يبدو أنَّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عازم على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، فحكومة الوفاق بقيادة السراج طلبت المساعدة، والرئاسة التركية أحالت الطلب إلى البرلمان، وفي غضون أسبوعين ستأتي الموافقة. في غضون ذلك وبدعوة من عصابة الانقلاب بمصر، يعقد الوكر المسمى جامعة الدول العربية، اجتماعًا لمناقشة تطورات الأزمة الليبية، بعد إعلان تركيا عن تدخل عسكري وشيك داعم لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًّا. بعدما أصيب جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، منذ أيام عدة، بنوبة مرتفعة من الهيستيريا لا علاج لها بسبب تدخل تركيا. وقلل سياسيون ومحللون مصريون وليبيون من تأثير تحركات السفيه السيسي بشأن ليبيا على موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حكومة الوفاق الليبية بطرابلس. وباء الجرب! وأجرى السفيه السيسي، خلال اليومين الماضيين، اتصالات مكثفة مع زعماء أمريكاوروسيا وإيطاليا على خلفية تصريحات أردوغان، بشأن عزم بلاده إرسال قوات تركية لدعم حكومة الوفاق الليبية.+ وقالت عصابة الانقلاب، في ثلاثة بيانات مختلفة، إن السفيه السيسي أجرى اتصالات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، والأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الخميس، وتباحث معهم تطورات الوضع في ليبيا. وزعمت البيانات المتتالية تأكيد السفيه السيسي على “ضرورة وضع حد لحجم التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي”، و”أهمية الدور الذي يقوم به الجيش الوطني الليبي، قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في هذا السياق لمكافحة الإرهاب وتقويض نشاط التنظيمات والميلشيات المسلحة”!. إلا أنَّ سياسيين ومحللين قللوا من تأثير اتصالات السفيه السيسي على النهج التركي الجديد، يقول الدكتور طارق الزمر السياسي المصري: إن “السلطة التي تتستر بالأمن القومي للعدوان على شعب عربي شقيق بعد أن باعت تيران وصنافير وفرطت في مياه النيل وتنازلت عن غاز المتوسط وحدود مصر البحرية وتركت سيناء مكشوفة في العراء، وكل ذلك لصالح المشروع الصهيوني، هي سلطة مراوغة تتلاعب بشعبها!”. ويقول صاحب حساب “المغرد الشرعي” السعودي: “بعد أن أدركت الدول الأوروبية أن حفتر لا محالة مهزوم، رمت له طوق النجاة عن طريق عقد مؤتمر حول الأزمة الليبية، يتم فيه وقف إطلاق النار كي يلتقط حفتر أنفاسه ويرتب أوراقه من جديد.. هذا هو العالم الغربي يريد أن تظل ليبيا مضطربة كي يستحوذ على نفطها بأبخس الأثمان إن لم يكن بالمجان”. مضيفًا: “إعلام السعودية والإمارات أعيتهم تركيا وجعلتهم يدورون حول أنفسهم مثل الجرو الذي يلاحق ذيله.. محاولات يائسة لضرب السياحة في تركيا بشائعات تُفطس من الضحك، آخرها أن وباء الجرب منتشر في تركيا”. وتابع: “غباء منقطع النظير، هذه الأوبئة توجد في الدول النامية والفقيرة فقط وفي الصيف وليس الشتاء”. ويقول الكاتب اليمني عبد الله محمد الأبي: “لماذا يتآمرون على تركيا ولما كل هذا الهجوم على أردوغان؟”، ويضيف: “من وجهة نظري فالسبب الأهم لكونه عمل alance of power “توازن قوى” بعثر أوراق مجرمي الثورات المضادة وأحبط وأفشل كثيرا من مخططاتهم وصفقاتهم، يا رجل تحالف تركيا مع قطر أسهم بإفشال غزو عسكري ودعمها ليبيا بوقت خطير أفقدهم صوابهم”. معادلة الأتراك تقول إنهم لن يسمحوا بسقوط حكومة السراج في طرابلس، والقصة ليست «بكونهم أقرب أيدولوجيا» للأتراك، فالأمر يتعلق بالطرف الآخر «حفتر وداعميه» الذين يريدون استهداف تركيا من خلال البوابة الليبية. حبل سُري دخول روسيا على خط المعارك من خلال قوات “فاغنر” المرتزقة أخل بالتوازن الميداني، وهنا يمكن فهم القرار التركي بإرسال مساعدة عسكرية عاجلة وممنهجة إلى طرابلس. ما يجري في ليبيا خطير ومعقد، فالصمت العالمي مع هجوم “حفتر” على الحكومة الشرعية يثير أسئلة كبيرة عن حجم التواطؤ وخلفياته، ويعني دخول الأتراك على الملف الليبي، وإرسالهم المساعدات العسكرية سيحقق توازنًا كبيرًا بين القوى المتصارعة، وسيحمي الشرعية، كما أنه سيعزز مسار برلين التفاوضي وسيعطيه جرعة حياة. دخول الأتراك يشكل حبلًا سريًّا لإنقاذ إرادة الشعب الليبي، فالطرف الآخر يريد حكمًا عسكريًّا دكتاتوريًّا، وللأسف هناك عواصم عربية ترمي بثقلها نحو ذلك، وزيارة أردوغان إلى تونس أثارت حلفاء حفتر بشدة وأفقدتهم أعصابهم، فهناك خشية من انضمام تونس والجزائر إلى محور دعم الحكومة الشرعية، مما يفقد أطرافا أخرى قيمة دعمها للجنرال المتمرد. ختاما، تركيا عازمة ولن تتراجع عن الاشتباك بالملف الليبي، فقد عبث داعمو حفتر بمصالح أنقرة وأمنها الحيوي من خلال الملف الليبي، وهنا يظهر منطق أردوغان الذي لا يعرف المساومة أو التردد.