رغم الحديث المستمر عن المفاوضات والمصالحة المنتظرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان أفغانستان، إلا أن الممارسة الفعلية والواقع القائم لا يدلان على ذلك نهائيا، فالنظام ما زال يرتمى فى أحضان الغرب ويتآمر على الحركة وأبنائها، والحركة بدورها لم تكف عن أعمال العنف والتفجيرات التى أصبحت مشهدا يوميا فى أفغانستان. وجاءت التفجيرات الأخيرة التى وقعت أمام المحكمة العليا فى العاصمة كابول مساء الثلاثاء الماضى، وأسفرت عن مقتل 14 شخصا على الأقل وإصابة 38 آخرين، كرسالة واضحة وقوية للحكومة الأفغانية الحالية –صاحبة العداء المستمر مع طالبان- بأن الحكومة لن يكون بإمكانها التصدى للمقاتلين ضدها، خاصة أن هذا التفجير -الذى يحمل بصمات طالبان- جاء قبل شهرين من تسلم القوات الأفغانية المهام الأمنية فى البلاد بعد انسحاب القوات الدولية، مع بقاء بعض القوات لتقديم الدعم. وأخذت التفجيرات الأخيرة بعدا جديدا، حيث إنها وقعت أمام مقر المحكمة العامة والتى ترى الحركة أن أغلبها قضاة فاسدون يخدمون نظام كرزاى فقط، خاصة أنها أصدرت عدة أحكام على أبناء الحركة وصل بعضها للإعدام، أضف إلى ذلك أن التفجيرات وقعت فى المنطقة الدبلوماسية فى العاصمة على بعد نحو مائتى متر من مدخل السفارة الأمريكية. ويأتى هذا الحدث بعد يوم واحد من تبنى حركة طالبان الهجوم الذى وقع صباح الاثنين على المطار الدولى فى كابل، وأدى إلى شلل حركة الطيران تماما من المطار وإليه وتدمير بعض المروحيات. وتعليقا على التفجير الأخير، أصدرت بعثة الأممالمتحدة للمساعدة فى أفغانستان "أوناما" بيانا دانت فيه هذه التفجيرات معتبرة إياها عملا إرهابيا يسلط الضوء على الخسائر الفادحة التى يتكبدها المدنيون الأفغان جراء الصراع المستمر فى بلادهم- حسب البيان. وفى السياق ذاته، قال الجنرال جوزيف دانفورد قائد قوة المساعدة الأمنية الدولية "إيساف": إن الهجوم الذى استهدف عمالا أفغانيين "أمر يرثى له"، معتبرا أن "أعداء أفغانستان اظهروا مرة أخرى افتقارا وانعداما كاملا لاحترام حياة الإنسان"، حسب وصفه. فى حين سارع الرئيس الأفغانى حامد كرزاى بتوجيه الاتهام إلى حركة طالبان -رغم أن الحركة لم تعلن ذلك رسميا- مؤكدا أن طالبان أثبتت مرة أخرى أنها "تخدم أعداء الإسلام فى أفغانستان"، عن طريق تنفيذ مثل هذه الهجمات الإرهابية فى كابول، حسب تصريحه. وفى محاولة لقراءة الحدث الأخير، وهل الحل فى إعلان الحرب على طالبان أم الجلوس معها؟ قال القائد الأعلى للقوات الغربية فى أفغانستان الجنرال جوزف دانفورد: إنه سيكون من الضرورى التفاوض مع طالبان عاجلا أم آجلا، محذرا المجتمع الدولى من مخاطر التخلى عن الشعب الأفغانى. وقال فى حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" : إن التقدم الديمقراطى فى أفغانستان معرض للتهديد عندما تنسحب القوات الغربية من البلاد العام المقبل، ولكنه قال إن حقوق الشعب الأفغانى الأساسية لا يمكن ضمانها دون دعم الحكومات الأجنبية، حسب كلامه.