الحلم الذي تسعي إليه كل الحكومات وتبذل لزيادته وتحقيقه الغالي والرخيص هو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر رغم ان الاستثمار قرار طويل الأجل لا يتأثر بسرعة بما يحدث في البيئة المحيطة إلا ان الأرقام تؤكد تراجع أرقام الاستثمار بسبب الأزمة أو غيرها من الأسباب حيث تشير الاحصاءات الي تراجع الاستثمار من 13.2 مليار دولار في عام 2007/2008 إلي 8.1 مليار دولار، بل إن تصريح الدكتور نبيل زكي استاذ الاقتصاد الدولي بجامعة نيويورك ل"العالم اليوم الأسبوعي" بأن التدفقات المالية الخارجة من السوق المصري نتيجة تسييل المحافظ الاستثمارية المختلفة ارتفعت من 1.4 مليار دولار في 2007/2008 إلي 9.2 مليار دولار في 2008/2009 ورغم ان الأموال الساخنة ليس لها علاقة بتلك الاستثمارات في المشروعات الانتاجية والصناعية والخدمية إلا انها يمكن ان تكون مؤشرا يجعلنا نتساءل عن مستقبل الاستثمار الأجنبي وتوقعات الشركات للاستثمار خلال العام الجديد. وكان بارومتر الأعمال الأخير الذي أصدره المركز المصري للدراسات الاقتصادية ويتضمن استطلاعا لحوالي 500 شركة في جميع القطاعات الصناعية قد كشف عن توقع غالبية الشركات للأشهر الستة الأولي من 2010 ثبات الاستثمارات في جميع القطاعات. الأمان أهم العناصر في البداية أوضح عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين ان هناك عناصر فاعلة في القرار الاستثماري يأتي في مقدمتها الأمان بمفهومه الواسع الذي يشمل الأمان السياسي والعسكري والاجتماعي مشيرا الي ان حادثة نجع حمادي تجعل المستثمرين يتراجعون عن الاستثمار مؤكدا ان الأمان هو العنصر الأول علي مستوي العالم في اتخاذ القرار السياسي. وأضاف العزبي أن العنصر الثاني هو مدي سلامة البنية التشريعية ليس من حيث النصوص ولكن من حيث الثبات بمعني مدي قدرة هذه التشريعات علي التغيير والتعديل خلال فترات زمنية متباعدة وان تكون قابلة للتنفيذ من خلال عناصر بشرية عادلة وأمينة ولا تلجأ إلي أسلوب "الخيار والفاقوس" -علي حد تعبيره- مضيفا ان المسألة الوثيقة الصلة بالتشريعات هي ايجاد جهاز قادر علي تنفيذ الاحكام وحل النزاعات القضائية في فترات زمنية قصيرة وبتكلفة معقولة. وأشار العزبي إلي أن العنصر الثالث هو توافر العمالة التي لم تعد ميزة لمصر في ظل التنافسية الشديدة مع دول مثل دول شرق آسيا حيث يتفوق العامل السيرلانكي علي العامل المصري فيما يتعلق بالانتاجية بحوالي 60%.. مؤكدا ان كل هذه الاتفاقيات لابد أن يتوافر معها اتفاقيات دولية تمنح المستثمر مزايا اضافية ليضخ استثماراته في القطاعات الصناعية. إلغاء المزايا كارثة أما محمد فريد خميس رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري ورئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين أوضح انه عند تحليل الاستثمار يجب ان نفصل بين الاستثمار الذي يستهدف شراء أراض مثل شركات اعمار وداماك والاستثمار المباشر في المشروعات الانتاجية "صناعية - زراعية - خدمات" لان النوع الأخير هو من يحقق التنمية ويوجد فرص العمل الحقيقية مؤكدا ان هذا النوع من الاستثمار يحتاج لعناصر جذب اكثر خاصة بعد أن ألغت مصر الاعفاءات الضريبية ولم تعوضها بعناصر جذب جديدة للمستثمر خاصة أن مصر فقدت جزءاً كبيراً من عناصر جذبها حيث إنها لم تعد سوقاً مغلقة أو محمية وإنما أصبحت سوقا مفتوحة للجميع ويمكن لأي مستثمر أن يضع استثماراته بأي دولة عربية بها مزايا أفضل من مصر ثم يقوم بتصدير انتاجه لمصر وفقا لاتفاقية تيسير التجارة العربية والتي تمنحه الاعفاء من الرسوم الجمركية عند الدخول لمصر لينافس بقوة ما تم انتاجه محليا وستكون له الافضلية لانه حصل علي اعفاءات اكبر وهو ما ينعكس علي سعر المنتج النهائي. واضاف خميس ان أهم الاعفاءات التي يحصل عليها المستثمرون في الدول العربية هي الاراضي والطاقة والتي أصبحت أسعارها أقل كثيرا من الاسعار في مصر مؤكدا ان الأراضي الصناعية في مصر أصبحت أغلي من أي بلد في العالم كما ان تكلفة توصيل الكهرباء لأحد المصانع بالمدن الجديدة يتكلف ملايين الجنيهات بخلاف باقي عناصر البنية الأساسية من طرق وصرف صحي.