فى مستهل ولايته الرئاسية، أطلق عبدالفتاح السيسى الدعوة للتبرع فى صندوق تحيا مصر، ضمن مبادرة لدعم الاقتصاد والتغلب على الأزمات التى تمر بها البلاد، ودعم العدالة الاجتماعية، إضافة إلى انطلاق مشروع تنمية محور قناة السويس. فى 24 يونيو 2014، أعلن «السيسى» عن تنازله عن نصف راتبه، البالغ 42 ألف جنيه، ونصف ما يمتلكه من ثروة لصالح مصر فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها، وفى 1 يوليو 2014 أعلنت رئاسة الجمهورية عن تدشين صندوق «تحيا مصر» تفعيلاً للمبادرة. بعد 30 يونيو وخروج مصر من فترة ذات صبغة اقتصادية وسياسية عصيبة، التف العديد من رجال الأعمال حول «السيسى»، وبلغ إجمالى تبرعات رجال الأعمال نحو 5 مليارات و594 مليون جنيه، وعلى رأس المتبرعين: المهندس محمد الأمين، الذى بلغت قيمة تبرعاته نحو نصف أسهمه فى مجموعة عامر جروب بواقع مليار و200 مليون جنيه، الذى قال إنه ليس من قيم أو مبادئ «السيسى» أن يأخذ نقوداً من أحد بالإجبار، بل إنه ناشد الضمير الوطنى للمصريين. أما رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، رئيس مجموعة حديد المصريين، فتبرع بنحو 114 مليون جنيه، وفى تصريحات سابقة له، أعلن عن دعمه ل«السيسى»، وقال: «السيسى» لن يستطيع بكل ما يملك من عزيمة وإصرار بناء الوطن وحده، وفى حاجة لمساندة الشعب له من أجل إحداث فرق حقيقى، وإن الفقر والجهل المرض هم أعداء مصر الحقيقيون؛ لأن انهيار الدولة سيؤدى إلى انهيار الجميع، كما قال فى أشهر تصريحاته: «كرامتنا تتهان لما مصرى ينام جعان». وتبرع رجل الأعمال حسن راتب، رئيس مجلس إدارة «مجموعة شركات سما» رئيس مجلس أمناء جامعة سيناء، بإنشاء 500 وحدة سكنية فى شمال سيناء لإسكان الشباب بتكلفة تقديرية 50 مليون جنيه، على أن ينتهى من إنشائها فى موعد غايته عامان من تاريخ تسلم الأرض من المحافظة، إضافة إلى تبرعه ب20 مليون جنيه نقداً بموجب شيك سلَّم صورته للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، لصالح الصندوق. كما تبرع «راتب» أيضاً ب29 ألفاً و200 سهم تمثل أكثر من ثلثى عدد الأسهم المملوكة له فى شركة سيناء للأسمنت الأبيض، بقيمة تتعدى 15 مليون جنيه، وأعلن تقديم شركة أسمنت سيناء 50 ألف طن أسمنت رمادى بتكلفة تقديرية 35 مليون جنيه للمشاركة فى أعمال إنشاء قناة السويس الجديدة، كما أعلن عن تبرعه بنسبة 50% من أرباح شركاته التى يمتلكها بنسبة 100% للاستثمار فى محافظة سيناء، إضافة إلى تبرع مؤسساته الاستثمارية ب60 مليون جنيه بشكل سنوى كمشاركة فى العمل الاجتماعى. يُذكر أن من بين الأعمال الخيرية التى تقوم بها مؤسساته: إنتاج 4 مخابز طن دقيق فى اليوم يوزَّع مجاناً، كذلك دخول شهرية لبعض الفقراء والمشاركة فى بناء قرى، وإنفاق جامعة سيناء 25 مليون جنيه منحاً مجانية وبعضها تنفق كتعليم مجانى لأبناء سيناء. ولعب طارق نور، صاحب شركة إعلانات وعدد من القنوات الفضائية، دوراً مهماً، فكان المنسق العام والمستشار الرئيسى للدعاية الانتخابية للرئيس عبدالفتاح السيسى، وكان المسئول عنها، وقال فى تصريحات سابقة: «الحملة أنفقت 12 مليون جنيه على الدعاية الانتخابية، منها 6 ملايين على المؤتمرات، و6 أخرى على إعلانات التليفزيون والراديو والمطبوعات واللافتات الإعلانية والبوسترات، وإن الشركات كانت تخفض أسعار الإعلان عندما تعرف أنه لصالح السيسى». وأسهم نجيب ساويرس، رجل الأعمال، فى صندوق «تحيا مصر» ب3 مليارات جنيه، كما اشترى شهادات استثمار بمشروع قناة السويس الجديد بمبلغ 100 مليون جنيه. كان المهندس محمد الأمين والمهندس نجيب ساويرس قد تبرعا بقيمة الإعلانات التجارية المصاحبة للقاء الحصرى الأول مع المرشح الرئاسى المشير عبدالفتاح السيسى، لتخصيص المبلغ لصندوق إعمار دور العبادة، مساهمة منهما فى المجتمع المدنى وتحمل المسئولية الوطنية فى المرحلة الحالية. وأسهم رجل الأعمال محمد أبوالعينين، رئيس مجموعة سيراميكا كليوباترا، ب250 مليون جنيه قيمة منشآت تعليمية سيلتزم بها لصندوق تحيا مصر، كما أعلن دعمه الكامل ل«السيسى»، وأنه يخطط لبناء مستقبل مصر من خلال المشروعات القومية الذى سيسهم فيها، بل ناشد كل رجال الأعمال التبرع لصندوق تحيا مصر، باعتباره واجباً وطنياً، وقال: إن المسئولية تقع على كل مصرى، أبناء مصر لن يتخلوا عنها وسيقدمون جميع الخدمات الإنتاجية للبلاد، ومصر لن تحتاج مساهمات أو معونات من أحد مرة أخرى»، مؤكداً عودة روح التفاؤل للمستثمرين العرب والأجانب، خاصة أن مصر على أعتاب إقامة مشروعات كبرى بالبلاد. من جهته، قال الخبير المصرفى والاقتصادى، محمد فاروق: «فى عهد كل رئيس جديد، يكون هناك رجال أعمال جدد يظهرون على الساحة السياسية طبقاً للمناخ السياسى والاقتصادى الجديد؛ فحكم الإخوان جاء برجال أعماله وهم الإخوان، وحصلوا على العديد من المجاملات، أما فى عهد السيسى فظهر رجال أعمال العهد السابق، وفى عهد السيسى لم يُفرز أى رجال أعمال جدد»، مشيراً إلى أن المناخ السياسى والاقتصادى كان ملائماً لعودة رجال أعمال العهد السابق. ووصف الخبير المصرفى مساهمات رجال الأعمال فى صندوق «تحيا مصر» ب«العار»، قائلاً: «عار على رجال الأعمال المساهمة فى صندوق تحيا مصر؛ فالمواطن العادى هو الذى يسهم فيه، أما رجال الأعمال فيملكون مؤسسات اقتصادية ناجحة، يجب من خلالها المشاركة فى مشاريع قومية، وأن يتنافسوا فيما بينهم على تقديم خدمات قومية». وأضاف: «رجال الأعمال لم يسهموا إلا بعد دعوات متكررة من السيسى، خاصة أن رجال الأعمال منذ 25 يناير وهم خارج نطاق الخدمة»، وقال: «رجال الأعمال ما اتبرعوش إلا بعد ضغط من السيسى عليهم مقابل إعفاء ضريبى». ويرى الدكتور فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن مصر شهدت تحسناً ملحوظاً على المستوى الاقتصادى، من خلال تدشين مشروعات ستساعد على زيادة الدخل القومى، كمشروع توسيع محور قناة السويس، وأضاف أن رجال الأعمال رحب بهم الاقتصاد المصرى، وكانت لديهم نية حقيقية فى بناء الوطن والمشاركة فى التنمية. وأشار إلى أن تبرعاتهم فى صندوق تحيا مصر لم تتسم بالقوة إلا أن العبرة بالمشروعات القومية والمساهمة فيها.