رغم أن التأمينات الاجتماعية الحصن الذي يستند عليه الموظف بعد إحالته للتقاعد أو إصابته بالعجز أو المرض بالقطاعين الحكومي والخاص إلا أن الأمر يختلف تماما في القطاع الخاص فالتلاعب باللوائح والقوانين والتهرب من التأمين علي العاملين أصبح ظاهرة بعد أن غاب الدور الرقابي وتاهت المسئولية بين التأمينات والهيئات الرقابية. الفصل التعسفي أصبح جزاء كل من يطالب بسداد نسبته الحقيقية وأصبح تهريب العاملين أثناء التفتيش علي المنشآت عُرفاً متفقاً عليه يباركه المسئولون عن منظومة التأمينات. هذا ما تؤكده أميرة حامد - رئيس قطاع التوريدات بإحدي الشركات - التحقت بالعمل في ديسمبر 2005 كمسئولة مبيعات ثم تدرجت حتي وصلت إلي رئيس قطاع وبعد 8 سنوات طالبت الإدارة بمستحقاتي ففوجئت بفصلي تعسفيا دون سابق إنذار ومنعي من دخول الشركة وعندما ذهبت للتأمينات للاستعلام عن حقوقي المالية فوجئت بأن الشركة لم تقم بالتأمين عليّ إلا بعد مرور ثلاث سنوات من تعييني وبأجر مخالف للأجر الأساسي فقد كنت أتقاضي 5000 جنيه شهريا وتم التأمين عليّ بمبلغ 229 بخلاف قيام الشركة بإجباري علي التوقيع علي استمارة 6 خاصة بالاستقالة أثناء توقيعي علي عقد التعيين حقوقي ضاعت بسبب ألاعيب الشركة وانعدام الرقابة التأمينية. تقول نرمين أحمد: كنت أعمل موظف بإحدي الشركات وأثناء عملي قامت الشركة بإخفاء راتبي الحقيقي وهو 1900 جنيه والتأمين عليّ بمبلغ أقل حتي لا تدفع قيمة اشتراك كبير وذلك لكل الموظفين لذلك تقدمت بشكوي للتأمينات لاتخاذ الإجراءات القانونية وتعديل تأميناتي بالحد الأقصي من تاريخ تعييني بالشركة من 2001 وكنت أعتقد أن الشكوي سوف تأخذ مجراها وسوف يتم إظهار الحقيقة ولكني فوجئت بهم يتصلون بي ويقولون إن هذه الشكوي سوف يكون مصيرها الزبالة. تضيف تم عمل لجنة لفحص الأوراق المقدمة مني ضد الشركة وجاءت النتيجة بتعديل تأميني من 1/1/2011 وليس من تاريخ التحاقي بالعمل وعندما تظلمت كان الرد "لو مش عاجبك ارفعي قضية في المحكمة". أما حسن عبدالمنعم من محافظة الشرقية فحكايته لها العجب.. يقول تقدمت بأوراقي في عام 2009 للهيئة العامة لمياه الشرب الصرف الصحي ببلبيس بعد أن علمت بوجود تعيينات عن طريق التعاقد وانتظرت كثيرا حتي فقدت الأمل فقمت بتأجير ورشة لكنها حرقت أثناء الثورة وبعدها تقدمت باستمارة متضررين إلي وزارة التضامن الاجتماعي والتي وافقت علي صرف مبلغ 1000 جنيه علي سبيل التعويض بشرط إحضار بيان من هيئة التأمينات بأني غير مؤمن علي وكانت المفاجأة أنني اكتشفت تعييني موظف تنفيذي بشركة المياه وأن لي رقم كود من يوليو 2009 وتم تأكيد الاشتراك في مارس 2010 وبناء علي هذا تم إيقاف صرف التعويض وفي نفس الوقت لا أستطيع مطالبة الشركة بأي مستحقات مالية لأنها لم تقم بالتغطية التأمينية علي الرغم من فتحها ملف تأميني بدون أي أوراق رسمية مني وهكذا ضاعت حقوقي بسبب غياب الرقابة التأمينية. يري عبدالرحيم محمود مبروك وصلاح عبدالظاهر وحسن عبدالرحيم أن المشكلة ليست في غياب الرقابة فقط وإنما القائمين عليها أيضا نظرا لجهلهم بالقانون وآلية تطبيقه علي المواطنين لأنه يؤدي في النهاية إلي ضياع الحقوق وخراب البيوت فنحن كنا نعمل في شركة غرب النوبارية الزراعية وصدر قرار إلغاء وظيفي وإنهاء خدمتنا عام 1989 وتم تسليمنا أرض زراعية ومنازل نقيم فيها والتي تم تسعيرها من قبل اللجنة العليا لتسعير الأراضي وتم تقسيطها علي ثلاثين عاما وحتي الآن نقوم بسداد الأقساط وتم صرف معاش لنا من تاريخ إنهاء خدمتنا وفوجئنا بعد ثلاثة أعوام تقريبا بقطع المعاش من قبل التأمينات الاجتماعية بأبوالمطامير بحيرة عن جميع العاملين بالشركة وطالبتنا باسترداد مبالغ المعاش التي صرفت لنا ولذلك توجهنا إلي القضاء وتم رفع دعوي وصدر الحكم لصالحنا عام 1998 وصدقت عليه محكمة استئناف في 4/1999 بمنحنا معاشا كاملا وفوجئنا بحكم آخر من محكمة النقض في 3/2012 يقضي بإلغاء الحكم السابق من محكمة الاستئناف دون إخطارنا وبناء عليه تم قطع المعاش والمطالبة باسترداد المبالغ التي تم صرفها لنا وتقدر بآلاف الجنيهات في حين أن محكمة النقض في دوائر أخري حكمت لصالح زملائنا والسؤال الآن ما ذنبنا نحن في هذا الخطأ ومن المسئول عن خراب بيوتنا خاصة أن بيننا المريض كبير السن الذي يحتاج لهذا المعاش. ويقول حسن حسين: كنت أعمل نقاشا في إحدي ورش القطاع الخاص لمدة أربع سنوات و10 أشهر ثم تركت العمل واتجهت إلي العمل الحر حتي أصبت في العام الماضي بانزلاق غضروفي وأصبحت لا أستطيع العمل ولذلك تقدمت للتأمينات للحصول علي معاش عن المدة السابقة وتم رفض طلبي وإبلاغي أن المدة لا أستحق عنها معاش وإنما مكافأة مرة واحدة وإن كنت أرغب في معاش شهري علي شراء مدد أخري حتي تصل مدة الخدمة إلي عشرين عاما وبالفعل قمت بشراء حوالي 16 عاما ودفعت حوالي 5000 جنيه وبعد حوالي ستة أشهر وفي رحلة بحثي عن المعاش فوجئت برفض طلبي مرة ثانية وأنني قد خالفت القانون بشراء مدة لا يقابلها مدة فعلية وبذلك تم خداعي بمكتب التأمينات واستغلال رغبتي في الحصول علي معاش فأين الرقابة علي هذه المنظومة المختلة؟ صلاح عبدالحفيظ - مدير المكتب الفني لرئيس هيئة التأمينات سابقا - يري أن التهرب من التأمينات نوعين الأول جزئي ويكون إما بالتأمين علي بعض العاملين فقط أو التأمين بأجور مخالفة وهذا يمكن تداركه بتفعيل دور الرقابة الداخلية بالتأمينات وبتدريب وتأهيل العاملين بها علي أحدث نظم التفتيش المالي علي المنشآت المتهربة هذه الدورات المتخصصة تمنحهم القدرة علي اكتشاف التلاعب بمنتهي السهولة من خلال تحليل ميزانية الأجور والرواتب ومطابقتها مع كشوف الربط والرصد.. أما النوع الثاني وهو التهرب الكلي فاكتشافه يكون أبسط فكل منشأة جديدة لها سجل تجاري وبطاقة ضريبية وبالتالي سجل تأميني وإذا ثبت عدم تسديد صاحب المنشأة لربط الأجور فيجب علي الفور تحرير محضر تبديد له وتحويله للقضاء. ويضيف أن نسبة الاشتراكات في مصر تصل إلي 40% وهي أعلي نسبة اشتراكات علي مستوي العالم لذلك يجب علي القائمين علي وضع القانون الجديد مراعاة تخفيض هذه النسبة لكي نشجع صاحب العمل علي الاشتراك مع رفع نسبة التحصيل وهذا التخفيض لن يضر بمعاش المؤمن عليه مطلقا فمن الممكن تحميل اشتراكات البطالة والإصابة والمرض علي شركات رعاية خاصة أو تأجيلها لتحمل علي صاحب العمل في نهاية الخدمة.