شن د. رفعت القاعوري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الادارية هجوماً شديدا علي الحكومات العربية التي تنفق أموالا طائلة علي الاستثمار في العقارات وتتغافل عن الاستثمار في البشر ولو حتي بنسبة ضئيلة من المنفق العام.. بل تبذل مجهودا كبيرا في التعديلات التشريعية ولا تبذل أي مجهود في تدريب الجهاز الحكومي فضلاً عن ان محاولات الاصلاح الاداري قصيرة النفس وتلك المحاولات لا تمنح الوقت الكافي لتبلغ غايتها كما طالب بالكف عن تصغير دور الحكومات والاقلال من تأثيرها وخاصة ان بعد زلزال الأزمة الاقتصادية والمالية حيث أثبتت الادارة الحكومية انها الحارس الأمين للمصلحة العامة. البشر أهم من الحجر الهجوم والمطالبة جاءتا في افتتاح المؤتمر العربي الأول للتنمية البشرية الذي عقد بجامعة الدول العربية تحت عنوان "الواقع والتطلعات والتحديات" ولكن العنوان الحقيقي الذي طرحته الجهات المنظمة له وهي الجهاز المركزي للتنظيم والادارة والمنظمة العربية للتنمية الادارية وديوان الخدمة المدنية بالأردن كان "البشر أهم من الحجر". ولأن الهدف ممتد فقد أعلن د. رفعت ان المؤتمر سيعقد سنوياً وفي نفس الميعاد في كل بلد عربي إلي ان يتم الاستثمار الحقيقي للبشر الذين يعدون الثروة الحقيقية للمنظمة العربية بأثرها. ويضيف د. الفاعوري ان المنطقة بأثرها ينقصها الأنظمة الخاصة باختيار واعداد القيادات الادارية ومع ذلك أصبحت اتجاهات العمل الاداري تميل للأخذ بنظام فرق العمل وأساليب تتسم بالشفافية والنزاهة. ولكن د. صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والادارة يري بعيداً عن الهجوم ان هذا المؤتمر عقد لتشخيص واقع القوي البشرية ودراسة الواقع الاداري في ظل الأدوار المتجددة للحكومة في ادارة شئون الدولة. مزيد من الصراحة ويضيف د. النحاس.. يجب ان نكون أكثر صراحة مع أنفسنا فيؤخذ علي القوي العاملة العربية انخفاض انتاجية العمل واستئثار قطاع الخدمات بالنصيب الأكبر من اجمالي القوي الوظيفية. وعاب د. النحاس علي ان معدل النمو في النشاط الاقتصادي أدني من معدل النمو السكاني وخاصة في الريف الذي تنتشر فيه البطالة. وفي الحكومة نجد ارتفاع عدد الموظفين في الوظائف المكتبية وارتفاع نسبة العمال غير الماهرة في العديد من قطاعات الدولة يقابل هذه العيوب تراجع القدرة علي التشغيل والتعيين مع ارتفاع أعداد الداخلين لسوق العمل.. ففي مصر ثلث سوق العمل يعمل في الجهاز الاداري للدولة. بناء الإنسان كل ما سبق من مصارحة يفرض علينا التركيز علي بناء الانسان باعتباره عملية شاقة حتي نقلل الفجوة الواسعة بين مخرجات التعليم والاحتياج إلي عمالة ماهرة منتجة في ضوء الدور الجديد للحكومة حيث تفرغت الحكومة إلي اتخاذ القرارات والقطاع الخاص يقوم بالتنفيذ وتقوم الحكومة بالمراقبة أثناء التنفيذ للتأكد ان التنفيذ يتم وفقاً للمعايير هذا أولاً. أما ثانياً.. فستصبح الحكومة مملوكة للمجتمعات المحلية بمعني التوسع في تطبيق اللامركزية بنقل المزيد من الصلاحيات إلي الحكومة المحلية. ثالثاً.. الحكومة ستدار بالمواطن.. حيث تلبي مطالب المواطن وليس ممارسة سلطة عليه. رابعاً.. حكومة تنافسية.. بمعني تطور طرق تقديم الخدمات وكيفية توصيل الخدمة للمواطن لتحقق عائدا ماديا وليس مجرد الانفاق علي الاحتياجات الاستراتيجية آخذة بذلك بآليات السوق ولهذا سيتم التحول بالهياكل التنظيمية من البناء الهرمي إلي الهياكل المسطحة ومعني ذلك تشكيل مجموعات عمل لتحقيق مبدأ الادارة بالأهداف. الحكومة.. نجحت ويعترف د. النحاس ان الحكومة المصرية حققت نجاحات في سياسة التعيين والتي أصبح معيار الجدارة هو الفيصل الوحيد فيها ومعظم الخدمات أصبحت الكترونية وإتاحة المعلومات الخاصة بخدمات الجمهور.. كما أصبح هنهاك نظام جديد للهيكل الوظيفي والترقيات وخطط التدريب وقياس الانتاجية بقوانين ولوائح القطاع الخاص. ولم يعد هناك موظف كبير علي المحاسبة والمساءلة.. واقتصر التعاقد علي المهام غير الاساسية. علي رأي المثل ويري د. النحاس ان الانتقال إلي بيئة عمل منافسة تصنع الجودة الادارية والقيادية علي رأس الأولويات وعلي رأي المثل الصيني "إذا كنت تخطط لعام قادم فلتزرع أرزاً.. واذا كنت تخطط لعشرين عاماً قادمة فلتزرع أشجاراً.. واذا كنت تخطط لقرون قادمة فلتزرع رجالاً". ولهذا تعتبر استراتيجية التعليم والتدريب والتأهيل علي مختلف المهن ومستويات المهارة والاختصاص من أهم الأولويات لدي الدولة.. تليها تحقيق التوازن في سوق العمل بين العرض والطلب بهدف الاستخدام الأمثل لقوة العمل.