رغم أن التصريحات الأخيرة للواء عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان ميليشيات حفتر، والتي أكد فيها أن النفط الليبي تحت أمر القيادة المصرية، جاءت صادمة للأوساط الليبية، وكاشفة لحجم الخيانة والتفريط في السيادة الوطنية؛ أملا في دعم مصري للسيطرة على مقاليد الحكم في ليبيا ضد حكومة التوافق والحركات الثورية المسلحة، إلا أن بعض المراقبين اعتبروها مناورة من جانب السيسي وأذرعه الإعلامية لابتزاز المملكة العربية السعودية، ورسالة للإدارة السعودية بأن القاهرة تملك البدائل لتعليق المملكة إمدادات الوقود الشهرية. وكانت "اليوم السابع" قد نشرت، يوم السبت الماضي 15 أكتوبر 2016 في العدد رقم (1954)، حوارا موسعا مع الناظوري، تحت عنوان «رئيس أركان الجيش الليبى فى حوار خاص ل"اليوم السابع": بترولنا تحت أمر مصر.. والسيسي بطل عربى».. وأفردت الصحيفة للحوار مساحة كبيرة داخل العدد تحت عنوان «رئيس أركان الجيش الليبى لليوم السابع: بترولنا تحت أمر مصر وسنضخه للقاهرة يوميا.. الناظورى: السيسى أعظم بطل عربى.. ولنا الفخر أن "نسلم ليبيا لمصر".. ولماذا لا يكون حفتر رئيسا للبلاد؟.. وسنسيطر على طرابلس». وكان عنوان الحوار مأخوذا من سؤال الصحيفة للناظوري، ربط بين مدى توافر البترول الليبي وتعليق شركة أرامكو السعودية لإمدادات النفط عن شهر أكتوبر الجاري. ورغم نفي الناظوري لتلك التصريحات، إلا أن المتابعين للمشهد الليبي والإقليمي يرجحون أن تكون هذه التصريحات صدرت بالفعل من الناظوري، ولكنه أصدر بيان النفي بعد انتشار هذه التصريحات المشينة على وسائل الإعلام الليبية الموالية للثورة، ما كشف حجم خيانة حفتر وميليشياته، واستعدادهم للتفريط في السيادة الليبية من أجل السيطرة على الحكم في ليبيا. حفتر يؤازر السيسي وكان تقرير نشرته صحيفة "ميدل إيست آي البريطانية مؤخرا، قالت فيه إن التوتر مع السعودية ليس الأمر الوحيد الذي يشغل فكر السيسي خلال الأيام الجارية، فالأمر يتعلق بأزمات أوسع ومتعددة، منها ما يتعلق برحلة البحث عن بديل للوقود السعودي، والطرف الآخر يتعلق بالأزمات السياسية التي تواجهها القاهرة، وأخيرا الأزمة الليبية والتطورات الأخيرة التي حدثت هناك. وأضاف الموقع البريطاني أن المتمرد خليفة حفتر، قائد الجيش التابع للبرلمان الليبي، أثار ضجة عندما قال: إنه سيدعم أي قرار تتخذه مصر، حتى لو كان ذلك ضد مصالح ليبيا. وقال قائد سلاح الجو "صقر شرم": إنه يدعم بكل عمق مصر والنظام المصري، وصدرت عنه أيضا التصريحات المثيرة للجدل والمماثلة لتلك التي أدلى بها حفتر. وأحدث تعبير عن العلاقة الخاصة مع مصر وحكومة بنغازي، جاء مؤخرا على لسان النائب زياد دغيم، الذي قال بكل ثقة ووضوح: إنه يشجع على دعم مصر خلال الأزمة الأخيرة التي تعرضت لها. وزياد عضو في الكتلة الوطنية، والتي تعرف بدعمها للجيش وحفتر، ومعارضتها للاتفاق السياسي. وقال إنه تحدث إلى التلفزيون المصري وطالب ليبيا بتزويد القاهرة بالبترول أيا كان النفط الخام الذي تحتاجه، دون قيد أو شرط، ودون اعتبارات مالية. كما أن رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، قال إنه فعل ما طلبته الكتلة البرلمانية، على الرغم من أنها تمثل أقل من 20 في المائة من النواب في ليبيا. والنفط الليبي يتدفق الآن إلى مصر لتخفيف أزمة الوقود في البلاد. ولفت الموقع إلى أنه قد تجلى هذا التحالف بين ليبيا ومصر خلال الأشهر الأخيرة الماضية، وهو تحالف محدود ومجزأ، ويوجد في سياق الصراع العسكري السياسي، ولا يوجد في ظل الظروف العادية. حيث كان النظام المصري سخيا في دعمه لبرلمان ليبيا، والحكومة والجيش خلال الصراع مع المؤتمر الوطني العام ومؤيديه. ومع ذلك، لا يوجد ما يفسر كيف يمكن لكتلة برلمانية مع عدد محدود من النواب أن تدفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمساعدة المصريين، على الرغم من التحديات الخطيرة الخاصة في ليبيا.