سليمان عبد الحميد: العدوان قصف منزلى 4 مرات وأتمنى الشهادة فى سبيل الله حسن سليمان: والدتى كانت تستنجد تحت الأنقاض وبكيت عند ما عجزت عن مساعدتها عبد الملك عبد الجواد: أتمنى تركيب ساق صناعية لأمارس حياتى بشكل طبيعى مصور قناة القدس: الصواريخ قصفت المبنى بعد منتصف الليل المستشار الطبى بالسفارة الفلسطينية: مصر استقبلت 24 مصابا الأطباء المصريون: الإصابات بالغة ومستعدون لمعالجة كل الحالات قصص العدوان الإسرائيلى الغاشم ورواياته ومشاهده حملها المصابون الفلسطينيون الذين يتلقون العلاج فى المستشفيات المصرية، القصف الإسرائيلى العنيف على قطاع غزة لم يفرق بين كبير وصغير، رجل وامرأة، مدنى ومقاوم.. 24 مصابا فلسطينيا استقبلتهم المستشفيات المصرية حتى الآن.. كل واحد منهم يحمل قصة تقشعر لها الأبدان، وتؤكد همجية الإسرائيليين وعقيدتهم التى تقوم على القتل والسلب والنهب وممارسة أبشع الجرائم فى حق الفلسطينيين العُزل. "الحرية والعدالة" التقت المصابين الذين تعرضوا لإصابات بالغة قد يفارق كثير منهم الحياة بسببها، ورغم صعوبة الموقف إلا أنهم لم يفقدوا الأمل وكلهم يتمنى الشفاء من أجل الدفاع عن الأرض والأهل وتحرير فلسطين. الجرحى الفلسطينيون أشادوا بالتسهيلات التى قدمتها السلطات المصرية لإسعافهم وتسهيل إجراءات نقلهم إلى مصر. وأكد المكتب الإعلامى الفلسطينى أن الحالات التى تصل إلى القاهرة فى تزايد بخلاف 4 حالات بمستشفى العريش، مشيرا إلى أن الحالات وُزِّعت على مستشفيات معهد ناصر والزيتون التخصصى والفاروق الخاصة وحميات العباسية، موضحًا أن الإصابات تراوحت بين بتر وكسور وشظايا بالعين وتهتك فى الكبد والطحال. الحاج سليمان فى مستشفى الزيتون التخصصى يرقد سُليمان عبد الحميد صلاح "60 عامًا" لم ينج من القصف الإسرائيلى رغم كبر سنه والتجاعيد التى تبدو على وجهه، وأصيب بقطع فى المثانة وكسر فى الحوض والقدم. يقول الحاج سُليمان: كنتُ أجلس بمنزلى الصغير فى السادسة صباحا عند معسكر جباليا بحى الخلفاء الراشدين فى قطاع غزة، أتابع الأخبار على قناة "الجزيرة" وفى الحجرة المجاورة جلست زوجتى بصحبة أبنائى التسعة فى حين كان نجلى العاشر خارج المنزل، وإذا بى أفاجأ بصاروخ يهبط علينا، ولم أشعر بنفسى، وعند ما استعدت الوعى وجدت الركام يحيط بى من كل جانب ويغطى رأسى، ولم أستطع الحركة، وفى اللحظة نفسها هبط صاروخ ثان أزاح الركام من فوق رأسى، لكن الجزء الأسفل ظل محاصرًا بكتل صخرية من منزلى المتهدم، وحين شاهدنى الأهالى أخذوا يهللون لنجاتى، ومن شدة فرحهم جذبونى بطريقة عنيفة". يواصل سليمان حديثه ويقول: "حضرت سيارة الإسعاف لتحملنى إلى مستشفى الشفاء بغزة، وهناك علمت من الطبيب المُعالج خطورة حالتى، وأنه لا بد من نقلى لإحدى المستشفيات بالقاهرة على وجه السرعة، لإصابتى بقطع فى المثانة وكسور فى الحوض والقدم وهو ما تم بالفعل وكانت الإجراءات ميسرة وسريعة، لكنه ظل مشغولًا على أبنائه الذين كانوا محجوزين فى الطابق السفلى بمستشفى الشفاء فى غزة لإصابتهم جميعًا بكسور وشظايا، وزوجته التى أصيبت بإصابات بالغة فى الرأس بعد سقوط المنزل عليها، وأخبره الأطباء بأن حالتها لا تتطلب نقلها إلى القاهرة، وأن علاجها متوفر بالقطاع. الشهادة وبكلمات تحمل الحسرة يقول الأب المكلوم: "أكثر ما يؤلمنى رغم تعرض منزلى للقصف أربع مرات وأعدت بناءه بدمى وعرقى أننى لم أنل الشهادة فى أى من تلك المرات، مشيرا إلى أنه فى تلك المرة بعد ما غطاه ركام المنزل توقع أن يتحقق حلمه ويحصل على الشهادة، إلا أن سقوط الصاروخ الثانى الذى أزاح الركام من فوق رأسه حال دون ذلك، ويخلص إلى قول: "كبرت ولم أعد أريد شيئًا من الدنيا، سوى أن أموت شهيدًا فى سبيل الله". ورغم الأوجاع والآلام وعجزه عن تحريك الجزء السفلى، يقول الحاج سليمان: "إحنا مبنخفش من اليهود.. إحنا بنخاف من ربنا.. وما دامت فلسطين تحت الاحتلال سيحاسبنا الله على ذلك.. ولن نخاف والنصر قريب، ولن نخشى إلا الله الذى وهبنا له أرواحنا رخيصة". صدمة الابن ويجلس الابن حسن سليمان صلاح 25 عامًا إلى جوار والده وتبدو على وجهه الصدمة من هول ما حدث لوالديه وإخوته العشرة، ويقول بحزن وآسى: "لم أكن مع أسرتى فى المنزل ولكنى كنت بالقرب منه، وبمجرد سماعى القصف هرولت مسرعًا نحو البيت، وكانت الصدمة حين وجدت منزلنا ركاما، ولم أشعر بنفسى وقتها وظلت عيناى تذرفان الدموع؛ لأن والدى ووالدتى وإخوتى التسعة كانوا تحت الأنقاض". ويشير إلى أن "كل ما خطر فى ذهنه وقتها أنه فقد جميع أفراد أسرته، بعد القصف، مؤكدا أنه لم يصدق نفسه حين وجد والده وقد تمكن الجيران من إخراجه من تحت الأنقاض، لكنه كان فى حالة سيئة". ويضيف الابن أن أكثر مشهد أثر فيه بعد قصف المنزل "حين وجد يد والدته تلوح تحت الأنقاض تحاول الخروج لكنها لا تستطيع، وقتها صرخت وبكيت محاولا مساعدتها لكنى لم أستطع، وتوجه الأهالى لإخراجها وبالفعل خرجت فى حالة يُرثى لها، ومع ذلك حاولَتْ التحدث إلى بصعوبة بالغة لتطمئننى، مشيرا إلى أن الأهالى استعانوا بالجرافات لانتشال أمى وأشقائى التسعة. مصور قناة القدس فى أثناء جولتنا بمستشفى الزيتون التخصصى وجدناه صامدا رغم الإصابات البالغة، دخلنا غرفته وكان يتابع الأخبار بشغف واستقبلَنا بوجه بشوش، إنه خضر حيدر الزهار "24 عاما" مصور تليفزيونى بقناة القدس. بدأ يروى قصته ويقول: "كنا فى الطابق ال11 بمكتب القناة بشارع الوحدة بغزة، وجلسنا نستريح ساعة بعد عناء طويل فى تغطية أحداث الحرب الأيام الماضية، وفوجئنا بصاروخ فى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل أصابنى أنا وزميلى بشكل مباشر، مشيرا إلى أنه كان يجر نفسه من تحت الركام بينما نزل الزملاء إلى أسفل المبنى". ويتابع: "استطعت النزول إلى الطابق ال8 وإذا بصاروخ آخر يُقذف على، ونقلتنى سيارة الإسعاف إلى مستشفى الشفاء، وأُجريت لى عملية بتر فى رجلى اليمنى استغرقت 4 ساعات، وأصبت بشظايا فى الرجل اليسرى، وكانت حالتى أكثر خطورة من زملائى". ويستطرد الزهار: "نُقلت إلى مستشفى الزيتون مساء الأحد الماضى وسأجرى عملية جراحية الأسبوع المقبل"، موضحا أن إخوته يشدون على يده، ويؤكد عزمه على الخروج واستكمال مسيرته فى العمل. صاروخ وموتسيكل!! ويحكى عبد الملك جواد عقيل من خان يونس -موظف بالجامعة 26 عامًا- عن إصابته ويقول: "أثناء ذهابى إلى الجامعة مع زميلى على دراجة بخارية فى السابعة صباحا يوم السبت الماضى فوجئنا بصاروخ يُقذف علينا من طائرة استطلاع لكننا لم نُصب، وهربنا إلى منزل مجاور وبعد دقائق فوجئنا بصاروخ ثان". ويضيف ألقيت بنفسى على الأسفلت المجاور لكننى أصبت فى ظهرى ويدى اليمنى وساعدى الأيسر بإصابات بالغة. ويذكر عقيل أن سيارة الإسعاف وصلت بصعوبة بالغة ونقلته إلى مستشفى الشفاء بغزة، وأجريت له عملية بتر فى رجله اليمنى بجانب بعض الإسعافات الأولية وثم حُوِّل إلى مستشفى معهد ناصر وأشاد عبد الملك بالخدمات والرعاية التى تقدمها المستشفى، وبسهولة إجراءات الدخول إلى مصر. وبتأثر شديد يقول: "أعيش مع والدتى التى أصيبت بصدمة عقب وصولها نبأ إصابتى، وأخشى عليها خاصة أن أخى يرافقنى فى المستشفى"، ويتابع عقيل: "أتمنى تركيب طرف صناعى حتى أعود لأمارس حياتى بشكل طبيعى". جمال غازى وعلى بُعد أمتار قليلة من حجرة عبد الملك وفى غرفة العناية المركزة يرقد زميله جمال غازى سلمان 22 عاما من بيت لاهيا استشهد جميع أفراد أسرته ولم يرافقه أحد من أهله ولم يستطع الحديث لخطورة حالته. يقول الدكتور محمد خالد طبيبه المعالج: إن حالته فى غاية الخطورة وقد أحيل من مستشفى غزة فى الواحدة صباح أول أمس، مشيرا إلى أنه مصاب بكسور متعددة فى الذراع اليمنى والساعد الأيمن والساق اليمنى، فضلا عن إصابته بارتشاح دموى بالرئتين، وتم تركيب أنبوبة صدرية له، إلى جانب إصابته بتهتك فى الكبد، وصعوبة فى التنفس وتدهور الوعى وهو الآن على جهاز التنفس الصناعى". ويضيف: لا نعرف عن جمال أى شىء إلا أنه من بيت لاهيا وأهله استشهدوا وجاء وحده دون أن يرافقه أحد فى سيارة الإسعاف وهو فى شبه غيبوبة، مؤكدا أن علاجه قد يستغرق شهرا بالمستشفى. حمزة نضال من جانبه أكد د. حسام طوقان -المستشار الطبى بالسفارة الفلسطينية- أن عدد الحالات التى جاءت من غزة إلى مصر 24 حالة، بينها 4 حالات تعالج بالعريش، وباقى الحالات موزعة على مستشفيات القاهرة، موضحًا أن جميع الحالات أصيبت بإصابات خطيرة، بين بتر وكسور وشظايا بالعين وتفتت فى الطحال، وتهتك فى أعضاء مختلفة فى الجسم نتيجة العدوان الصهيونى الغاشم على الشعب الفلسطينى الأعزل الذى يستخدم أحدث الأسلحة والصواريخ والرشاشات. وقال: إن حالات البتر كثيرة؛ لأن الصواريخ تنزل على المنازل وتخترق بالأخشاب والحديد أجساد الفلسطينيين وتسبب غرغرينة تتطلب بتر أحد الأطراف. وأشار د. طوقان إلى أن أكثر الحالات التى أثرت فيه حالة حمزة نضال الذى لم يخل جزء من جسده من الإصابات حتى عينه لم تسلم هى الأخرى. وأشاد بالجهود المصرية المبذولة وتسهيل الإجراءات فى المستشفيات من أجل استقبال المصابين من قطاع غزة، مؤكدًا أن الأطباء حرصوا على البقاء فى المستشفيات أياما متتالية لمتابعة الحالات المتعثرة. وكشف د. طوقان أنه يتلقى اتصالًا كل خمس دقائق من وزارة الصحة للاطمئنان على سير الأوضاع. وناشد المسئولين المصريين إطلاق حملة للتبرع بالدم فى الجامعات المصرية وفى غيرها من الأماكن لمواجهة احتمالات استمرار الحرب.