بدأ كل شيء بركنية احتسبها الحكم لوسيين بوشاردو لصالح مصر في الدقيقة 48 .. سرعان ما تذهب الكرة إلى محمد عمارة الذي لمح بطرف عينه مساحة خالية في منطقة الجزاء المزدحمة بالرؤوس والسيقان .. فيرسل العرضية بقدمه اليسرى .. وهناك كان "ميدو" في الانتظار .. يقفز فوق الجميع ويسجل أخر هدف لمنتخب مصر في مرمى السنغال خلال مباراة رسمية تجمع المنتخبين. أربعة أعوام وثمانية أشهر ويوم واحد هي الفارق بين تاريخ تسجيل هذا الهدف الذي جاء ضمن مباريات التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2002 ، وتوقيت إقامة مباراة مصر والسنغال في الدور قبل النهائي من كأس الأمم الأفريقية على استاد القاهرة يوم الثلاثاء. وإذا كان غالبية المصريين يرون عبور عقبة السنغال حلما قابلا للتحقق على خلفية مواجهة المنتخبين الأخيرة عام 2001 على استاد القاهرة ، فمن المؤكد أن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو " ماذا تغير في أسود التيرانجا خلال هذه الفترة ؟ " الإجابة على هذا السؤال تجيب عليها قراءة قائمتي لاعبي السنغال عامي 2001 و2005 ، فبينما كان معظم لاعبو الفريق القديم من المحترفين في أندية الوسط والقاع في دوري فرنسا تحت قيادة مدير فني من ذات البلد يدعى برونو ميتسو ، يلعب عدد كبير من نجوم الفريق حاليا في أندية إنجليزية وإيطالية وأندية القمة في فرنسا تحت قيادة السنغالي المدرب عبد الله سار ، وذلك بعد أن قدم اللاعبون مواهبهم خلال بطولة كأس العالم عام 2002 والتي وصل فيها الفريق إلى دور الثمانية. ورغم ارتفاع مستوى الأندية التي يلعب لصالحها نجوم السنغال عما كانت عليه في السابق ، إلا أن الفريق افتقد عنصري التفاهم والانسجام المميزين له منذ رحيل ميتسو ، وهو ما أدى لخروج الفريق من دور الثمانية في كأس الأمم الأفريقية الماضية في تونس 2004 ، وفشله في التأهل إلى مونديال 2006. وشارك ستة من لاعبي منتخب السنغال الحاليين في مباراة عام 2001 ضد مصر وهم الحاج ضيوف وهنري كمارا ولامين دياتا وفرديناند كولي وحبيب باي وأمدي فاي ، وجلس على مقاعد البدلاء الحارس توني سيلفا والمهاجم سليمان كمارا. وعلى عكس ما كان عليه "أسود التيرانجا" عام 2001 ، لم يعد ضيوف هم النجم الأبرز في صفوف الفريق بعد أن فقد الكثير من سرعته ولياقته الفنية إثر تجربة اللعب لصالح ليفربول والتي أجبر خلالها على اللعب بعيدا عن مركزه الأصلي كرأس حربة ، ولم يبد غياب نجم نادي بولتون الإنجليزي مؤثرا على منتخب السنغال خلال مباراته الأخيرة ضد غينيا. وخسر كولي مدافع بارما الحالي الكثير من صلابته المعروفة منذ أربعة سنوات وهو ما وضح من خلال أخطاءه العديدة في بطولة "مصر 2006" ، وتكررت الأخطاء أيضا من الحارس توني سيلفا ، رغم تقديمه موسما مميزا مع ليل الفرنسي في دوري أبطال أوروبا والدوري الفرنسي.
ديوب وفي المقابل ارتفعت أسهم هنري كمارا الذي سجل هدفين وتسبب في ثلاثة أخرى من مجموع الأهداف الستة لمنتخب السنغال خلال مشاركته في كأس الأمم الأفريقية 2006. ويأتي تألق كمارا - 29 عاما - متوافقا مع حالة النضج الكروي التي يعيشها حاليا مع فريقه الإنجليزي ويجان أتلتيك والذي سجل لصالحه ثمانية أهداف وصنع خمسة مثلها في الدوري الإنجليزي هذا الموسم. وارتفع مستوى لاعبين أخرين مع السنغال بالتوافق مع تميزهم في أنديتهم الأوروبية مثل أمدي فاي لاعب نيوكاسل الإنجليزي وحبيب باي لاعب مرسيليا الفرنسي ولامين دياتا مدافع ليون الفرنسي وصاحب ضربة الرأس الشهيرة التي جاء منها هدف السنغال في مرمى مصر في كأس الأمم الأفريقية عام 2002 في مالي. ويأتي العملاق بابا بوبا ديوب صاحب هدف السنغال في مرمى فرنسا في كأس العالم الماضية ضمن أبرز أسلحة عبد الله سار في مواجهة مصر حيث يقدم مستوى فني رائع في خط وسط نادي فولهام الإنجليزي بفضل تكوينه الجسماني القوي وطوله الفارع ، حتى أن أرسين فينجر مدرب الأرسنال كان يدرس ضمه لفريقه كبديل للفرنسي باتريك فييرا. وسيكون على محمد شوقي وأحمد حسن لاعبي منتخب مصر أن يتعاملا مع ديوب في معركة وسط الملعب ، بينما يبدو أحمد حسام "ميدو" رقيبا مثاليا له في الكرات الثابتة. كما أضاف المنتخب السنغالي إلى صفوفه مؤخرا المهاجم مامادو إنيانج هداف مرسيليا وديومانسي كمارا لاعب نادي وست بروميتش ألبيون الإنجليزي. أما أبرز الغائبين عن المواجهة الجديدة بين مصر والسنغال رغم دورهم الكبير مع "أسود التيرانجا" عام 2001 ، فهما خاليل فاديجا لاعب نادي بولتون الإنجليزي وساليف دياو لاعب برمنجهام سيتي وكلاهما تم استبعاده من المنتخب بسبب تراجع مستواهما لغيابهما عن الظهور في مباريات أنديتهما.