أكدت مارينا أوتاوي، الباحثة بمعهد كارنيجي،للسلام الدولي أنه بعد مضيّ ثمانية عشر شهرا على الانتفاضة التي أطاحت الرئيس حسني مبارك، لا يزال المصريون يكافحون لتقبّل فكرة أن المنافسة السياسية الديمقراطية هي التي يجب أن تحدّد مستقبل مصر، وليس الشارع والمحاكم المُسيَّسة والجيش. وقالت، إن البديل عن السياسة الطبيعية هو استمرار حالة انعدام الأمن، مشيرة إلى أن الفوضى التي جرى احتواؤها بصعوبة أبقت البلاد على حافة الهاوية، وحالت دون التقدّم نحو إقرار نظام سياسي جديد، وساهمت في حدوث تدهور اقتصادي مقلق، حيث تراجعت احتياطيات النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في أكتوبر 2010 إلى 15 مليار دولار في أكتوبر 2012. وأضافت أوتاوي في دراسة بعنوان "عودة تدريجية إلى السياسة الطبيعية في مصر"، أن مصر تقترب أكثر فأكثر من السياسة الطبيعية، وأن العلمانيين سيضطرّون إلى التنافس مباشرة مع الإسلاميين لكسب الدعم الشعبي كي يصلوا إلى السلطة أو يصبحوا معارضة سياسية قادرة على البقاء، غير أن مقاومتهم للسياسة الطبيعية لا تزال شديدة، إذ أنهم يجدون صعوبة في تطوير رسالة تتسّم بالجاذبية الواسعة، وفي تنظيمهم أنفسهم، وجمع مختلف أطياف المعارضة العلمانية التي يبدو أنها تتألف إلى حدّ كبير من القادة من دون وجود هيكل يدعمهم. وأوضحت أوتاوي أن الإسلاميين حققوا فوزا حاسما في الانتخابات البرلمانية، وبشكل منصف، برأي المراقبين، غير أن المحكمة الدستورية العليا قضت، في قرار بدا أنه يضرب بجذوره في السياسة كما في الفقه القانوني، بأن قانون الانتخابات غير دستوري وحلّت البرلمان. وأضافت أن جماعة الإخوان المسلمين أقرب إلى قبول السياسة الطبيعية من الأحزاب العلمانية، وهذا ليس مردّه الحكمة المتفوّقة أو الالتزام بالديمقراطية من جانب الإخوان، بل لأن العملية السياسية رجّحت كفّتهم حتى الآن، فقد فاز الإسلاميون في انتخابات الرئاسة ومجلس الشعب، أما الأحزاب العلمانية فتسخر من هذه الانتصارات وتتجاهلها باعتبار أنها نتيجة لمكائد من جانب "أقلّية منظّمة"، وليست مؤشّرا على دعم شعبي حقيقي. وأشارت أوتاى إلى أن القوى السياسية العلمانية لم تَفُز في الماضي من خلال السياسة الطبيعية، بل كانت تتمتّع بحماية الأنظمة الاستبدادية التي قمعت الإسلاميين، لكنها وجدت توافقا من نوع ما مع القوى العلمانية طالما كانت ملتزمة بقواعد اللعبة، ولم تنتقد النظام أكثر من اللازم، كما فعلت الأحزاب اليسارية في بعض الأحيان. وأوضحت أن العلمانيين خسروا حماية نظام مبارك وهم يخسرون دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمحاكم، والسؤال هو ما إذا كان بمقدور العلمانيين الثبات على مواقفهم من الناحية السياسية في غياب هذه الحماية.