حديث عجيب يتداوله المسلمون نقلا عن بعض الشيوخ، وهو ليس له وجود على الإطلاق فى كتب الحديث، يقول مخترعوه «بكت السموات السبع ومَن فيهن، ومَن عليهن، وبكت الأرَضون ومَن فيهن، ومَن عليهن على تاجر خسِرت تجارته، أو عالم تجاهَل عِلمَه». ومثله حديث لا يصح يقول «من أعان أخاه المسلم بكلمة، أو مشى له خُطوة، حشره الله عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء والرُّسل آمنًا، وأعطاه على ذلك أجْرَ سبعين شهيدًا قُتلوا فى سبيل الله» ،ومثله لا يصح كذلك القول «من مشى فى حاجة أخيه، كان خيرًا له من اعتكاف عَشر سنين، ومَن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله، جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد ممَّا بين الخافقين. ويغنى عنه الحديث الصحيح: (لَأَنْ أمْشِى مع أخِى المسلمِ فى حاجةٍ أحَبُّ إلىّ من أنْ أعتكِفَ فى المسجدِ شهْرًا). كما أشرت فى هذه الزاوية الأسبوع الماضي فإن الهدف وراء سرد بعض المقولات المنسوبة زورا وبهتانا للنبى صلى الله عليه وسلم هو تنبيه المسلمين بضرورة البحث عن أصل أى قول يوصف بالحديث ويدخلونه فى نطاق سنة النبى صلى الله عليه وسلم التى أوضحنا أنه لا علاقة لها بالحديث، لأن معناها فى اللغة العربية هى الطريقة. فمقولة «الدِّين المعاملة» هى مقولة لا أصل لها، ومقولة «الساكت عن الحقِّ شيطانٌ أخرس»ليست بحديث، ومثلها لا تصح مطلقا مقولة «النظافة من الإيمان». ولا يصح بالمرة هذا القول المنسوب للمصطفى عليه الصلاة والسلام « أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يعبَث بلحيته فى الصلاة، فقال: لو خشَع قلب هذا، لخشعت جوارحه». وليس بالحديث بالمرة قول «خير البِر عاجلُه»، كذلك ليس بحديث «خير الأسماء ما عُبِّد وحُمِّد». لكن الصحيح هو حديث «إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن»، وذلك تأكيدا لماورد فى الآية 110 من سورة الإسراء «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى». وأيضا ليس بحديث بالمرة القول «يَخلق من الشَّبه أربعين» أو القول «إن الله لا ينظر إلى الصفِّ الأعوج». ولا يصح أيضا القول «أجرؤكم على الفُتيا أجرؤكم على النار»، أو القول «اطلبوا العلم ولو بالصين». كذلك لم يرد بهذا اللفظ حديث «التمس لأخيك بِضعًا وسبعين عُذرًا. لكنْ هناك حديث صحيح رواه أبو داود فى سننه عن عبد الله بن عمر، قال: «جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت ثم أعاد عليه الكلام فصمت فلما كان فى الثالثة قال: اعفوا عنه فى كل يوم سبعين مرة». وهناك حديث «الجنة تحت أقدام الأمهات. وفى لفظ: «الجنة تحت أقدام الأمهات، مَنْ شِئن أدخلن، ومَن شِئن أخرجن!». وهو حديث موضوع ، ويغنى عنه حديث معاوية بن جاهمة لما جاء إلى النبى صلى الله عليه على آله وسلم وهو يُريد الغزو، فقال له - عليه الصلاة والسلام -: «هل لك أمٌّ؟ قال: نعم، قال: فالْزمها، فإن الجنة تحت رِجليها». وهو حديث حسن. وليس بحديث مطلقا «الحفظ فى الصِّغر كالنقش فى الحجر»، ولا أصل بالمرة لمقولة «الناس على دِين ملوكهم». وليس بحديث ومعناه غير صحيح مقولة «اللهم إنى لا أسألك ردَّ القضاء، ولكنى أسألك اللُّطف فيه». ومكذوب تماما مقولة «من صلى علىّ فى يوم مئة مرة، قضى الله له مئة حاجة: سبعين منها لآخرته، وثلاثين منها لدنياه». ولا أصل مطلقا لمقولة «شاوروهنَّ وخالفوهنَّ - يعنى النساء»، ومثله القول «تأتى عليكم دنيا تأكُل إيمانكم كما تأكل النار الحطب». ولا وجود فى كتب الحديث لمقولة «ثلاثة لا يُستجاب دعاؤهم: آكِل الحرام، ومكثر الغيبة، ومن كان فى قلبه غل أو حسد للمسلمين»، ومقولة «حب الوطن من الإيمان» ليست بحديث، ومثلها «حسنات الأبرار سيِّئات المقربين»، وأيضا لا تصح مقولة «خير الأمور أوسطها»، أو مقولة «سيد القوم خادمُهم». ولا وجود فى كتب الحديث لمقولة «صلاة الفجر نور بالوجه، والظهر بركة بالرزق». وليست لها وجود فى كتب الحديث مقولة «عبدى تريد وأريد، ولا يكون إلا ما أريد. وفى لفظ: «أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود، إنك تريد وأريد، وإنما يكون ما أريد، فإن سلمتَ لما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتُك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد». وحديث مكذوب تماما القول «عشر تمنع عشرًا: سورة الفاتحة تمنع غضب الله، سورة يس تمنع عطش يوم القيامة، سورة الواقعة تمنع الفقر، سورة الدُّخَان تمنع أهوال يوم القيامة، سورة الملك تمنع عذاب القبر، سورة الكوثر تمنع الخصومة، سورة الكافرون تمنع الكفر عند الموت، سورة الإخلاص تمنع النفاق، سورة الفلق تمنع الحسد، سورة الناس تمنع الوسواس». وليس بحديث مقولة «لا تُدخلوا طعامًا على طعام»، بل هو من كلام الحارث بن كلدة الطبيب العربى المشهور. وغير موجود فى كتب الحديث مقولة «لا تصلوا علىّ صلاة البتراء، قالوا: يا رسول الله، وما هى صلاة البتراء؟ قال: أن تقولوا: صلى الله عليه وسلم. ولكن قولوا: صلى الله عليه وآله وسلم». وغير صحيح بالمرة مقولة «لا تُظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك». ولا أصل لمقولات «لا سلام على طعام، وفى لفظ: لا سلام على أكل» أو «لا عزاء بعد ثلاثة أيام» أو «لا عزاء على النِّساء» أو «لا عزاء فى المقابر» أو « لو أحسن أحدكم ظنَّه بحجر، لنفعه». وهناك هذا الحديث الطويل المدسوس من العلماء «العملاء» وثبت أنه ليس له وجود فى كل كتب الحديث «لو قرأتَ سورة الملك كل يوم قبل النوم تكون ونيسَك فى القبر، وتحميك من عذاب القبر إلى يوم القيامة. وفيه: «الفاتحة تمنع غضب الله، وسورة يس تمنع عطش يوم القيامة، وسورة الملك تمنع عذاب القبر، وسورة الكوثر تمنع الخصومة، وسورة الكافرون تمنع الكفر عند الموت، وسورة الإخلاص تمنع النفاق، وسورة الفلق تمنع الحسد، وسورة الناس تمنع الوسواس»، ومثله مقولة «من أكثر من الصَّلاة عليَّ، سوف لا يجد السوء والأذى ساعة الاحتضار». في الأسبوع المقبل بمشيئة الله إن كان فى العمر بقية، أعود معكم لتدبر آيات القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. أما موضوع الأحاديث الموضوعة والمكذوبة التى لا وجود لها فى كتب الحديث، فإننى أترك لكم - أعزائى القراء - العنوان الإلكترونى للموسوعة السنية الحديثية لتكون مرجعا موثوقا لإثبات مدى صحة ما يردده البعض من الشيوخ على منابر المساجد أويستشهد به البعض مكتوبا مما يثير البلبلة ويعطى الفرصة لأعداء الاسلام للتشكيك فى الإسلام الذى هو الدين الوحيد لكل الرسل فى رسالاتهم، كما ورد فى القرآن الكريم اعتبارا من نوح ومرورا بإبراهيم وإسماعيل وإسحق والمسيح عيسى بن مريم وانتهاء بخاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام. والعنوان هو: https://dorar.net/hadith