قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن المؤسسة العسكرية المصرية وضعت نفسها لتصبح القوة الاقتصادية الأكبر في الدولة بلا منازع في ظل الحملة السياسية "القاسية" التي تشنها ضد المعارضة عقب الانقلاب العسكري على د. محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد. وأضافت الصحيفة في تقريرها المنشور أمس أن جنرالات الجيش استغلوا سيطرتهم على السلطة منذ الانقلاب في يوليو الماضي لتنصيب حلفاءهم في المناصب الاقتصادية والرئيسية الهامة وتوسيع سلطاتها للحصول على صفقات من الحكومة بما في ذلك مشروع تطوير قناة السويس الذي وصفته الصحيفة ب "المربح". وتابعت الصحيفة أن الصناعات المملوكة من قبل الجيش كانت تمثل القوة الأكبر في اقتصاد البلاد على الرغم من عدم الكشف عن نطاق أرباحها أمام المصريين مشيرة إلى أن السنوات التي سبقت اندلاع ثورة 25 يناير 2011 كانت تنافس أعمال الجيش في بعض الأحيان الامبراطورية الاقتصادية لعائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك وحفنة من المقربين له. ونقلت الصحيفة عن جوشوا استاشر" خبير الاقتصاد العسكري بجامعة ولاية كينت الأمريكية قوله "نحن نتعامل مع اقتصاد جديد بعنوان "شركات عسكرية" مضيفا "بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بمبارك لم يتغير الفساد المستشري في مصر ولكن تغير ترتيب من كنت تعمل معه إذا أردت النجاح في هذه الدولة". وقال عبد الوهاب مصطفى -أحد مستوردي أجهزة استقبال الأقمار الصناعية للصحيفة- "في كل مصلحة حكومية نجد جنرالا عسكري يجب أن تتعامل معه" مضيفا "الفساد يتخلل كل جانب من جوانب البيروقراطية" متابعا "أنه اضطر لدفع آلاف الدولارات كرشاوي لضباط الجيش يعملون بالتنسيق مع قناة السويس -في ظل السلطة الحالية- للحصول على شحنة مؤخرا. وأضافت الصحيفة أن دور الجيش المصري في الاقتصاد غير معروف في ظل ميزانيته السرية وصناعاته غير المدققة وغير خاضعة للضريبة حيث يقدر خبراء الاقتصاد سيطرة الجيش على ما يقرب من 60% من حجم اقتصاد الدولة. وتابعت الصحيفة أن الجيش عقب الانقلاب أظهر اهتمام خاص بتطوير قناة السويس والتي تدار من فترة طويلة من قبل ضباط جيش سابقين لافتة إلى أن تطوير القناة كان مكون رئيسي من "مشروع النهضة" البرنامج الانتخابي للرئيس محمد مرسي. وأوضحت الصحيفة أن مرسي عندما كان في السلطة كان الإخوان حذرين من التعدي على امتيازات الجيش ومع ذلك كانت إدارة الرئيس مرسي تستعد للتفاوض مع مستثمرين أجانب على رأسهم قطر لتطوير مشروع قناة السويس بطريقة لا تنطوي بشكل مباشر على تدخل الجيش. وقال "روبرت سبرنجبورج "خبير شئون الجيش المصري وأستاذ بالكلية البحرية بكاليفورينا: "القطريون كانوا سيوفرون التمويل ومن ثم ينشئ الإخوان الشركات وبالتالي كان الجيش سيخرج من المشروع وبالتالي سيسيطر الإخوان المسلمين على السيادة الاقتصادية للبلاد -في إشارة إلى حكم الرئيس محمد مرسي. وتابعت الصحيفة أن وسائل الإعلام المصرية "عوت بسرعة" أن مرسي سيبيع قناة السويس إلى قطر وتم تضخيم الوجود العسكري على طول القناة عقب الانقلاب. وأضاف سبرنجبورج أن الإعلام صور "السيسي" على أنه منقذ للأمن القومي المصري ولكن الحقيقة التي لا شك فيها أن انقلابه كان للحفاظ على قبضة الجيش على اقتصاد البلاد. وقالت الصحيفة إن سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري سيعمق الفساد الذي سيؤجج موجة جديدة من الغضب الشعبي مشيرة إلى أن حالة الاقتصاد يرثى لها وتصاعدت الاضرابات العمالية في ظل عدم الوفاء بوعود إصلاح الأجور. ونقلت الصحيفة عن اقتصاديين قولهم "الاقتصاد العسكري يخلق مناخ منافسة غير عادل مقارنة بالشركات الأخرى لافتة إلى أن الجيش يستخدم المجندين في العمل ولا يدفع ضرائب، وبذلك تنجح المؤسسة العسكرية في الفوز بصفقات عديدة لتقديمها أسعار أقل من باقي الشركات. وأشارت الصحيفة إلى أن المستشار عدلي منصور الرئيس المعين من قبل الجيش أصدر قانون يقول "أنه في الحالات الطارئة تتخطى الوزارات عملية تقديم العطاءات لتمنح عقودها للشركة التي تختارها" لافتة إلى أن الجيش حصل في سبتمبر وديسمبر على ما لايقل عن ستة عقود للبنية التحتية الرئيسية للطرق والجسور والأنفاق والمباني السكنية وتبلغ قيمتها أكثر من 1.5 مليار دولار.