في غياب قوات الأمن، تفرض مجموعات مسلحة تتجول في بعض الأحيان على متن دبابات هجومية، سلطتها في عدن ثاني مدن جنوب اليمن الغارقة في حالة من الفوضى الكاملة، ويسمع فيها إطلاق النار ودوي الانفجارات. وهزت المدينة، بعد ظهر أمس، انفجارات قوية مصدرها مستودع كبير للأسلحة يقع في جبل حديد غير البعيد عن مرفأ عدن، وقال شهود عيان إن هذا المستودع الذي يتعرض للنهب منذ الجمعة الماضي شهد مواجهات قبل الانفجارات. وفي كل المنطقة، تحطم زجاج وتضررت منازل بينما ارتفعت أعمدة من الدخان، ويمتلك الجيش اليمني مخزن الأسلحة هذا لكن الجنود هربوا منه بعدما غرقت عدن في الفوضى، على إثر الرحيل السريع للرئيس عبدربه منصور هادي، الذي يهدده المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم العسكريون الموالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذين يتقدمون باتجاه المدينة. قال مدير مكتب الصحة الخضر الأصور "انتشلنا حتى الآن 14 جثة متفحمة وهناك جثث أخرى في الداخل على حد علمنا"، وكانت الحصيلة السابقة تتحدث عن مقتل تسعة أشخاص. واتهم لصوص ينهبون الموقع الحوثيين وحلفاءهم الموجودين في المدينة بالوقوف وراء التفجيرات، وقال أحدهم إن الحوثيين ورجال صالح هم الذين فجروا المخزن، وأضاف "إنهم لا يريدون أن نضع يدنا على هذه الأسلحة". فيما أكد أحد نواب حاكم عدن نايف البكري الفرضية نفسها. وقال إن وصول الحوثيين إلى اليمن سبب الفوضى، إنهم يريدون السيطرة على المدينة بالقوة. وذكر مراسل لوكالة "فرانس برس"، أن سكان عدن يلازمون بيوتهم في المدينة حيث بلغت حصيلة المواجهات بين مجموعات متحاربة والانفجارات 95 قتيلا على الأقل في الأيام الأربعة الأخيرة. ذكرت مصادر عسكرية وأمنية، اليوم، أن عشرين شخصا على الأقل قتلوا في معارك ليلية في عدن بين لجان الدفاع ومجموعات شيعية متمردة قصفت المطار بالمدفعية، ما أدى إلى اندلاع حرائق. وقال مصدر عسكري، إن المواجهات للسيطرة على المطار الدولي تواصلت متقطعة صباح اليوم، بعدما تمكن متمردون من استعادة موقع إستراتيجي خسروه أمس وسقط 9 قتلى في صفوفهم. وذكر ضابط أمني ومصدر طبي لوكالة "فرانس برس"، أن خمسة من أعضاء لجان الدفاع قتلوا بينما كانوا يصدون، عن مدرج المطار، المتمردين الذين قصفوه بالمدفعية لدى فرارهم، ما أدى إلى اندلاع حرائق في برج المراقبة وصالون الشرف ومبنى آخر. وأضاف أن 6 أشخاص منهم 4 حوثيين قتلوا ولحقت أضرار بدبابتين للتمرد خلال هذه المعارك التي تمكن المتمردون في نهايتها من التقدم وإقامة مقر قيادتهم في بلدية دار سعد. وأغلقت المحلات التجارية في معظم الأحياء بينما تسيطر فصائل متناحرة على محاور الطرق الرئيسية، وشكل متطوعون شباب لجانا للدفاع عن أحيائهم، وهم يتصدون للمسلحين الحوثيين الذين ظهروا فجأة في عدن حيث تحصن الرئيس هادي بعد فراره من العاصمة صنعاء في فبراير. ويتجول بعضهم بفخر برشاشاتهم، بينما يحمل آخرون قذائف مضادة للدروع (آر بي جي)، وفي أحد الشوارع يحاول شابان نقل صندوق للذخائر يبدو ثقيلا، وفجأة تطلق رصاصات في الهواء. ويقول الشاب الذي أطلق النار ببعض الفرح واللامبالاة "أقوم باختبار رشاشي الجديد". ومساء أمس، سيطر مقاتلون من لجان الدفاع على كل مطار عدن الدولي بعد مواجهات مع المتمردين الشيعة كان كل من الجانبين يستخدم دبابات خلالها. وقال مصدر طبي، إن هذه الصدامات أسفرت عن سقوط 5 قتلى، ومجمع الإدارة المحلية والإذاعة من الأبنية النادرة التي ما زالت الشرطة العسكرية تقوم بحمايتها. وغطت الإطارات بعض الطرق بينما تغلق كتل من الحجارة شوارع أخرى خلت من المارة بالكامل، وفي بعض الأحيان تمر دبابة في الشارع بدون أن يعرف راكبوها. كان المتمردون الحوثيون، بمساعدة الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح الذي له أنصار داخل الجيش، انطلقوا من معقلهم في صعدة شمال اليمن باتجاه وسط البلاد وغربها قبل أن يتقدموا في الأيام الأخيرة باتجاه الجنوب.