فهم الشعب متأخراً دلالات كلمات الرئيس محمد مرسي في خطابه الشهير عندما قال: "أنا عايز أحافظ على (البنات) اللي هيبقوا أمهات المستقبل اللي بيعلموا أبنائهم إن أبائهم وأجدادهم : كانوا رجال ...لا يقبلون الضيم ولا ينزلون أبداً على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية أبداً من وطنهم أو شرعيتهم أو دينهم". وكأنها نبوءة للرئيس وحققها وزير عدل "الفسدة" المستشار أحمد الزند، بشأن تعديل بعض أحكام قانون التوثيق الخاص بزواج أجنبي من مصرية، وحدد ثمناً لهذا البيع أو تلك الدعارة المقنعة ب50 ألف جنيه توضع في البنك الأهلي على هيئة شهادات استثمار، تضخ أموال تلك المهنة القديمة في عروق الانقلاب. عاصفة غضب أثارها وزير عدل "الفسدة" بعد قرار العسكر تحويل المرأة المصرية إلى سلعة تباع وتشترى، ما أعاد إلى الأذهان كلمات الرئيس مرسي الشهيرة، التي حُفرت في آذان من وعاها، تحدث "مرسي" عن الفتيات الصغيرات اللاتي أراد سيادته أن يحميهن بصموده ونضاله أمام جبروت الخونة من العسكر. وطوال ثلاثة أعوام لم يرحم خونة العسكر الفتيات الصغيرات من الاعتقال والتنكيل والاغتصاب، فضلا عن النساء اللاتي حكم على بعضهن بالإعدام، حتى جاء قرار "الزند" ليقطع شك المراهنين على حكم العسكر بيقين خيانتهم. صدمة مؤيدي الانقلاب مؤيدو الانقلاب صدمهم قرار الزند الذي نشر في الجريدة الرسمية اليوم الثلاثاء، فمن جانبه قال الكاتب الصحفي جمال الجمل، إن القضية تتعلق بكرامة المصريين، فالأمر وصل إلى تقنين الاتجار بالبشر، موضحًا أن مصر مصنفة ضمن الدول التي تساعد على تهريب الفتيات إلى إسرائيل، والاتجار في الفتيات، رغم محاولة نفي ذلك طوال الوقت. وتابع الجمل، "نحن ندين سلوك الفقراء والغلابة في الصعيد أو القرى الصغيرة، حين يبيع الرجل ابنته في زواج غير متكافئ؛ فما بالنا بالدولة عندما تقر أن رجلاً كبيرًا لديه 70 عامًا، يمكنه التزوج من بنت عمرها 20 عامًا ولكن يدفع أولاً، الأمر هنا يتعلق بالإنسانية وكرامة المصري وصورته أمام الآخرين، وهو أمر يسيء إلينا في الخارج". وفيما وصف الأديب والروائي يوسف القعيد القرار بأنه أمر غريب وغير مفهوم، متسائلًا: "هل من حق وزير العدل سن قوانين أو تعديل قوانين تتعلق بالزواج وتستند إلى الشريعة الإسلامية"، معربًا عن تشككه في إمكانية أن يكون للوزير الحق في إصدار قوانين أو إجراء تعديلات على بعض قوانين الزواج. وأضاف القعيد أن ما يحدث عبث؛ لأن الجريدة الرسمية لا تنشر إلا القوانين، مستطردًا: "مستغرب أن يكون هناك وزير يملك إمكانية إصدار قوانين أو تعديل بعضها"، مشيرًا إلى أن ما يحكم الزواج والطلاق قوانين يضعها البرلمان، وأن زواج الأجنبي من مصرية تحكمه قوانين تستند للشريعة الإسلامية، وعقب: "أخشى أن تكون زوبعة بلا أي أساس". ديوث وحقير وأكمل الجمل، "لو صح هذا الخبر، فليس أقل من أن يوصف من أصدره بالديوث وتحقيره أينما حل، فالخبر المنشور في الجريدة الرسمية ويعمل به من أول نوفمبر، والمبلغ عبارة عن شهادة استثمار لصالح الجارية وليس رسومًا خالصة لخزانة الدولة، هي فقط تنتفع بتوفير سيولة بنكية تقر بكل فخر بتوفير بنات مصر كجواري لمن يدفع في سوق نخاسة عصري طراز 2015 طبقًا لشعار مسافة السكة، وقريبا توصيل البنات لمنازل الأثرياء". وقالت الدكتورة أحلام الأسمر، عضو المجلس القومي للمرأة، أن القرار سلبي وخطير، مؤكدة أنه يفتح أبوابًا خلفية لتشجيع سياحة الدعارة، وأردفت: "لا أستطيع أن أتفهم حتى الآن الدوافع وراء القرار، وما إذا كان هذا الأمر يعد بمثابة استثمار للدولة في بناتها"، وأكملت: "هذا الأمر بمثابة شكل غير مهذب لاستغلال المرأة المصرية". واستطردت أحلام، أن هناك أمورًا عديدة يمكن أن تُدر دخلاً كبيرًا على مصر، أكثر من هذا القرار السلبي الذي يؤثر على سمعة مصر، قائلة: "هذا القرار وصمة عار لمصر والسياحة، ويجب مراجعة وزير العدل فيه"، وأضافت أن هناك وسائل أكثر احترامًا في التعامل مع المرأة، وليس بيعها وشرائها بالأموال. وتابعت: "هذا الأمر يُسيء للمرأة المصرية، والقومي للمرأة يرفض أي وسيلة تهدد أو تسيء لسمعتها"، مشددة على ضرورة أن يتراجع الزند عن القرار، وأوضحت أن الحكومة يجب أن تراجع الزند فيه، لأنه سيضر بسمعة المرأة المصرية في العالم برمته، قائلة: "اللي بيقوله المستشار الزند يجب أن يحصل على براءة اختراع عليه"، مؤكدة أنه يجب التراجع عن تلك التصريحات وأن تتدخل الحكومة لمنع تعريض المرأة المصرية للإهانة. وكانت الجريدة الرسمية قد نشرت قرار "الزند"، الذي حمل رقم 9200 لسنة 2015، والخاص بتعديل بعض أحكام قانون التوثيق الخاص بزواج أجنبي من مصرية، وجاء القرار بأنه يكلف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري بالبنك الأهلي المصري بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، واستيفاء المستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، وذلك إذا ما جاوز السن بينهما 25 سنة عند توثيق العقد.