يصر نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي على تدمير مصر سياسيا بالاستبداد واقتصاديا بالربا، واجتماعيا بتكريس الانقسام وتصنيف الناس إلى شيع عبر التمييز والعنصرية واضطهاد الإسلاميين لأنهم يطالبون بحكم الشريعة عبر أدوات الديمقراطية وصناديق الاقتراع. أغرق السيسي مصر بالديون الربوية؛ والتي ارتفعت من 43 مليار دولار في منتصف 2013م، إلى 165 مليارا في مارس 2023م. وارتفعت الديون المحلية من 1.3 مليار جنيه في منتصف 2013م، إلى أكثر من 10 تريليونات جنيه في منتصف 2023م. ولا يكتفي السيسي بذلك، بل يصر على الاقتراض بالربا؛ وقد سجّلت الفائدة على أذون الخزانة رقمًا قياسيًا جديدًا بتخطيها 25% لأجلي سنة (364 يومًا)، وستة أشهر (182 يومًا) ، وذلك للمرة الأولى في تاريخ مصر، بحسب بيانات البنك المركزي التي أظهرت موافقة وزارة المالية يوم الأحد 20 أغسطس 2023م، على بيع أذون خزانة بنحو 36 مليار لأجل السنة بمتوسط فائدة 25.093%، وبنحو 23 مليار جنيه لأجل الستة أشهر بمتوسط فائدة 25.066%. وكان السيسي قد رفع أسعار الفائدة بنحو 10% خلال سنة 2022م والتي شهدت انخفاضا حادا في قيمة الجنيه أمام الدولار؛ حيث انخفض من 15.7 جنيه مقابل كل دولار إلى "30.95" جنيها مقابل كل دولار حاليا منذ مارس 2023م. ويزيد ارتفاع سعر الفائدة على أذون الخزانة التكلفة التي تتحملها الموازنة العامة للوفاء بها باعتبارها دين آجل. كان وزير المالية، محمد معيط، قال ل«مصراوي» في يونيو الماضي: «إن كل 1% زيادة في سعر الفائدة على أذون الخزانة يزيد عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 32 مليار جنيه بسبب عبء تكلفة تمويل الدين». ويشغل بند الفائدة على أذون الخزانة نحو 39% من إجمالي الفوائد التي تمثل 37.4% من المصروفات العامة وفق موازنة السنة المالية الحالية. ويرجع ارتفاع أسعار الفائدة على أذون الخزانة بشكل جزئي لقرار «المركزي» مطلع أغسطس 2023، برفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 1%. وأذون الخزانة هي وثيقة دين حكومية من الأوراق المالية قصيرة الأجل، يطرحها البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، بمدد تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة، بهدف جمع الأموال لدعم الإنفاق الحكومي وسداد الالتزامات. وتُظهر أرقام الموازنة الحالية (2023/2024) توجيه 56% من الاستخدامات إلى مخصصات سداد القروض والفوائد(الربا)، وفي المقابل، يمثل الاقتراض 49% من الموارد. وبحسب الموازنة الحالية يصل مجموع مخصصات الفوائد وسداد القروض معًا إلى تريليونين و435 مليار جنيه، من ضمنه تريليون جنيه و120 مليار موجهة للفوائد وتريليون و315 مليار جنيه للأقساط. معنى ذلك أن فوائد الديون فقط (1.12 تريليون جنيه) تزيد عن نصف قيمة الموارد المتوقعة (2.1 تريليون جنيه) وفقا للموازنة العامة للدولة. ويرتبط النمو الكبير في مخصصات الفوائد بسياسة تشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة) التي يتبعها البنك المركزي، والتي تؤدي لرفع أعباء الفوائد في الموازنة العامة باعتبار الدولة هي أكبر مقترض في السوق المحلي. وتبعًا لبيانات الموازنة الحالية، يصل حجم الاقتراض في الموازنة الجديدة إلى تريليوني جنيه و140 مليار جنيه. معنى ذلك أن الربا ارتفع بزيادة مئوية (44.5%) بمعنى أن فوائد الديون زادت بنحو "344 مليار جنيه" عن السنة الماضية! بينما زادت سداد الأقساط بنحو "11.1%"، بزيادة عن السنة السابقة بنحو 350 مليار جنيه! الخلاصة أن بند خدمة الديون فقط ارتفع إلى 2.45 تريليون جنيه، بينما كل إيرادات الدولة المتوقعة حسب مشروع الموازنة (2.1 تريليون جنيه = 70 مليار دولار بسعر "30.95 جنيها لكل دولار)؛ فمصر تحتاج إلى كل إيراداتها على مدار السنة ولن تكفي لسداد بند خدمة الديون فقط! بل ستحتاج إلى اقتراض أكثر من "300 مليار جنيه" للوفاء بما عليها من ديون خلال هذه السنة! والعجيب أنه من بين هذه ال(2.1 تريليون جنيه كإيرادات متوقعة)، هناك نحو تريليون و529 ملياراً و991 مليون جنيه حصيلة ضريبية وجمركية متوقعة، بنسبة تعادل 72.8% من جملة الموارد! وتظهر بيانات الحكومة تزايد ديون مصر الخارجية ووصولها إلى مستوى تاريخي مسجلاً 162.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2022، مقابل 145.5 مليار دولار في نهاية عام 2021، بزيادة نحو 17.4 مليار دولار وبنسبة 11.9% في عام واحد فقط. معنى ذلك أن حجم الديون الخارجية ارتفع في عشرة سنوات فقط بنحو 277% بخلاف الديون الأخرى على مؤسسات الدولة والتي تضمنها الحكومة.