دقت أجراس بدء الاستفتاء مرحلة جديدة من أصعب المراحل في تاريخ مصر.. انها اللحظة الفارقة بين سيطرة الاسلام السياسي أو العودة لمائدة الحوار الوطني.. ولكن نتيجة الاستفتاء قد تعبر عن إرادة فصيل سياسي بعينه إذا احجم الواعون ليس عن المشاركة فقط بل والدفع بالبسطاء وشرح أهمية المشاركة لهم بما تقتضيه الأمانة تجاه الوطن.. فقد أفزعني رأي أحد البسطاء عندما أكد لي انه سيذهب ليقول "نعم" لأنها تعني إرضاء الله و"لا" تعني ارتكاب المعصية وكأن هذا الدستور نزل بنص قرآني ونسي واضعو الدستور والداعون اليه ان الرسول الكريم المنزه عن الهوي كان لا يملي رأيه علي صحابته وكانت هناك مخالفة لرأيه أحيانا أما اللعب بمشاعر البسطاء باسم الدين فهو أمر في غاية الخطورة قد يأتي حينا يثبت زيف جماعة بعينها وتجد المجتمع كله يثور عليها بوازع الانتقام للدين وكأن من استغل الدين ينسج خيوطا لحبال قوية تلتف حول رقبته وقد تشنقه. علي الجانب الآخر فمن ذهب ليصوت ب "نعم" مقتنعا فله كل تقدير واحترام لرأيه فهذا حقه كما انه من حق الآخر أن يقول "لا" دون ارهاب أو تعسف أو رابط مزيف بالدين فهذا أو ذاك في وطن حر استطاع أن يضيء سنوات ظلم ثلاثين عاما بثورة بيضاء سلمية محترمة وسال من أجلها دماء طاهرة مطالبا بالحرية والتي لابد أن تتجلي معانيه في يوم الاستفتاء فيعبر بحرية مطلقة عن رأيه ب "نعم" أو ب "لا".. فإذا كان قول القائل بأنه لا إكراه في الدين فكيف يكون الاكراه في الاستفتاء؟! أما أنا فسأقول "لا" للدستور الجديد ولست مخطئا من وجهة نظري علي الأقل.. فقد قرأت في هذا الدستور ما يجعلني أقلق علي مستقبل هذا الوطن وهناك رجال دين محترمون سيقولون "لا" وهم أدري وأعلم بالدين مني أو من غيري ولا أنكر بأنه علي الوجه الآخر من سيقول "نعم" ولكن "نعمهم" أو "لائهم" غير مرتبطة علي الاطلاق بما يحفظون من آيات الله أو يعملون بسنة رسوله.. فبعيدا عن تسييس الدين علينا أن ننزل ونشارك ونذهب للصناديق ومن يريد "نعم" فليقولها.. أما من أراد "لا" فليعبر عنها حرة مطلقة. وعن نفسي وغيري من المثقفين ومحبي هذا الوطن فسنحترم النتيجة إذا كانت معبرة عن إرادة حقيقية للمصريين حتي لو خالفت آرائنا.. فمصر أغلي وفوق الجميع.