بين فترة والأخرى ينظر أدولف داسلر إلى الحقيبة البيضاء الأنيقة التي ترقد بجانبه بسيارته العتيقة موديل منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، إنها النظرات التي تهون عليه المسافة بين بلدة هيرتسوجناوراش القريبة من نورمبرج وبين العاصمة برلين. كان يعلم أن تلك الحقيبة بإمكنها تغيير حياته للأبد، من كونه صانع أحذية بمشاركة شقيقه رودي يتخذ من مطبخ والدته مقراً لمصنعه الصغير، و"بدال" عجلة هوائية كمولد للكهرباء في بلدة تدخر طاقتها الأساسية لإنارة منازلها بالكاد. يوم كامل أستغرقه أدي داسلر – 36 عاماً - في غرفة بالقرية الأوليميبة مع شاب أمريكي أسود من ألباما يدعي جيسي أوينز، محاولاً إقناعه خوض مسابقات ألعاب القوى ببرلين 1936 مستخدماً أطقم أحذية "أدي – داسلر" ، الموافقة مهدت أوينز لإحراز أربع ميداليات ذهبية. حذاء "أدي" الداكن اللون يرافق صور ذلك البطل من الجنوب الأمريكي بالتصوير البطيء من كاميرا المخرجة الألمانية ليلي رافنشتال التي ألهمت الميديا الرياضية العالمية حتى يومنا هذا، النتيجة في خلال أقل من عام مبيعات تصل إلى 200 ألف حذاء للشركة الألمانية الواعدة التي يديرها أدي وشقيقه رودي (الذي إنفصل بشركته الخاصة والتي أصبحت فيما بعد بوما). 80 عاماً من الجلود والحروب التسويقية واللوجوهات التي لا تنتهي ها هو يضع ديريك روز نجم شيكاغو بولز طقم حذائه الداكن "أدي زيرو" في حقيبته الخاصة مساء الأحد بعد أن سجل 39 نقطة في سلة أولاندو ماجيك. يرى روز نفسه في الشاشة الجانبية لأحد أوروقة ملعب اورلاندو مع الإعلان الذي يقوم فيه روز بلف الحذاء على أصبعه مخبراً الجميع بأن روز هو "طلقة ضوء ...طلقة سرعة خالصة"، في حانب اخر من العالم يجلس مدير المكتب الأقليمي لتسويق أديداس في أمريكا الشمالية فخوراً برهان شركته على أفضل لاعب في دوري ما قبل التصفيات الإقصائية للرابطة. هذه هي أفضل خمس إعلانات تلفزيونية قامت بها الشركة الألمانية العريقة على مدار تاريخها، وقد تجعل من مهمة فريق حملة ديريك روز كابوساً. 5- لاعب الرجبي جوناه لومو (حملة المستحيل لا وجود له) ربما كان إعلان ليونيل ميسي أو ديفيد بيكام أكثر شهرة من نفس السلسة، ولكن لا يوجد ما يضاهي قصة جوناه لومو أسطورة الرجبي من منتخب "أول بلاكس" النيوزلندي، متجاوزاً تعاونه السابق مع أديداس كشخص يحاول إعادة سمكة تحتضر إلى البحر مجدداً. ذلك العملاق الذي كان وجه الرجبي في العالم لعقد كامل كان على وشك إنهاء حياته على مقعد متحرك بعد إجراء عملية نقل للكلية عام 2004 ، الإعلان يبدأ من خلال خطوط بدائية طفولية بقلم لومو شخصياً مستعيداً ذكرياته على سرير المرض كجثة راقدة في تابوتها. يتم زرع أنابيب تربط جسد لومو كأغلال تنتهي بجهاز لضخ لدم، إلا أن الجسد يرفض تلك القيود كما يقول هو بصوته:"بالنسبة لشخص مثلي طاف العالم لم يكن بإمكاني قبول فكرة جلوسي مقعداً ثماني ساعات في اليوم، ست أيام في الأسبوع". ويتابع "لقد بحثت عن الرغبة في داخلي لتغيير ذلك الوضع، وبعد ثلاث سنوات فقط عدت إلى ملاعب الرجبي في الوقت الذي لم يكن يفترض فيه مغادرة الفراش، كان بتوجب النضال مع كل خطوة وصولاً لهدفي النهائي". إعلان لومو يجسد تلك الرغبة المزدوجة من أديداس خلال النصف الثاني من العقد الماضي في الوصول إلى جمهور الناشئين بكل صوره (منهم لم يتعرف على رياضة الرجبي بعد) ، وبين اللعب على فكرة البراءة في عالم الرياضة، في مواجهة أكروبات حملات نايكي المنافسة أو بيبسي ذات الإنتاج المبهر في أغلبها. 4- خوسيه + 10 (حملة كأس العالم 2006) أفضل إعلانات ما قبل كأس العالم 2006 في ألمانيا يعتمد على صبيين في حي فقير بأحد مدن أمريكا اللاتينية ، مانويل يدعو صديقة خوسيه إلى خوض لقاء. يقبل خوسيه مطبقاً كل الطقوس ، بداية من لعبة (مصر – سوريا) لتحديد من سيختار فريقه أولا، مرورا بتحقيق حلم أي صبي في العاشرة حول العالم، وهو إختيار فريق أحلام بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث يخرج جابريل سيسيه، خوان ريكيلمي، زين الدين زيدان، أوليفر كان، كاكا، بيكام، بالاك، يتجاوز "فجر" خوسيه كل الحدود عندما يقوم بإستدعاء بيكنباور نسخة كأس العالم 1974 ( وهو ما صعق أوليفر كان نفسه). في المقابل يهمس زيدان في أذن مانويل لإحضار بلاتيني نسخة كأس العالم 1986، في إستغلال فائق للتقنية التي أتقنتها أعلانات أديداس منذ حملة "المستحيل لا وجود له" خلال السنوات الثلاث السابقة، في المزج البصري بين واقع مسجل من قبل وواقع تم تصويره بشكل حي. ليس هناك أمر أكثر إنعاشاً من أي تقول لبالاك قبل ركلة البداية: "وسع شوية على جنب!" أو إعطاء الأوامر لروبين بالركض سريعاً والفتح على الأجناب، أو أرسال كاكا إلى مقاعد البدلاء لظهوره دون المستوى ، أو الدخول في جدال معتاد مع أوليفر كان حول ما إذا كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى أم لا. في النهاية "ينفض المولد" بالطريقة الوحيدة المنطقية في مثل هذه الحالة، وهو أن تصرخ "أم خوسيه" في إبنها بضرورة الصعود حالآً وعلى الفور إلى البيت! 3. "مران الأبطال" (محمد على كلاي والمجموعة) (حملة المستحيل لا وجود له) البعض يعتبره أفضل إعلان رياضي على الإطلاق، منذ اللحظة التي أطلقته فيها أديداس عام 2004، محمد على كلاي يقوم ببعض الحركات الإحمائية مع أول ضوء شمس في طريق صحراوي برفقة إيان ثورب ، زين الدين زيدان ، هيلا جيبراسيلاسي ، ديفيد بيكام ، تريسي ماكجريدي ، موريس جرين. موسيقى أغنية "بابيتا" لفريق كاليكسيكو تتصاعد رويداً، صوت ليلي على (إبنه كلاي) يداعب الأسماع وهي تقول:"البعض يفضلون الإستماع لأنفسهم بدلاً من الإنصات للأخرين، هؤلاء لا يظهرون بيننا كثيرا، ولكن عندما يتواجدون يذكروننا بأنه من الممكن أن نطوي صفحة الماضي". وتتابع "حتى لو شكك المنتقدون في قدراتنا، يذكروننا بأنه من الممكن أن نلغي كلمة غير ممكن أو كلمة مستحيل، يذكروننا بأنه من الممكن ألا يكون هناك وجود للمستحيل". إنه المران المستحيل الذي أستخدمت فيه أديداس اللقطات الأرشيفية لمران حقيقي لكلاي في شوراع زائير إستعداداً لمواجهته التاريخية عام 1974 مع جورج فورمان ، إنها نقطة البداية للتكنيك الذي أدمنته أديداس خلال السنوات التالية ، تكنيك بعث الأساطير. الإعلان باكمله يتلخص في تلك الثواني الأخيرة، عندما يوجه على لكمات هوائية لحامل الكاميرا مردداً جملته الشهيرة:"إنهم ينظرون نحوك الآن، قبل أن يستدير لجيبراسيلاسي في ذلك الحوار "الوهمي" متبادلاً الضحكات معه. محلوظة: جيبراسيلاسي فعلياً كان في شهره السادس عشر برفقة أسرته في أثيوبيا عندما كان يمارس كلاي مرانه في شوارع كينشاسا" 2. محمد علي في مواجهة ليلي (جملة المستحيل لا وجود له) حلقة جديدة من "مستحيلات أديداس" ونفس تكنيك "مران الأبطال"، هذه المرة من داخل الحلبة نفسها، ومن نفس تسجيلات موقعة كينشاسا، محمد على كلاي في مواجهة إبنته ليلي، الملاكمة المحترفة. بعيدا عن إبهار الإعلان نفسه، إنه يمثل أرق الإعلانات الرياضية على الإطلاق، رقصة خاصة بين أب وإبنته، بين رياضيين شككا في وجود المستحيل، في عصرين وجيلين مختلفين، إنها رقصة حب. ليلي تخبرنا عبر صوتها المميز أن "المستحيل ليس حقيقة ولكنه مجرد رأي ، لقد أخبروا أبي أنه من المستحيل أن يواجه قوة وخبرة سوني ليستون ، لقد أخبروه في زائير بأنه من المستحيل أن يواجه شباب وحيوية فريزر، إنه سيدمر على ، لقد نظر أبي إلى المستحيل في عينيه وهزمه المرة تلو الأخرى. ما الذي سأفعله أنا عندما يخبروني بأنه من المستحيل أن تلاكم السيدات كمحترفات؟" ، في تلك اللحظة توجه ليلي لكمة خاطفة تباغت بها والدها ، والذي يرد على ذلك بوجه من الصدمة، إلا أنه سرعان ما يغمز لفتاته في حنان، مبلغاً إياها بأنها على الطريق الصحيح. 1. ناديا كومانيتشي - ليوكين (حملة المستحيل لا وجود له) ما الذي تبيعه اديداس هذه المرة؟ لا يتعلق الأمر بلقاء مستحيل بين محمد علي وبين بقية الأساطير، هذه المرة الأمر يتعلق بفكرة الكمال، ناسيتا ليوكين تخاطب قطاع مهول من الرياضيين في بداية مشوارهم ، تبلغهم أن الوصول إلى المجد أمر بالغ الصعوبة. لكن ناديا كومانشي أثبتت لجميع بأن الوصول للكمال أمر ممكن، ليس مرة واحدة، ولكن سبع مرات كما حققته تلك الرومانية ضئيلة الحجم في مونتريال 1976، دخول ليوكين في لعبة مشتركة متعة للأبصار مع مداعبة أحلام الجميع باللعب مع أبطالنا ولو لمدة ثلاثين ثانية. لقد بدا الأمر وكأننا أمام فراشتين على جهاز واحد ، حالة العناق بين أسلوبين وجيلين ومنهجين مختلفين ، ولكنها نفس الرغبة في بلوغ العلامة الكاملة، ناستيا في نهاية الإعلان نتظر إلى ناديا طلباً في الحصول على موافقتها في نظرة تلخص تلك الرغبة في أنقى صورها. إنها قصة 30 عاماً في مسيرة أعقد الألعاب الرياضية على الإطلاق عبر ثلاثين ثانية، السيد أدي داسلر نفسه كان سيصعب عليه إستعياب أن قسم الدعاية والإعلان في شركته ربما نجح في التفوق على منتجه! انتظروا الجزءين الثاني والثالث من سلسلة أبرز الإعلانات الرياضية قريبا