أعلن البابا بنديكتوس السادس عشر، اليوم الأربعاء، أنه أرسل مبعوثا إلى لبنان لدعم السوريين بدلا من وفد كرادلة -كان يفترض أن يتوجه إلى دمشق في مهمة تبين أنها محفوفة بالمخاطر سياسيا ومستحيلة على الصعيد الأمني. وارتجل البابا الكلام في نهاية اللقاء العام الأسبوعي في باحة القديس بطرس قائلا: "علينا أن نبذل قصارى جهدنا لأنه قد يفوت الآوان يوما"، مبتعدا عن نصه الذي كان يقول "الوقت ليس متأخرا على الإطلاق للعمل من أجل السلام". وجدد الحبر الأعظم دعوته إلى كافة الأطراف في سوريا من أجل وضع حد "للمعاناة المريعة" والبحث عن حل سلمي. وبالفعل فإن الكاردينال الغيني روبرت ساره، رئيس المجلس البابوي "كور اونوم" الذي هو كناية عن وزارة للكرسي الرسولي تعنى بتنسيق كامل المبادرات الخيرية للكنيسة، موجود في لبنان حيث سيبقى حتى السبت. وقال البابا إن الكاردينال سيقوم بزيارة لاجئين سوريين وسيترأس الجمعة في بيروت "اجتماعا للتنسيق بين المؤسسات الخيرية الكاثوليكية التي طلب منها الكرسي الرسولي أن تولي اهتماما خاصا بالسوريين في داخل البلاد وخارجها". وصرح الأب فيديريكو لومباردي المتحدث باسم الفاتيكان أن الكاردينال ساره سيحمل مبلغ مليون دولار جمع خلال السينودس من 262 أسقفا من العالم أجمع، ويتضمن "مساهمة شخصية كبيرة من البابا"، وسيخصص هذا المبلغ للوكالة الإنسانية الكاثوليكية التي تنشط في سوريا وفي البلدان المجاورة. ومن المقرر عقد لقاءات مع ممثلين عن مختلف الكنائس، وخصوصا كنيسة الروم الكاثوليك في سوريا كما أشار الأب لومباردي. وذكر الحبر الأعظم أنه "لإظهار تضامني، وتضامن كل الكنيسة مع الشعب السوري، وقربي الروحي من المسيحيين في هذا البلد كنت أرغب في إرسال وفد كرادلة إلى دمشق". وأضاف "للاسف الظروف، وتطور الوضع في سوريا لم يسمح بإرسال وفد كرادلة إلى سوريا كما كنت أود، وبالتالي قررت أن أعهد بهذه المهمة الخاصة إلى الكاردينال روبرت ساره رئيس المجلس البابوي". وأثناء السينودس الأخير، حول التبشير الجديد الذي انتهت أعماله في آواخر أكتوبر الماضي، وصف أساقفة الشرق الأوسط الوضع في سوريا بالمأسوي وشددوا على مبادرة من روما. ولفتوا أيضا إلى تنامي التيار الإسلامي المتشدد في منطقطة يعيش فيها المسيحيون الذين يشكلون أقليات حتى الآن في طمأنينة. وأعلن الكاردينال أمين سر دولة الفاتيكان ترتشيسيو برتوني، في 16 أكتوبر أن وفدا من الكرادلة سيتوجه إلى دمشق في الأسبوع التالي. ثم مع وقوع اعتداءات دامية في دمشق استهدفت الحي المسيحي، وفي بيروت لفت الفاتيكان في بيانات عدة الى إمكانية تأجيل هذه الزيارة، لكن إجراءات هذه الزيارة -- كيف التوجه إلى دمشق وما هي الضمانات الأمنية التي سيحظى بها الوفد-- بدت صعبة التحقيق. واعتبر الأب اليسوعي باولو دال اوليو، الذي أقام لفترة طويلة في سوريا، للتشجيع على الحوار الإسلامي المسيحي، قبل أن تطرده السلطات، رأى أنه من المرجح أن لا يلتقي الكرادلة إلا "الرسميين الذين هم طوعا أو كرها إلى جانب النظام"، وحذر من "أن الرسالة قد تستخدم من قبل الأسد". وارتباك الكرسي الرسولي كان واضحا خصوصا وأن نظام الأسد لم يعط ضوءه الأخضر، وكان من المرجح التخلي عن مشروع الزيارة حتى وإن لم يعلن ذلك رسميا بشكل واضح. وكان لا بد من إيجاد بديل لتلك المبادرة الملفتة التي لم تحضر بشكل جيد على ما يبدو، خصوصا وأن الإعلان عنها أثار الآمال لدى مسيحيي المنطقة. واليوم الأربعاء، وضع البابا حدا لهذا الغموض إذ أن الكاردينال ساره سيتمكن من لقاء لاجئين ومسؤولين عن الكنائس بدون المجازفة، بأن يستغل هذا الطرف أو ذاك مبادرة الفاتيكان.