جامعة الاسكندرية: الالتزام بقواعد السلامة خلال الأنشطة الطلابية    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأربعاء 23-10-2024    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الأربعاء 23-10-2024 في أسواق محافظة البحيرة    يوسفي عديم بذور وخوخ مبطط، زراعة الجيزة تنظم ندوة عن دور الطفرات في تطوير المحاصيل    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 23 أكتوبر    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    أسعار الأسمنت اليوم الأربعاء 23-10-2024 في محافظة البحيرة    هيتلاعبوا في الانتخابات، المدعي العام في تكساس يرفع دعوى قضائية ضد إدارة بايدن    ماذا نعرف عن هاشم صفي الدين الذي كان مرشحا لخلافة نصر الله قبل إعلان مقتله    «الأهرام»: مشاركة الرئيس السيسي بقمة «البريكس» علامة فارقة في عمل التجمع الاقتصادي    زعيم كوريا الشمالية يطالب بتعزيز الردع في مواجهة التهديدات النووية    قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية وتعتقل عددا من المواطنين    مواعيد مباريات دوري أبطال آسيا اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 والقنوات الناقلة    حالة الطقس اليوم الأربعاء 23-10-2024 في محافظة البحيرة    رسميا.. موعد غرة شهر جمادى الأولى 1446 هجريا    محافظ المنوفية: تحرير 268 محضر تمويني وضبط 10 طن مواد غذائية مجهولة المصدر    بمناسبة الكريسماس.. هاني شاكر يحيي حفلاً غنائياً في دبي    عاوزين تخلوها صفر ليه، تعليق ناري من خالد النبوي على هدم قبة حليم باشا التاريخية    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 23-10-2024 في محافظة البحيرة    نشرة المرأة والمنوعات.. فواكه تخلصك من رائحة الفم الكريهة.. سعر فستان هنا الزاهد في إسبانيا    عبد الرحيم حسن: شخصيتي في «فارس بلا جواد» كان «بصمة» في حياتي    مع اقتراب الشتاء.. 3 عادات صباحية للتصدي للإنفلونزا والبرد    بسبب الأعاصير.. خوف في أمريكا بعد انتشار عدوى «آكلة اللحوم»    بالأسود.. لجين عمران تتألق في إطلالة جذابة وساحرة بمشاركتها بأسبوع الموضة بالرياض|شاهد    سلامة: المجلس الوطني للتعليم يضم بعض الوزراء والخبراء ورجال الأعمال    أحمد عادل: لا يجوز مقارنة كولر مع جوزيه.. وطرق اللعب كانت تمنح اللاعبين حرية كبيرة    إبراهيم عيسى: اختلاف الرأي ثقافة لا تسود في مجتمعنا.. نعيش قمة الفاشية    وزير التعليم: لا يوجد نظام في العالم لا يعمل بدون تقييمات أسبوعية    نجم الأهلي السابق: كولر كسب الرهان على «طاهر محمد طاهر»    ثروت سويلم: ما حدث عقب مباراة الزمالك وبيراميدز إساءة والدولة مش هتعديه دون محاسبة    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    ضبط المتهمين بسرقة مخزن شركة بالتجمع الأول    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    أنتوني بلينكن: مقتل "السنوار" يوفر فرصة لإنهاء الحرب في غزة    قبل أيام من الكلاسيكو.. رودريجو يوجه رسالة لجماهير ريال مدريد بعد إصابته    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    «اللي حصل جريمة وكارثة».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على عقوبات الأهلي ضد كهربا    ماذا دار بين إمام عاشور وحكم مباراة سيراميكا كليوباترا ؟.. شوبير يكشف التفاصيل    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    بدلا من الذهب.. نقابة المصوغات والمجوهرات تنصح المواطنين بالاستثمار في الفضة    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    القبض على سائق سيارة نقل تسبب في وفاة شخصين بالتجمع    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشفى الشفاء بغزة "خلية نحل" بلون الدم

خلية النحل الحركة فيها لا تتوقف على مدار 24 ساعة، فهذا مصاب تنقله عربة الإسعاف، وهذا طبيب يجرى ليسعف آخر، وهذا شهيد وصل للتو، وهذا طفل صغير يقف الأطباء حوله فى محاولة لإنقاذه، وهذه آلة إعلامية تنقل الحدث والمأساة التى يعانيها شعب فلسطين، وهؤلاء موظفون إداريون يسجلون الدخول والخروج، وتلك قيادات وأفراد من الشرطة للتأمين.
هكذا تبدو مستشفى "الشفاء" بغزة، ذلك المكان الأقل خطرا فى القطاع، ومع ذلك يُستهدف كل ما حولها بالطائرات والصواريخ، دون مراعاة لإنسانية أو مرض أو حرمة الموتى.
الطريق كان صعبا من معبر رفح الحدودى إلى المستشفى، حيث كان من الخطر الشديد أن تسير سيارة منفردة على الطريق، خوفا من استهدافها سواء من طائرات الاستطلاع أو مقاتلات ال(إف 16) التى لا تترك هدفا متحركا على الأرض إلا ضربته وقذفته بنيرانها.
أمن حماس أصر على أن يكون الطريق فى صورة قافلة مكونة من عدة سيارات، وقد كان، حيث إن شوارع المدينة الباسلة كانت شبه خالية فى التاسعة مساء، فلا أحد يسير فيها، والمحلات مغلقة، بل إن أنوار البيوت منطفئة، وكأن حظر التجوال قد فرض، أو بمعنى أدق كانت مدينة أشباح.
وعلى الرغم من التأمين الذى أصر عليه أمن حماس فى طريقة التحرك نحو المستشفى، إلا أن قاذفات الكيان الغاشم لم تهدأ حول القافلة، فهذا صاروخ على بعد 50 مترا يسار القافلة، وبعده بخمسة دقائق صاروخ آخر على بعد 100 متر، وهذا ثالث خلف القافلة، وكأنها رسائل تهديد ووعيد لكل المتضامنين مع القطاع.
اللون الأحمر هو السمة السائدة فى المستشفى فى كل أحوالها، فما إن تدخل منها إلا وتجد الدماء فى معظم الأماكن، على درجات السلم وفى مكاتب الاستقبال، وفوق حاملات المرضى، فضلا عن كل طرقات المستشفى بلا استثناء، نتيجة تساقطه من الجرحى والمصابين.
على باب المستشفى تقف سيارات الإسعاف تنتظر دورها فى إدخال المصابين، فكل خمس أو عشر دقائق تسمع صفارات السيارات، وعلى إثرها تخرج الطواقم الطبية لإسعاف المصابين.
تتنوع الإصابات القادمة إلى المستشفى رغم أن القصف واحد، فهذا مصاب بترت قدماه، وآخر مصاب بحروق، وثالث يعانى من كسور فى أنحاء مختلفة فى جسمه، وهذا طفل هيئته الخارجية بلا إصابة إلا أن ينزف من دون جروح نتيجة انفجار فى الرئة أو القلب أو المخ أو انفجار أحد الشرايين بسبب القنابل الارتجاجية.
يرافق الأطقم الطبية طاقم تمريض يقوم على إسعاف المصاب بأقصى سرعة، ويتنوع ما بين من يجمع الشاش، ومن يحضر المطهر، وآخر لا يجد خيطا طبيا بعد ما نفد من كثرة الاستخدام، فيجرى ليحضره من المخزن.
أما الإصابات الحرجة والخطرة فتُحمل سريعا إلى العناية المركزة، فى الوقت الذى يحاول العاملون بكل ما يستطيعون عدم إهدار أى من المستلزمات الطبية، لندرتها وعدم توفرها فى القطاع بأكمله.
فى ظل هذا تجد الأهالى يبكون على أبنائهم وإخوتهم وأصحابهم وجيرانهم، تجدهم يصرخون على شباب وأطفال قد قطعت أرجلهم أو أيديهم أو أصيبوا بشلل جراء القصف.
أصعب الصراخ يكون على الأطفال الصغار، خاصة حديثى الولادة، فهذه طفلة قد حملها أبوها على يده وتمسك بها أمها، فى هيئتها الخارجية غير مصابة بأى شىء، إلا أنها تنزف من فمها وأنفها بصورة كبيرة، يجرون بها إلى العناية المركزة، فلا تجد لها مكانا من كثرة المصابين، فيكشف عليها الطبيب وهى على أيديهم ليكتشف انفجارا فى شرايين الدم نتيجة القنبلة الارتجاجية.
وهذا أب يحمل يد طفله المقطوعة ويبكى أمرّ البكاء، ويقول: "كيف يقضى باقى عمره بغير يده اللهم لا اعتراض".
وأمام العناية تقول أم لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات: إن القصف طال بيت جيرانهم لكنه تسبب بقوته فى طيران ابنها لمسافة تعدت عشرة أمتار، فوجدت نفسها بصورة تلقائية ولا إرادية تطلق الزغاريد فرحا بابنها الشهيد، وتجرى عليه لتحتضنه، فتجده حيا ولكنه يعانى من نزيف داخلى، فتحول فرحها إلى فرحتين، ليكمل والده قائلا: "والله ما فرحنا بأن وجدناه حيا بقدر فرحنا من كونه سيكون شهيدا يشفع لنا يوم القيامة".
أما النحيب إن وجد داخل المستشفى فيكون على الشهداء الذين قضوا نحبهم بعد ما فشل الأطباء فى إسعافهم سواء لسوء حالتهم الصحية أو لنقص الأدوية والعجز الشديد الذى يعانى منه المستشفى.
فأم محمد تبكى شهيدها وولدها الوحيد الذى أصيب فى حرب الفرقان 2008 وبترت قدمه اليسرى، وتقول: "فرحت به شهيدا ولكنى حزنت على فراقه"، كما تحمل أم طفلتها الرضيعة على يدها وتبكى وتنتحب، ويقف بجوارها زوجها الذى يحاول أن يهدئ من روعها ولا يستطيع وقف دموعه ويقول لها: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
أبو عبيدة يبكى أخاه قائلا: "زوجتك وأولادك فى عيونى، نم قرير العين يا شهيد، وأبلغ رسول الله منا السلام، وقل له إنا على الدرب سائرون".
أما الموقف الذى ضرب أروع الأمثلة فى الصمود فيتمثل فى ذلك الشاب الذى لم يتعدَّ أربعة عشر عاما من عمره، يقف أمام أمه وأخواته الثلاثة وهم على أسرة المستشفى يقرأ الفاتحة لهم بكل ثبات ويقين وثقة فى وعد الله، بل وينادى على ابن عمه الذى استشهدت أخته فى قصف البيت نفسه ويقول له: "اقرأ الفاتحة لهم، ليرحمهم الله، ويرحمنا معهم".
أما أحد أصعب المواقف التى حدثت فتلك التى وجدنا فيها سيارة الإسعاف تهرع إلى بيت قد قُصف بالطائرات على أهله، ليعودوا إلى المستشفى ب9 شهداء منهم 5 أطفال وسيدتان.
ثلاجات الشهداء فى المستشفى ممتلئة طوال الوقت، فما إن يخرج شهيد لتشييع جنازته إلا ويدخل آخر مكانه.
فى ظل هذا كله تجد القصف لا ينقطع حول المستشفى، حتى ظننا أنه فى إحدى المرات أنه قد قصف الحافلات التى تقلنا، كما ظن المصابون أن القصف قد طالهم داخل المستشفى أيضا، ووقتها وجدنا الأطباء والأمن، بل وبعض المصابين هم من يهدءون من روعنا، ويقللون من خوفنا، ويؤكدون أنه خارج إطار المستشفى، ولن يصل إلينا.
الخبرة التى تولدت لدى الأطباء ورجال الأمن فى المستشفى جعلتهم يعرفون بالتحديد مكان القصف من سماع صوته، فما إن سُمع صوت إحدى الغارات حتى قال أحد العاملين: إن هذا القصف فى حى الشجاعية، وعند ما سمع قصفا آخر قال إنه فى قسم شرطة بنى عباس.
ومع هذا الكم من المصابين والجرحى والشهداء تجد أهالى غزة الصامدين يوزعون الابتسامات ويبثون إشراقات الأمل والنصر والتمكين وزوال الاحتلال وتحرير الأرض، حتى إن أحد الأطباء قال بعد ثوان من الانتهاء من تضميد جراح أحد المصابين: "سنحرر فلسطين، وسنصلى فى الأقصى، قم وانهض فالمعركة تنتظرك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.