الآن.. الاستعلام عن مسابقة معلم مساعد 2024 (التفاصيل)    البلشي: سندعو كل الأطراف لحوار مجتمعي بنقابة الصحفيين حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية    1342 مدرسة تستعد لاستقبال 825 ألفا و700 طالب في بني سويف    نتيجة تنسيق شهادة دبلوم الزراعة 3 سنوات 2024    «عبداللطيف» يبحث مع أمين «تطوير التعليم» سبل التعاون لتطوير المنظومة    رسائل وزير المالية في جولة جديدة من حواره الممتد مع أكثر من 200 مستثمر بكبرى المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية بلندن    انقطاع المياه عن القناطر الخيرية 6 ساعات غدا.. تعرف على السبب    البيئة :خطوة تفعيل رسوم المخلفات الصلبة البلدية دفعة قوية تضمن استدامة تشغيل المنظومة مالياً    حصيلة تفجيرات البيجر في لبنان.. 37 شهيدا و2931 مصابا في 48 ساعة    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    حماس: العدوان لن يجلب للاحتلال ومستوطنيه إلا مزيدا من الخوف والدماء    أول رد من مجلس أبوظبي على تأجيل السوبر المصري    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    مقتل سائق على يد عامل وأبناءه بشبرا الخيمة    تعاون «مصري – أمريكي» لحماية التراث الثقافي المصري (تفاصيل)    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    السبت.. مهرجان سماع للإنشاد والموسيقى الروحية في بيت السناري    افتتاح الفرع الجديد لمكتبة مصر العامة بمدينة طيبة شمال الأقصر.. صور    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    مساعد وزير الصحة: ملتزمون بتطوير المنظومة وإدخال التقنيات التشخيصية للمستشفيات    عاجل.. كولر يرفض رحيل ثنائي الأهلي ويفتح الباب أمام رحيل "النجم الصاعد"    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    "خناقة ملعب" وصلت القسم.. بلاغ يتهم ابن محمد رمضان بضرب طفل في النادي    حادث درنة الليبية.. تفاصيل فاجعة وفاة 11 عاملًا مصريًا في طريقهم للهجرة    بقيت ترند وبحب الحاجات دي.. أبرز تصريحات صلاح التيجاني بعد أزمته الأخيرة    براتب 6000 .. وزارة العمل: 96 وظيفة شاغرة للشباب بمحافظة القليوبية    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    مسؤول أمني: الفيتو الأمريكي يكون العقبة دائما أمام أي قرار لصالح فلسطين    خبير سياسي: إسرائيل تريد مد خط غاز طبيعي قبالة شواطئ غزة    بعد 14 أسبوعا.. فيلم ولاد رزق 3 يتصدر قائمة الإيرادات وأهل الكهف يتذيل    حزب الله: هاجمنا بمسيرات انقضاضية تمركزا لمدفعية الاحتلال    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    بالمزمار والطبل البلدي.. محافظ المنوفية يضع حجر أساس مدرستين بالبتانون (صور)    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    إزالة تعديات على مساحة 14 فدان أراضي زراعية ضمن حملات الموجة ال23 في الشرقية    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    أطعمة ومشروبات تحافظ على صحة القلب (فيديو)    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    وزير الإسكان يوجه بتكثيف خطة طرح الفرص الاستثمارية بالمدن الجديدة    محافظ القليوبية يقيل مدير مدرسة الشهيد أحمد سمير ببنها    وزير الصحة: صناعة الدواء المصرية حققت نجاحات في أوقات شهد فيها العالم أزمات كبيرة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق فى الهرم    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    «الرقابة الصحية»: نجاح 11 منشأة طبية جديدة في الحصول على اعتماد «GAHAR»    ضبط عنصر إجرامى بحوزته أسلحة نارية فى البحيرة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    دياز: لقاء إنتر ميلان كان اختبارا رائعا    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    لو عاوز تمشيني أنا موافق.. جلسة حاسمة بين جوميز وصفقة الزمالك الجديدة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ننتظر من زيارة الرئيس إلى إثيوبيا؟
نشر في الوطن يوم 28 - 01 - 2015

سألنى عدد من الأصدقاء من المثقفين والمختصين والإعلاميين، عمّا أتوقعه من نتائج زيارة الرئيس السيسى إلى إثيوبيا ولقائه المنتظر مع رئيس الوزراء الإثيوبى على هامش اجتماع الاتحاد الأفريقى الرابع والعشرين فى أديس أبابا. ومن طبيعة تخصصى المهنى، كان واضحاً أنهم كانوا يعنون بسؤالهم عمّا أتوقعه من نتائج لهذه الزيارة، بخصوص أزمة سد النهضة. والحقيقة الإجابة عن السؤال صعبة، والصعوبة ليست نتيجة عدم وضوح الموقف الإثيوبى، فهو واضح كالشمس، ولكن عدم الوضوح يتعلق بالموقف المصرى المعلن وبما تريده مصر من إثيوبيا. فالتصريحات السياسية المصرية المعلنة تتمثل فى أن مصر تدعم حق إثيوبيا فى استخدام مياه النيل فى التنمية، ولكن مصر تتوقع أن تتفهم إثيوبيا أيضاً أنّ مياه النيل هى مصدر الحياة الوحيد لمصر وشعبها. وهذا التصريح يدخل ضمن المبادئ العامة للعلاقات المائية بين الدولتين، ولا يمثل مطلباً مصرياً محدداً بأزمة سد النهضة. أمّا إثيوبيا فهى أكثر تحديداً وتفصيلاً، فتقول رسمياً إنّ سد النهضة لن يُسبب أى أضرار «جسيمة» لمصر، وإن إثيوبيا لا تقر بحصة مصر المائية، وإنّها تقر فقط مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل. والبيان المشترك للدولتين الذى صدر على هامش الاجتماع السابق للاتحاد الأفريقى فى مالابو بغينيا الاستوائية، ينص على مبدأ عدم الإضرار، واحترام قواعد ومبادئ القانون الدولى، والعودة إلى المباحثات الفنية من خلال اللجنة الثلاثية التى تضم الدولتين، بالإضافة إلى السودان. وبالفعل عادت المباحثات الفنية من خلال اللجنة الثلاثية، وتم الاتفاق على خارطة طريق لفترة ستة أشهر تنتهى بنهاية فبراير 2015، وتشمل الاستعانة بمكتب استشارى دولى لدراسة الآثار المائية والكهرومائية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية لسد النهضة على دولتى المصب، وأن يتم التوافق حول نتائج هذه الدراسات. ولكن حتى الآن، وبعد مرور خمسة أشهر كاملة، لم يتم حتى اختيار المكتب الاستشارى لإعداد هذه الدراسات، نتيجة مماطلات إثيوبية ودعم سودانى، وإثيوبيا مستمرة فى بناء السد، وأنهت 40% من إنشاءاته. وإثيوبيا من خلال اللجنة الثلاثية الفنية لا تقبل إيقاف إنشاءات السد حتى الانتهاء من دراسات آثاره وتداعياته السلبية على مصر، ولا تقبل مناقشة حول تقليل سعة السد. ومع توقف المباحثات الفنية صعّدت مصر نسبياً من تصريحاتها الرسمية، وظهر ذلك أثناء استقبال سيادة الرئيس للوفد الشعبى الإثيوبى خلال زيارته إلى القاهرة، وكان برئاسة السيد رئيس البرلمان الإثيوبى، حيث صرّح سيادة الرئيس بأن النوايا الطيبة والتصريحات الودية بأن إثيوبيا لن تضر بأمن مصر المائى، يجب أن تُترجم إلى اتفاقية قانونية يُقرها البرلمان الإثيوبى، بل عرض سيادة الرئيس أن يزور بنفسه البرلمان للتباحث حول هذا المطلب. وقد كرر سيادته الطلب نفسه، لنيافة بطريرك إثيوبيا أثناء زيارته إلى مصر على ضوء تصريحات نيافته بأن سد النهضة لن يضر بالأشقاء المصريين. ويجب ألا نُغفل زيارة الرئيس إلى كل من إيطاليا والصين، وكل منهما لها علاقات وطيدة وتاريخية مع إثيوبيا، لكن لا نعرف إن تمت مناقشة سد النهضة أثناء هذه الزيارات أم لا، وهل هناك نتائج إيجابية أم لا؟ وهناك أيضاً زيارة السيد وزير الخارجية إلى كينيا، التى صرح أثناءها عدة تصريحات قوية تدافع عن أمن مصر المائى وأهمية عدم المساس به.
والدراسات المصرية لسد النهضة متعدّدة وتشمل رسائل ماجستير ودكتوراه وتقارير خبراء دوليين ومحليين، وكلها تؤكد الآثار السلبية الوخيمة للسد على مصر، وأنّ السد مبالغ فى سعته التخزينية، بينما كفاءته الكهربية لا تتعدى 30%، وأنه من الأفضل لكل من مصر والسودان وإثيوبيا أن يتم تقليل سعة السد. وهناك دراسة نرويجية فى يوليو 2011، أعدتها مجموعة مكاتب استشارية دولية تعمل لحساب الحكومة الإثيوبية وبتمويل من النرويج، انتهت إلى أن السد مبالغ فى حجمه ومتدنٍ فى كفاءته لتوليد الكهرباء، وأنّه من الأفضل تقليل سعته إلى النصف، مما يعظم من جدواه الاقتصادية، ويقلّل من أضراره على دولتى المصب. وأشارت الدراسة النرويجية إلى أن تقليل سد النهضة إلى النصف سوف يُعظم إنتاج الكهرباء من السدود الثلاثة الأخرى المخطط بناؤها على النيل الأزرق. وهناك شهادة الخبير الاقتصادى الاستراتيجى الأمريكى أمام إحدى اللجان الفرعية للجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكى فى نوفمبر الماضى، التى أكد فيها الحقائق الواردة نفسها فى الدراسات المصرية والنرويجية، بل زاد على ذلك بأن السد ستكون له آثار مناخية سلبية على أمطار الهضبة الإثيوبية، وكذلك على الأمطار فى كينيا وتنزانيا، وأن إثيوبيا سوف تستخدم مياه سد النهضة فى الزراعة. وأوضح الخبير الأمريكى أن إطالة سنوات التخزين أمام سد النهضة لتقليل الآثار السلبية على مصر، تتطلب أن تكون على فترات طويلة جداً لن تقبلها إثيوبيا، لأنها ستُفقد السد معناه، بل وجدواه الاقتصادية. هذا ملخص الدراسات والمباحثات حول سد النهضة، فماذا يطلب إذن الرئيس المصرى من إثيوبيا؟ الحقيقة أنّ الموقف المصرى من هذه الأزمة ليس سهلاً، خاصة بعد الانتهاء من حوالى 40% من السد، وللظروف الصعبة التى مرت، وما زالت تمر بها الدولة، وفى ظل مؤامرات الخارج التى تُحاك للمنطقة، وفى ظل الدعم الغربى المستمر لإثيوبيا.
مصر فى رأيى أمامها خياران لطرحهما على إثيوبيا، الأول هو موافقة مصر على مطالب إثيوبيا بإتمام دراسات السد على مدى عام أو عامين، لكن بشرط وقف إنشاءات السد حتى يتم الانتهاء من هذه الدراسات والتوافق حول نتائجها وحول سبل تقليل الآثار السلبية للسد على مصر. والخيار الثانى هو التفاوض السياسى حول تقليل سعة السد وعدم استخدامه فى الزراعة، وقد يكون البديل النرويجى للسد (50% من الحجم الأصلى) هو البديل المعقول للبلدين. ولكن هل ستوافق إثيوبيا وحلفاؤها على أىٍّ من هذين الخيارين، وهل هناك خيار آخر لمصر، وكيف نحل أزمة السدود الإثيوبية الثلاثة الأخرى المخطط إقامتها على النيل الأزرق. أعتقد أنّ إثيوبيا لن توافق على أىٍّ من الطرحين المصريين، لأن الهدف الأساسى من السد ليس هدفاً تنموياً أو اقتصادياً، بل هو سياسى فى الدرجة الأولى، ويتمثّل فى التحكم فى المياه والطاقة الذاهبة إلى دولتى المصب، وتقزيم الدور المصرى فى شرق أفريقيا. وسوف تصر إثيوبيا على السعة الحالية للسد، وستصر على أن الآثار السلبية على مصر لن تكون كبيرة ويمكن حلها بزيادة سنوات التخزين، وأن تتعهّد إثيوبيا بصرف كميات إضافية من المياه لمصر والسودان فى سنوات الجفاف. وقد تنتهى الزيارة ببيان بهذه البنود الإثيوبية فى إطار يظهر أنّ إثيوبيا لن تضر بمصر، وأنه لا مخاوف من سد النهضة، ونستمر فى الدوران فى هذه الحلقة المفرغة، فهل لدينا بدائل حقيقية للتحرك المضاد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.