مشرف المشروع :الهيئة الهندسية للجيش توفر 500 مليون جنيه من تكلفة الحائط الجداري 100 ألف قطعة أثرية يحتضنها 117 فدانا.. وتوسيع الصحراوي للزوار علي مَقربة من الأهرامات الثلاثة بالجيزة، يقبع المتحف المصري الكبير بميدان الرماية، تحديداً علي بعد كيلو مترين منها، بطريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي.. المتحف نجم جديد يبزغ بإطلالة مَهيبة، ولد عملاقأ بموقعه الفريد، كما ينفرد بعرض كنوز الفرعون الذهبي الملك »توت عنخ أمون» كاملة لأول مرة، ليس هذا فقط بل ينفرد أيضاً بهوية تُعد حالة خاصة، فالرسالة الرئيسية التي سيبوح بها المتحف لزائريه، هي: قصة »المَلَكية في مصر القديمة»، منذ أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد من الحضارة المصرية، حيث حُكمت البلاد من قِبل ملك واحد، وسيصبح المتحف المصري الكبير أكبر متحف للآثار المصرية في العالم حيث يضم 100 ألف قطعة أثرية علي مساحة 117 فدان. »الأخبار» قضت يوماً كاملاً داخل المتحف المصري الكبير، لتكشف عن أسرار جديدة يبوح بها المتحف لأول مرة وسط سيمفونية رائعة يعزفها أكثر من 5 آلاف من العاملين، هم أبطال هذا الإنجاز الضخم الذي تصل تكلفتة إلي مليار دولار .. يعملون تحت وطأة الشمس الحارقة، عزيمتهم وهمتهم لا تمل ولا تكل أو تهدأ يوماَ، حتي في أصعب الظروف التي مرت بها مصر أثناء أحداث ثورة 25 يناير، تعثر قليلاً وتباطأ معدل الإنجاز.. لكنه لم يتوقف يوماً، ويُنتظر افتتاحه جزئياَ نهاية العام القادم 2017. ** في البداية التقينا مع دينامو العمل د. طارق سيد توفيق، المُشرف العام علي مشروع المتحف المصري الكبير، بمقر مركز ومعامل الصيانة والترميم بالمتحف بمدخل طريق الفيوم الصحراوي، وقبل الدخول في تفاصيل المشروع، بادرته بسؤال: هناك مشكلة مرورية ستواجه الأتوبيسات السياحية والسيارات الخاصة بعد افتتاح المتحف نظراً لضيق طريق إسكندرية الصحراوي.. كيف سيتم حلها؟ ابتسم د. طارق توفيق قبل أن يجيبني قائلاً: تم وضع كل شيء يتعلق بهذا المشروع القومي العملاق في الحسبان، نظراً لأن المتحف الكبير يُعد أكبر متحف للآثار المصرية في العالم، يتميز بموقعه العبقري المُطل ببانوراما فريدة جذابة تري الأهرامات الثلاثة. ويضيف: سيتم قريباً، قبل نهاية العام البدء في توسعة طريق» إسكندرية الصحراوي»، لأن المدخل الرئيسي للمتحف سيقع عليه، وسيصل عرض الطريق بعد توسعته إلي»4» حارات في كل اتجاه- بدلاً من حارتين فقط حالياً- أي»8» حارات في الاتجاهين- بدلاً من»4» حارات مرورية حالياً في الاتجاهين- إلي جانب تخصيص حارة إضافية داخلية بأرض مشروع المتحف الكبير للإتوبيسات السياحية لإنزال السياح وذلك لتحقيق السيولة المرورية، لتبدأ رحلة الزائر بالدخول للمتحف سيراً علي الأقدام. دور الهيئة الهندسية ويشير المشرف العام علي المشروع، إلي الدور المُهم الذي يقوم به خبراء الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة حالياً في الإشراف علي تنفيذ أعمال المقاول العام للمشروع، كما تقوم الهيئة بالعمل علي ترشيد نفقات أعمال الإنشاءات بما لايتعارض مع التصميم ومستوي التشطيبات، وقد استطاع خبراؤها في إيجاد بعض الخامات المُوفرة في البناء، وكذلك الاهتمام ب»الحائط الجداري» الجمالي المُميز، الذي يُمثل في التصميم الواجهة الأساسية للمتحف، وتقوم حالياً بدراسات ناجحة لترشيد تكلفة الواجهة التي كان من المقرر أن تصل إلي أكثر من مليار جنيه، سوف تؤدي إلي توفير نصف هذا المبلغ، دون المساس بالتصميم الأساسي.. ويضيف د. طارق توفيق: لقد تم الانتهاء من مرحلتي الإنشاء الأولي والثانية في عام 2009، وتشملان تجهيز وإعداد موقع المتحف، ووحدة كبيرة للإطفاء، ومحطتي محولات لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة، بالإضافة إلي بناء أكبر مخازن متحفية حديثة ومؤمنة، التي تم إقامتها تحت مستوي سطح الأرض لتوافر الظروف البيئية المُناسبة لحفظ الآثار بطريقة آمنة.. بالإضافة إلي المركز الدولي للصيانة والترميم المُجهز بأحدث المعامل والتقنيات العالمية، ويضم 17 معملاً لتحليل وترميم القطع الآثرية والآثار الواردة من مختلف المناطق الأثرية والمتاحف، ويقوم بهذه المهمة أكثر من 200 مُرمم، وأخصائي وفني. ينتقل د. طارق توفيق، إلي أعمال المرحلة الثالثة والأخيرة للمتحف الكبير، التي تتم حالياً فيقول: تشتمل إقامة المرحلة الأخيرة المبني الرئيسي للعرض المتحفي علي مساحة أكثر من» 93» ألف متر مربع، كان من المُقرر أن تنتهي في عام 2013، ثم تأجلت لعام 2015، وإن كان العمل لم يتوقف يوماً في المشروع خلال تلك الفترة، حتي أثناء الظروف الصعبة التي مرت خلال أحداث ثورة 25 يناير، لكنه كان يسير ببطء نتيجة لعدم توافر السيولة المادية، وهي من أهم العقبات التي واجهت المشروع، ولتعويض هذا التأخير خصصت الحكومة 216 مليون جنيه من ميزانية»2015-2016 »، لاستكمال أعمال الإنشاء، وسيتم توفير 300 مليون جنيه بواقع 100 مليون سنويا بدءاً من »2016- 2017»، ويواصل: عند طرح المشروع للتنفيذ في عام 2009 بلغت قيمة العقد»850» مليون دولار، في حين تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع حالياً »مليار دولار»، بتمويل مصري تتحملها الحكومة المصرية، حيث تم الحصول في بداية المشروع علي قرض ياباني مُيسر بواقع»300» مليون دولار، وحالياً نسعي للحصول علي قرض مُيسر ثان مُيسر يجري التفاوض عليه مع الجانب الياباني وتبلغ قيمته»450» مليون دولار، حيث تولي اليابان اهتماماً خاصاً بالمتحف، هذا بجانب التبرعات والمُساهمات المحلية والدولية ، ونبحث حالياً آلية إيجاد وسيلة لجمع التبرعات بشكل مُبتكر، أسوة بالمتاحف العالمية، عن طريق تخصيص جزء بالفناء الخارجي»الساحة» المؤدي للمدخل، بحيث يمكن لكل شخص سواء مصريا أوعربيا أو أجنبيا، يود أن يقوم بمساندة مشروع المتحف مادياً أن يشتري »بلاطة» يكتب عليها اسمه بهذا الفناء، ويتم حالياَ دراسة الشكل النهائي لتلك البلاطات.. ويوضح د. طارق توفيق، أن المرحلة الأولي» الجزئي» لافتتاح المتحف الكبير، تشمل: عرض مجموعة مُقتنيات الفرعون الذهبي الملك »توت عنخ آمون»، التي ستعرض لأول مرة بالكامل بالدور»الثالث»، وسيتم تخصيص قاعة لها مساحتها »7 » آلاف متر مربع، تخصص لعرض أكثر من»4500 »قطعة»، بنفس أسلوب توزيعها في مقبرته الأصلية بالبر الغربي بالآقصر، وهناك نحو»100 » قطعة أثرية ضخمة من التماثيل والعناصر المعمارية يشاهدها الزائر، وهو يصعد عبر »الدرج العظيم»، ليصل إلي قاعة عرض آثار الفرعون الذهبي. كما سيتم عرض مركب »خوفو» الثانية، في قاعة مخصصة لها بعد تجميعها وترميمها وإعادة بنائها، بالتعاون مع خبراء جامعة»واسيدا» اليابانية برئاسة د.»ساكوجي ياشيمورا». وسوف يتم توفير وسائل تفاعلية لتوفير المعلومات الآثرية للسائحين، والرد علي الإستفسارات والأسئلة وتقديم شرح وتبسيط للمعلوماتها الأثرية.. ويشرح توفيق، خطة نقل الآثار للمتحف الكبير إلي المخازن ومركز الترميم لإعدادها للعرض، قائلاً: من المُنتظر أن يضم المتحف »100» ألف قطعة أثرية مُتنوعة منقولة إليه من مختلف المناطق والمخازن الأثرية المتحفية (50 ألفا بالعرض و50 أخري بالمخازن) وقد بدأت بالفعل أعمال نقل القطع من كافة المحافظات، ثم يبدأ بعدها نقل قطع من المعروضة بالمتاحف، ويؤكد د. طارق توفيق، أن المتحف يُعد نقلة نوعية هائلة في متاحف العالم، فهو يتميز بخصوصية مصرية تُعبر عن مرحلة ماقبل التاريخ مروراً بالعصر الفرعوني وحتي العصرين اليوناني والروماني علي مدي خمسة آلاف عام، كما يُعد المتحف الكبير- أكبر متحف للآثار المصرية في العالم. بأسعار المتاحف العالمية بالنسبة لأسعار التذاكر للزائرين للمتحف الكبير- يشير د. طارق توفيق، إلي أنها ستكون في متوسط أسعار تذاكر المتاحف العالمية، ووفقاً لدراسات الجدوي من المُتوقع أن يستقبل المتحف الكبير بعد افتتاحه رسمياً بالكامل، ما بين»5- 8 ملايين» زائر سنوياً.. ومن المُنتظر أن يصل عدد زائريه نحو 15 ألف زائر في اليوم بعد افتتاحه نهائياً. يصحبنا الآثري محمد عطوة، مسئول سيناريو العرض وقواعد البيانات ومخازن الآثار بالمتحف الكبير، في جولة لشرح التفاصيل.. ولكن من أين نبدأ.؟ البداية- كما يقول الأثري عطوة- من جوهرة تاج المتحف المصري الكبير، وهي مجموعة مُقتنيات»توت عنخ آمون».. يضيف: لدينا بالفعل تصور لسيناريو العرض لكنوز الفرعون الذهبي»توت عنخ آمون»، بتخصيص مساحة 7 آلاف متر مربع بالدور الثالث»المستوي الثالث» لعرضها علي نفس توزيعها في مقبرته الأصلية وقت اكتشافها. يستطرد الآثري محمد عطوة: تنقسم موضوعات العرض الرئيسية إلي»5» موضوعات رئيسية، وهي تعبر عن إرهاصات وبدايات قصة اكتشاف المقبرة، وتتبع سنوات عديدة من التنقيب التي أجريت في »وادي الملوك» بالبر الغربي بالآقصر، من عام 1902 فصاعداً من قبل علماء الآثار بما في ذلك»هوارد كارتر» مُكتشف المقبرة تحت قيادة »ن كارنارفون»، وستكون هناك لمحة عامة عن الاكتشافات السابقة التي اقترحت وجود مقبرة، وفي هذا القسم الاول ستوضع الأدوات الحقيقية للوصف وليس فقط الحفائر، ولكن أيضاً الأدوات التي استخدمت في عمليات التوثيق والحفظ المبتكرة. والموضوع الثاني: »الهوية:» فكما يقول عطوة فانه يركز علي الملك نفسه، آبائه، كيف أصبح ملكاً، تغيير أسمه، علي الرغم من أن محتويات المقبرة تخبرنا قليلاً من غرائب عن الرجل، وتربيته والأحداث في عهده والثالث: الفن، ويضم أربعة »مقاصير ذهبية» وضعت في الأصل علي التابوت في غرفة الدفن، وهذا الموضوع يدخل الزائر إلي معدات جنازة الملك ووظائفها، ويسعي لإلقاء الضوء علي حالة خاصة لدفن »توت عنخ آمون».. والرابع: الحياة اليومية: يعرض جميع القطع الأثرية التي تضمن الحفاظ علي الوضع الملكي للملك في الآخرة، وللحفاظ علي حياة الملك علي الأرض علي قيد الحياة، والعديد من هذه القطع يمكن استخدامها في محاولة لفهم المزيد عن كيفية حياته ، كما أن عددا منها أيضاً يضرب أمثلة جيدة من الإبداع والتكنولوجيا المتطورة عند المصريين القدماء مثل ملابسهم ومأكلهم وشربهم ، وسوف يضم العديد من رموز الملكية، من أزياء. معوقات مالية من داخل موقع العمل الذي يجري به علي قدم وساق، التقينا مع مايسترو المشروع المهندس جورج كيرلس، المدير التنفيذي لإنشاء المرحلة الأخيرة من المتحف المصري الكبير بالرماية بشركة»أوراسكوم»، فيقول: المتحف المصري الكبير يُطل علي أهرامات الجيزة الثلاثة، ومُصمم بحيث يكون من أكبر المراكز المتحفية في العالم بل، بل أكبر متحف آثار في العالم علي الإطلاق، ويضيف: بدأ العمل في المشروع منذ مارس 2012، وكان المُقرر أن ينتهي في يوليو 2015، ولكن تأخر بسبب بعض المعوقات منها مالية، وأخري هندسية نظراَ لصعوبة تنفيذ التصميم الهندسي للمشروع، لأنه» مُعقد جدا»، حيث من المُعتاد أن يكون أي منشأ- مثلاً - علي شكل دائري أو مستطيل خطوطة مستقيمة ومتوازية، لكن الوضع في تصميم المتحف الكبير اختلف تماماً، فتقوم فكرته علي نقطة تخيلية، يخرج منها » آشعة» تنتشر في الفضاء لتكون في النهاية »الثلاثة أهرامات» كمنظور، هي خطوط غير متوازية في الاتجاه الأفقي، والاتجاه الراسي، وخطوط مائلة، لذلك لايوجد خطين متعامدين أو متوازيين، كذلك فإن سقف المتحف عبارة عن أشكال أهرامات ويكمل المهندس جورج كيرلس، مضيفاً: إن العمل بالمشروع يجري حالياَ علي قدم وساق، ويبلغ عدد العاملين الآن »5» آلاف مهندس وفني وعامل، ونحو أكثر من»320» مُعدة، وسيصل إلي»8» آلاف عامل مع تقدم العمل بالمشروع في ذروته، ويؤكد، أنه سيتم الافتتاح الجزئي للمتحف في أعياد أكتوبر 2017، »حال توافر التمويل»، وقد بلغت معدلات التنفيذ حالياً نحو40 % من إجمالي المشروع، ونحو 90% من أعمال الخرسانة. ثلاثي الأبعاد ويواصل المهندس جورج كيرلس قائلاً: يُقام المتحف المصري الكبير علي مساحة إجمالية تبلغ»117» فداناً، حوالي»491» ألف متر مربع، تبلغ عرض واجهته المبني الرئيسي للمتحف علي الطريق الصحراوي حوالي»800» متر ، وبعمق» 700» متر، وإرتفاعه مابين» 30 و40 متراً» ومُقسم إلي 3 مستويات» طوابق»، ويشير المهندس جورج كيرلس، إلي أنه يجري العمل حالياً في أعمال التشطيبات في المستوي الأول منه، ويضم»الدرج العظيم» المُمتد عبر الثلاث مستويات، وعدد من القاعات منها قاعة» توت عنخ آمون»، والبهو الذي سيتصدره تمثال» رمسيس الثاني».. ويؤكد المهندس جورج كيرلس، إلي أنه تم استخدام لأول مرة تكنولوجيا حديثة في تنفيذ مشروع المتحف الكبير، بنظام برنامج »بيم» BIM ، وهي إنشاء المتحف »ثلاثي الأبعاد» علي جهاز الكمبيوتر ، وبالتالي يمكن تلافي أي مشكلات تحدث أثناء التنفيذ ويستطرد مضيفاً: يصل إجمالي مساحة المبني الرئيسي نحو 133 ألفا و282 مترا، ويصل مجموع المساحات المبنية نحو 166 ألفا و 965 متر مربع، وإجمالي مساحة المعرض قاعات العرض» بمساحة 93 ألفا و 38 مترمربع، ومبني قاعة ومركز المؤتمرات الجاري تشطيبه حالياً بمساحة أكثر من 40 ألف متر مربع الموجود علي يمين البهو، ومبني التذاكر الجاري تشطيبه، وخدمات السائقين قرابة ألف متر مربع، والكافتيريا أكثر من 3 آلاف متر مربع، ومبني الصيانه»الطاقة» حوالي 17 ألف متر مربع تم الإنتهاء منه، ومطاعم الهرم بمساحة حوالي 6 آلاف متر مربع.. ويضيف: كما تتضمن مكونات المتحف الأساسية أيضاً حائط»خوفو» الجاري تصميمه» ليصبح واجهة المتحف، وحائط»منقرع»، وبهو »رمسيس»، وحديقة المعبد ، وأخري للمنحوتات، ومدرجات هرم»خوفو»، والممشي السياحي، وحديقة للطفل، ومبني مركب الشمس »خوفو» الجاري وبالإضافة إلي المدخل الرئيسي للسيارات، ومواقف للسيارات للزوار والمرشدين السياحيين، والساحة الرئيسية ومدخل كبار الزوار، ومحطة مترو الأنفاق» الخط الرابع».