حالة من الارتياح العام سيطرت علي جميع المصريين بعد تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة بسرعة استرداد أراضي الدولة المنهوبة. فقد بدا الرئيس غاضباً لضياع الكثير من ممتلكات الدولة علي يد مافيا الأراضي وهو غضب واجب بحكم مسئولياته عن الوطن والشعب. وتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة بالانتهاء من استرداد أراضي الدولة يضع الجميع أمام اختبار صعب فالمطلوب الآن استرداد جميع أراضي الدولة المنهوبة سواء أكان الناهب من كبار القوم أو من صغارهم وأيا كان شكل هذا السطو علي ممتلكات الدولة. هناك تقارير أمام لجنة استرداد الأراضي التي يرأسها المهندس إبراهيم محلب عن عدد من الحيتان الكبار الذين وضعوا أياديهم علي مساحات كبيرة خلال عصور الفساد مستغلين مواقعهم الوظيفية وأساليبهم في التحايل والتحالف مع صناع القرار. وهؤلاء معروفون جيداً للأجهزة الرقابية ولجنة المهندس محلب ويجب أن تبدأ بهم حملة التحرير والتي تعتبر لو تمت بنفس القدر من الحماس والغضب الذي بدا عليه الرئيس من أهم حملات مواجهة الفساد في مصر. لا يجوز أبداً أن نسترد قيراطين أو فدانين من مواطن بسيط وضع يده عليهما بقصد الزراعة أو بناء بيت ونترك هؤلاء الذين وضعوا أياديهم علي مئات أو آلاف الأفدنة حتي ولو كانوا يحملون أوراقاً أو مستندات يعلم الجميع أنها مضروبة حيث لم يسددوا الثمن الحقيقي لما استولوا عليه. لقد أنجزت لجنة استرداد أراضي الدولة المنهوبة والتي رفعت شعار "حق الشعب" في فترة وجيزة ملفات مهمة واتخذت قرارات جريئة باسترداد أراض منهوبة في عصور سابقة وباعت بعضها في مزاد علني وأدخلت خزينة الدولة عشرات الملايين.. والآن تستطيع هذه اللجنة بعد تكليف الرئيس للحكومة أن تعيد كل ما نهب من أراض. وهذه الأراضي المنهوبة وفق تقارير الأجهزة الرقابية تكفي لحل كثير من مشكلات مصر خاصة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار الأراضي وحرص غالبية المصريين علي الاستثمار في الأراضي والعقارات. لقد جاءت الفرصة للجنة استرداد الأراضي لاقتحام ملفات كبار رجال الأعمال وغيرهم من المسئولين السابقين الذين استولوا علي أراضي الدولة ب "ملاليم" وأقاموا عليها مشروعات سكنية وترفيهية وزراعية وحصدوا من وراء ذلك المليارات. ولا يجوز أن يبرر أحد هذا الفساد بأنه كان في عصور سابقة فالفساد لا يسقط بالتقادم ولا بالتصرف في "جسم الجريمة" كما لا يسقط بوجود عقود لا تتوافر فيها عدالة البيع والشراء.. ويعني هذا شراء الأراضي بأقل كثيراً من سعر السوق في ذلك الوقت. لقد دفع أبناء مسئول سابق عشرات الملايين التي نهبها "المرحوم" مستغلاً منصبه ووضعه العام في نظام سابق.. والآن يجب أن يدفع هؤلاء الذين نهبوا آلاف الأفدنة ودفعوا فيها ملاليم واستثمروها وفق هواهم وليس وفقاً لما خصصت له وجمعوا من وراء ذلك المليارات وأخرجوا ألسنتهم للدولة دون أن يحاسبهم علي فسادهم وتحايلهم أحد. الشعب ينتظر الآن ماذا ستفعل الحكومة لاسترداد أراضي الدولة وكيف سيتم فتح ملفات الفاسدين الكبار وخاصة هؤلاء الذين وظفوا علاقاتهم المشبوهة بأنظمة سابقة واستولوا علي مساحات شاسعة من أراضي الدولة ووثقوها بعقود ولم يسددوا "واحداً من ألف من ثمنها" وهي الآن ثروات ضخمة تحت أياديهم تفوق ما تبقي من أراضي الدولة. وهو ثراء فاحش لا علاقة لنا به لو كان بطرق شرعية. لكنه آل إلي هؤلاء الفاسدين بطرق غير شرعية وأساليب استغلال وفساد يرفضها القانون والشرع والعدالة التي نحاول تطبيقها في مصر. لا ينبغي أبداً أن يردد أحد أن ضرب أوكار الفساد ستؤثر علي مناخ الاستثمار في مصر. فالاستثمار والفساد لا يجتمعان. والاستثمار المفيد الذي يتطلع إليه الشعب ينبغي أن يقوم علي أسس نظيفة واستثمارات عادلة وأن يدفع المستثمرون جميعاً ودون استثناء حق الدولة. ولا يجوز أن يستولي أحد كبار رجال الأعمال باسم الاستثمار علي ربع أراضي مصر ويستولي عليها بطرق ملتوية في عهد سابق مستغلاً علاقته بكبار المسئولين في ذلك الوقت. بالتأكيد.. يوجد العشرات وربما المئات من نوعية هذا الرجل الذي استغل علاقته الوثيقة برجال الدولة في فترة ما وحصل علي كل ما يريد من أراض في مواقع حيوية.. وهؤلاء يجب اقتحام ملفاتهم دون تردد. وهنا لا يكفي تهديدهم بسلاح "الدفع أو الحبس" فالشعب لن يستفيد شيئاً من حبسهم. لكن قرار الاسترداد والبيع في مزادات علنية ينبغي أن يكون حاضراً وفاعلاً كما تم مع غيرهم من صغار اللصوص الذين وضعوا أياديهم علي أراضي الدولة دون وجه حق. لابد أن تقدم الدولة بكل أجهزتها الرقابية والقضائية والقانونية والسيادية أدلة دامغة للشعب علي أنها جادة في مواجهة الفساد وردع الفاسدين. وأن تقتحم ملفات كبار الشخصيات العامة التي استغلت علاقتها بالأنظمة السابقة وحصلت علي امتيازات لا تستحقها. وهنا لا ينبغي استثناء أحد مهما كان موقعه أو الفئة التي ينتمي إليها حيث تتداول معلومات أو اتهامات بالفساد لشخصيات عامة تدعي اقترابها من صناع القرار. الدولة لا تحمي فساداً ولا تتستر علي فاسدين هذه حقيقة أنا شخصياً أؤمن بها.. لكن قد تكون الإجراءات بطيئة وتأجيل بعض الملفات أو تداولها لفترات طويلة بين أروقة الأجهزة الرقابية يعطي انطباعاً غير صحيح لموقف الدولة من بعض الفاسدين.. والآن وبعد تصريحات الرئيس الغاضبة ينبغي محاصرة كل الفاسدين والمستغلين واسترداد حق الشعب منهم وسط مساندة شعبية غير مسبوقة. كل الظروف مهيأة أمام الدولة بكل أجهزتها لفرض نفوذها وردع الفاسدين والضرب بيد من حديد علي رءوس كل من يستحل أموال شعب معظمه يكافح من أجل لقمة العيش.