والدولية في مجال الإعلام ! طبعا كان هذا التفسير مضحكا ، فمصر تخلت عن ريادتها منذ زمن بعيد ، ولم تعد تحتاج إلى مؤامرات خارجية عربية أو دولية ، في ظل الفساد المستشري في مؤسسات الدولة منذ ربع قرن ، الذي أعادها إلى ذيل الترتيب الدولي في كل شئ من الرياضة إلى الجامعات إلى الفن والمغنى ، أما الإعلام المصري الرسمي فقد بات معروفا أنه أعرق مؤسسة فساد وإفساد في مصر ، على المستوى المهني والمالي والإداري والأخلاقي. خديجة لم تفتر الكذب على الإعلام المصري ، فهي أولا مسلمة يهما أخواتها المسلمات في أي مكان في العالم سواء كن إعلاميات أو أميات ، ثانيا فإن ما يحدث بالنسبة للمذيعات المحجبات في مصر ، يعد فضيحة سواء أكان يتعلق بشأنها المحض أو بشأن تداعياتها المخجلة والفضائحية . قضيتهن مثل بقية القضايا الأخرى مثل جريدة الشعب وحزب العمل والعشرات غيرها ، والتي اثبتت أن حركة القضاة من أجل نيل استقلالهم ، هي معركة كافة طوائف الشعب المصري ، وانتصار القضاة فيها هو انتصار للمصريين جميعا ، في نضالهم من أجل حمايتهم من تغول وتوحش واستبداد وقمع وديكتاتورية السلطة التنفيذية . لقد فشلت المذيعات في تنفيذ أحكام قضائية لصالحهن ، وطرقن كل الأبواب التي رأين فيها امكانية أن تجعل الحكومة تخجل ويكون عندها "شوية دم" وتحترم أحكام القضاة ، وتعيدهن إلى أعمالهن بحجابهن دون جدوى . ولجأن مؤخرا إلى رئيس الجمهورية يستغثن به ، وهو منحى بالغ الدلالة يعني أن تنفيذ حكم قضائي في مصر لن يكون متيسرا أو سهلا إلا إذا نال رضى وموافقة مؤسسة الرئاسة ! المهم إن الرئيس مبارك حتى الأن لم يرد عليهن ! .. تُرى هل لم تصله رسالتهن أم هو موقف رئاسي رسمي من ظاهرة الحجاب في مصر ؟! [email protected]