لو عدنا خطوة واحدة للخلف في حرية الصحافة، لخسرنا جميعا .. حاكم ومحكوم .. ولأنتصر الفاسدون، وفقدنا حصيلة سنوات من الحرث والتمهيد لدولة متحضرة، وأجيال جديدة واعدة لأنها عاشت الحرية .. ولغرقنا في الجهل واليأس والتخلف والجشع، وعدنا لمصيدة الإعلام المتربص بالوطن البارع في طمس الحقائق وبذر الشائعات .. ولأصبحنا عميانا يقودون عميانا . في السبعينات كان الرقيب موظفا حكوميا في الجريدة، ولم يرحل منها إلا بعد احتلال عقول الصحفيين .. وزرع الخوف في قلوبهم وأقلامهم، وتدريبهم أبواقا تلقائية للسلطة خوفا من الاعتقال أوالانتقام .. ووصموا الصحافة بوصمة كلام جرايد. لكن في سنوات حكم الرئيس حسني مبارك تبدل الحال تدريجيا .. عاد للصحفي احترامه .. أصبحنا نكتب الحقيقة بقدر المتاح لنا من معلومات .. عدنا آمنين علي أنفسنا في التعبير عن متاعب، واحتياجات القارئ .. عادت الصحافة سلاحا ومنبرا.. عاد الوزير يحاسب ويحاكم علنا مثل أي موظف عام .. وأصبحت لدينا صحف مستقلة ومعارضة .. وبدأنا نتعافي مهنيا، وميزان الثقة يعتدل .. وعاد القارئ يعي ويقارن ويميز ويختار فيمن يثق . أما تجاوزات بعض الصحفيين والإعلاميين، فهي حصاد سنوات القمع والرقابة، وزرع كتاب التقارير الأمنية بيننا داخل الجريدة .. وتعيين أقل الكفاءات المهنية في المناصب القيادية ليتمتعوا بمرتبات خرافية، ويمارسوا السلطة والسلطان علي كل من يهدد عروشهم الهشة من زملائهم!.. أغلبنا عاني سنوات من التجميد والتهميش لإصراره علي احترام قدسية المهنة وأمانة المسئولية.. حدوث التجاوزات أمر طبيعي في مرحلة الانتقال من شدة التعتيم الي تحمل الصحفي مسؤلية كلمته .. لذلك أطالب وأتمني، أن تمارس النقابة مع المجلس الأعلي للصحافة مسئوليتهما في تثبيت هذه الحرية، وعلي كرامة الصحفي ماديا ومهنيا .. فلا يتنافس ويتكالب الصحفيون لدخول مزاد الفضائيات العربية والجرائد الخاصة، لشرائهم مقابل التهليل لمصالح صاحب المال .. إن ضآلة مرتبات الصحفيين والإعلاميين هي السبب والنتيجة .. فأين أنت يانقيبنا العزيز ؟ .. وإلي متي الصمت والانتظار ؟ .. عموما كلنا علي استعداد لمساندتك.