فوجيء العالم بإختيار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لقطر لتنظيم بطولة كأس العالم 2022 ، وهو الإختيار الذي لم يتوقعه أحد اللهم إلا القليل ، خاصة وأن قطر كانت تواجه منافسة قوية من دول كبيرة مثل أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية، إلا أن المسؤولين القطرين نجحوا في خطف شرف تنظيم مونديال 2022 وسط دهشة الجميع. لاشك أن قطر تمتلك الإمكانيات التي منحتها فرصة إقتناص التنظيم ، كما أن مسؤوليها نجحوا في إقناع مؤسسة الفيفا بقدرة بلادهم على التنظيم ، بصرف النظر عن كل ما يقال عن فساد دولة الفيفا وتقاضي مسؤوليها رشاوي من الدول الراغبة في تنظيم الفعاليات الكبرى ، وهو أمر قد يكون صحيحا بدرجة كبيرة ، بدليل قضايا الفساد العديدة التي تطول مسؤولي الفيفا ، ولكن الإرتكان على هذا المبرر فقط لفشل مصر في إقناع الفيفا بتنظيم مونديال أفريقيا هو استمرار لدفن الرؤوس في الرمال. نجاح قطر في تنظيم بطولة كأس العالم 2022 ، فتح من جديد جراح حصول مصر على صفر المونديال الشهير عندما حاولت تنظيم بطولة كأس العالم 2010 ، وعقد البعض مقارنات بين حصول قطر على تنظيم المونديال وحصول مصر على الصفر الذي سيبقى نقطة سوداء في رداء من كانوا مسؤولين عن الملف المصري. الفارق بين مصر وقطر ليس في الإمكانيات المادية كما قد يتصور البعض، أو يحاول إيهام نفسه بذلك لتقليل شعور الهزيمة، ولكن الفارق الحقيقي أن المسؤولين عن الملف المصري كانوا من "الفهلوية" ولم يعملوا بالجدية المطلوبة التي تمنحهم فرصة المنافسة، بينما كان المسؤولين عن الملف القطري جادين في عملهم، وأتوا بأصحاب الخبرة، بينما كان المسؤولون عن الملف المصري في قمة السذاجة وضحكوا على الجميع. في المؤتمر الصحفي "العالمي" كما أطلق عليه وقتها - رغم أنه لم يتواجد فيه صحفي أجنبي يوحد الله اللهم إلا رفيقي علاء شاهين اللبناني الجنسية والمصري التربية والهوى - الذي عقده د. على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق للإعلان عن تنظيم مصر لبطولة كأس العالم 2010. قال هلال جملة شهيرة مازالت تعلق في مسامع من حضر هذا المؤتمر الهش، وهي "مصر إذا وعدت أوفت" في إشارة إلى أن مصر ستفي بوعودها للفيفا إذا ماحصلت على شرف تنظيم المونديال، وأن تنظيم كأس العالم في مصر سيكون شرفا للمونديال والفيفا وليس شرفا لمصر. ما قاله د. هلال في المؤتمر الصحفي "العالمي" يجسد مأساة المسؤولين في مصر، وأن الأمر ليس مجرد تباهي بتاريخ كبير ومعروف للعالم، لأن الحاضر يعترف بالقدرة على العمل الجاد الذي إفتقدناه في مصر منذ سنوات بعيدة، وأصبحنا نعتمد على "الفلهوة والشطارة وبيع الهواء في إزازة" وهى أمور لم يعد العالم يعترف بها. في مصر اعتمد مسؤولوها على الترويج الداخلي للملف المصري، وكأن الأصوات التي ستمنح مصر حق تنظيم كأس العالم ستكون من بين أبناء الوطن، ولم نهتم بالدعاية الخارجية كما فعلت قطر التي تعاقدت مع مجموعة من نجوم العالم لأنها لا تمتلك نجوما وطنيين كما هو موجود في مصر.
قال هلال جملة شهيرة مازالت تعلق في مسامع من حضر هذا المؤتمر الهش، وهي "مصر إذا وعدت أوفت" في إشارة إلى أن مصر ستفي بوعودها للفيفا إذا ماحصلت على شرف تنظيم المونديال، وأن تنظيم كأس العالم في مصر سيكون شرفا للمونديال والفيفا وليس شرفا لمصر قطر إجتهدت في عملها، وناطحت كبار العالم رغم أن البعض كان يتعامل معها على أنها تحلم بحلم غير قابل للتحقق، ولكنها نجحت في مشوارها لأنها أخذت الأمر بالجدية المطلوبة والإحترافية في العمل، ولم تعتمد على مجموعة من "تجار الشنطة" كما فعلنا في أنفسنا. أهم درس يجب أن نخرج به من تنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022، هو أن العمل الجاد هو الطريق الوحيد للنجاح، ولكن للأسف فقد إفتقدنا هذا الطريق منذ أكثر من 50 سنة، وأصبحنا محترفين في نفاق المسؤول، فأهل الثقة هم من يقودون الأن وإبتعد أهل الخبرة الذين لا يجيدون فن النفاق، وبنظرة إلى أي مؤسسة سنجد أن المنافقين هم من يتولون المسؤولية ولم يعد هناك مكانا لأهل الخبرة. نعم مصر دولة كبيرة وعظيمة، ولكنها صغرت بفعل تصرفات مسؤوليها الذين لا يقدرون مكانتها وقدراتها وإمكانياتها، فمصر تستحق أن يقودها مسؤولين أفضل، ولكنها تراجعت في السنوات الأخيرة بفعل هؤلاء المسؤولين، وإذا كان هناك بقية باقية من الضمير لمن يقودون مصر حاليا يجب أن نفتح تحقيقا واسعا وشاملا حول أسباب حصول مصر على صفر المونديال الشهير. ولكن هذا لن يحدث لأن أحدا لا يريد أن تنهض مصر من جديد، كما أن إختيار المسؤولين عن الملف المصري كان قائما على المجاملات وبمبدأ "شيلني واشيلك"، وأعلم أن هذا الكلام قد يرضي غرور الجماهير ولكنه لن يلفت نظر مسؤول واحد، لأنه لا يوجد أحد يريد الإصلاح، لأن هذا الإصلاح سيطيح برؤوس عديدة في مواقع مختلفة. هل من المنطق أن تستمر الرياضة المصرية على مدار السنوات العشرين الأخيرة بنفس الوجوه الذين حفظتهم الجماهير وكأن مصر عقرت عن ولادة وجوه جديدة؟ هل من المقبول أن يظل المسؤولون عن الرياضة المصرية في غيهم وفسادهم دون حساب أو رقيب؟ هل من العقل أن يمر حصول قطر على حق تنظيم كأس العالم دون أن نحاسب مرة واحدة المسؤولين؟ إذا كان العرب - ظاهريا على الأقل - قد فرحوا لحصول قطر على تنظيم مونديال 2022، فإن الغالبية العظمى من المصرين يشعرون بالخجل من صفر المونديال الكبير الذي حصلنا على قبل سنوات قريبة، كما أن نجاح قطر في إقناع الفيفا بقدراتها على تنظيم المونديال قد كشف العورات العديدة في ثوب الرياضة المصرية وكشف حقيقة المسؤولين عنها، وكيف أنهم أساءوا لمصر وليس لأنفسهم لأنهم هانوا على أنفسهم قبل سنوات بعيدة. مصر تحتاج لمن يذكر أبنائها مكانتها ويعرف أن كرامتها غالية، وليست في حاجة إلى هواة بيع كل شيء، فالألم يسيطر على مشاعر المصريين بقدر فرحة القطرين بحصول بلادهم على حق تنظيم كأس العالم، وفي أمس الحاجة لمن يشعرهم بأن هناك مسؤولين يحاسبون من قصروا في حق بلدهم .. فهل من مغيث؟! * يعلن الجهاز الفني لمنتخب مصر يوم السبت أسماء لاعبي المنتخب إستعدادا لمواجهة قطر وديا يوم 16 من الشهر الجاري، ولاشك أن عبد الله السعيد لاعب فريق الإسماعيلي يستحق الإنضمام لصفوف الفريق، ولن يقبل من الجهاز الفني استبعاده بداعي وجود أكثر من لاعب في نفس مركزه - خط الوسط المهاجم - لأن السعيد هو الأفضل حاليا في هذا المركز. الجهاز الفني للمنتخب استبعد عبد الله السعيد من مباراة أستراليا الأخيرة بمبرر وجود لاعبين أخرين، رغم أن السعيد أصبح ظاهرة في الكرة المصرية بإجادته التسديد المباشر من خارج منطقة الجزاء، والتي أصبحت بمثابة ضربة جزاء، والتي من الممكن أن تمنح الجهاز الفني فرصة وجود "تكتيك" جديد لصناعة الضربات الحرة المباشرة أمام منطقة جزاء المنافسين.