بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، رفعت الإدارة الأمريكية شعار «الحرب على الإرهاب»، وكما كان «أسامة بن لادن» -مؤسس تنظيم القاعدة- يقسم العالم إلى فسطاطين: «فساط الكفر» و«فسطاط الإيمان»، قسّم الأمريكان العالم إلى محورين: «محور الشر» الداعم للإرهاب، و«محور الخير» الداعم لأمريكا! فعلت أمريكا ذلك رغم الصلة الوطيدة التى تربط بينها وبين جماعات الإرهاب باسم الدين. فالمرحوم سيد قطب تحول من ناقد أدبى ومثقف تربى فى صالون العقاد إلى واحد من أوائل منظرى فكر التكفير والحاكمية، بعد زيارة قام بها للولايات المتحدةالأمريكية، ويقال إنه سجل هذه التجربة فى كتاب له بعنوان: «أمريكا التى رأيت»، لكن هذا الكتاب غير متوافر، ذلك إن كان «قطب» قد ألف حقيقة كتاباً بهذا العنوان. وقد حظى تنظيم القاعدة -فى بداياته الأولى- بدعم أمريكى سخى خلال الفترة التى كانت كوادره وخلاياه تقاتل ضد الاحتلال السوفيتى لأفغانستان، ولا يبرئ الكثيرون الولاياتالمتحدة من المشاركة فى صناعة هذا التنظيم ووقوفها إلى جوار الإرهاب، فى مرحلة كان من صالحها أن ترفع شعار «الحرب مع الإرهاب»، ولكن ما إن أدى التنظيم دوره وخرج الروس من بلاد الأفغان، حتى انقلب «القاعدة» على الأمريكان، وانقلب الأمريكان على «القاعدة»، وكان ما كان مما تعلمه عن الهجوم على برجى التجارة بالولاياتالمتحدة، وما تبعه من حرب أمريكية على «قاعدة الجهاد»، التنظيم الذى تأسس على عين الأمريكان! الأمر نفسه ينطبق على تنظيم «داعش». فلا يوجد عقل يستطيع أن يستبعد ضلوع الأمريكان فى دعمه ومساعدته وتهيئة المناخ الإقليمى والدولى حتى ينمو ويترعرع ويتمدد على الأرض داخل العديد من الدول، ليعيد من جديد التنبيه إلى المرحلة الأولى التى تخوضها أمريكا مع الإرهاب، وأقصد بها «مرحلة الحرب مع الإرهاب». إن هناك أدلة لا تخطئ على تورط الأمريكان بالدعم المباشر أو ب«التمرير» فى وصول السلاح إلى «داعش»، بالإضافة إلى السماح بوصول المال إليهم، والكل يعلم أن الولاياتالمتحدة تراقب حركة تحويل كل دولار يذهب من وإلى أى دولة، وذلك بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، ثم خذ عندك أيضاً مسألة بيع «داعش» للبترول بعد استيلائها على حقول نفط فى الأراضى التى احتلتها، هل من المتخيل أن يبيع التنظيم «نفطاً» دون موافقة الأمريكان؟! ترتيباً على ذلك يمكن القول إن الأمريكان كانوا يرفعون مع «داعش» شعار «الحرب مع الإرهاب» طيلة الفترة الماضية، وبعد أن استهلكوا هذه المرحلة بدأوا يطنطنون بحديثهم المعاد عن الحرب على الإرهاب، وأن «داعش» تضخمت حتى التورم، وأنها من أكثر التنظيمات الإرهابية قوة وشراسة، وغير ذلك من عبارات تتكرر على ألسنة المسئولين الأمريكيين. عموماً «النصاب» الأمريكى لم يكن له أن ينجح لولا أنه صادف «طماعاً» داعشياً أغرقه الطمع فى حالة من الخبل الذى صور له أن بإمكانه أن يحقق الحلم الذى فشل فيه مخابيل من قبله، مثل الإسكندر المقدونى، ونابليون بونابرت، وهتلر، فى السيطرة على أرض الله.