عندما كتبت هنا الأسبوع الماضى، مقالاً تحت عنوان: «مهزلة فى الجيزة»، أنتقد فيه المحافظ، ووزير التنمية المحلية، لعدم قيامهما بواجبهما فى إنقاذ المواطنين من سوء حالة الخدمات والمرافق، قال لى الدكتور على عبدالرحمن فى اتصال هاتفى: إنه غير مسئول عن مشاكل الصرف والمياه والطرق والخبز والمواصلات، وغيرها، فى إشارة إلى وجود وزارات مسئولة عنها، ولما سألته: ما دورك؟، قال ما معناه إنه لا يملك إمكانيات، فطلبت منه أن يستقيل، وقلت له إن أى مسئول يعجز عن القيام بدوره يترك منصبه، حتى لو كان الرئيس محمد مرسى. وهذه هى الحقيقة، فكل مسئول يجد نفسه غير قادر على حل مشاكل الناس لأى سبب يجب عليه أن يرحل، ويفسح المجال لمن يستطيع، وهنا أشير إلى ضرورة استقالة أو إقالة عبدالقوى خليفة، وزير الدولة للمرافق ومياه الشرب والصرف الصحى، الذى ساءت الأمور فى ظل وزارته الجديدة، أضعاف أضعاف ما كانت عليه من قبل، وأصبح الناس يشربون المياه المسممة، وأصبحت الشوارع للمجارى فقط فى ظل إهمال غير مسبوق لكل العاملين فى هذا القطاع. إن مصر التى حلم الكثيرون أن تتغير بعد مظاهرات 25 يناير، تتغير بالفعل ولكن للأسوأ، والمواطنون الذين صبروا طوال الشهور الماضية على الفوضى وغياب الأمن والبلطجة، على أمل أن يتحقق أى حلم من أحلامهم فى الحياة الكريمة، بدأوا يفقدون حتى مجرد القدرة على الحلم، خاصة فى ظل ما يجدونه من محاولات الجميع تحقيق مصالحهم الخاصة، وتمسك رجال النظام السابق بمناصبهم، رغم أنف الشعب، يساعدهم فى ذلك بعض وسائل الإعلام الفاسدة أو المغرضة. وما حدث يوم الجمعة الماضى يؤكد ذلك، فاستقالة النائب العام، مطلب قديم لبعض القوى السياسية، وعندما حاول الرئيس تكريم الرجل، ونقله إلى عمل آخر لتهدئة الناس، ثارت وسائل الإعلام إياها، وعقد رجل الأعمال الذى حصل على شركته من الدولة بوسائل معروفة، والذى كثيراً ما يحرض ضد مصر والمسلمين اجتماعا مع بعض أصحاب الفضائيات للتحريض ضد الرئيس، لكن الأخير فوت الفرصة على المتربصين، واستجاب لطلب مجلس القضاء الأعلى وتراجع عن نقل النائب العام، رغم علمه بأن هذا الموقف سيغضب الكثيرين، وربما خرجوا للتظاهر ضده، خاصة أن بيننا من يعشق المظاهرات دون سبب. إن ما فعله الرئيس، فسره البعض بأنه هزيمة رئاسية، لكنه كشف أيضاً أن هناك من المسئولين من لا يزالون يتمسكون بمواقعهم رغم إرادة الشعب. إننى كنت وما زلت أتمنى لو أن كل الرموز، والمسئولين المحسوبين على النظام السابق، أو حتى المعارضين الذين دخلوا معه فى صفقات من أى نوع تركوا المشهد، وانسحبوا من الحياة السياسية، لكى يساعدوا مصر على الخروج من النفق المظلم الذى دخلته قبل عشرات السنين، وازداد الظلام بعد يناير 2011، بسبب استمرار هؤلاء فى مواقعهم، وحتى لو كان هذا الاستمرار قانونياً، فلا أحد يفهم أبدا كيف يمكن لهؤلاء أن يتمسكوا بمناصبهم، بحجة أنهم يحمون مصالح الشعب، بينما هذا الشعب يرفض وجودهم، إن على هؤلاء أن يعلموا أن نهاية التمسك بما ليس لهم، أصبحت معروفة منذ 11 فبراير 2011، ومصير الرئيس السابق، الذى قضى بعناده وحبه لنفسه على كل تاريخه، لا يخفى على أحد.