وصلت يد الإرهاب الغاشم لأسوار رئاسة الجمهورية فى تحدٍ واضح لأجهزة الدولة كافة، وعلى الرغم من التنويه عن العملية الدنيئة وتوقع الاستهداف، فإنها تمت وحققت فى رأيى أكثر من الأهداف المرجوة منها على الرغم من أنها قنابل بدائية الصنع حسبما ذكر، لقد أدت تلك العملية الخسيسة كما نعلم جميعاً إلى استشهاد بطلين جديدين من أبناء الوطن وإصابة عدد ليس بالقليل بإصابات مختلفة ليضافا بذلك إلى قائمة ممتدة من الشهداء الأبطال الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الوطن، رجال أوفياء سقطوا لينيروا لنا الدروب وضحوا بأرواحهم الطاهرة فداءً لهذا الوطن العزيز الغالى. إن مثل هذه العمليات متوقع حدوثها، فالتنظيمات الإرهابية لن تكف عن محاولاتها فى زعزعة أمن واستقرار الدولة فى ظل حالة الحرب الموجهة ضد الدولة المصرية، والحقيقة التى لا تقبل المواربة أو التبسيط أن الفترة الحالية تمثل مرحلة فى غاية الخطورة بشأن أمن الوطن ومقدراته، فالمخططات تكشف ما يحيط بنا، ولا شك أن عملية الاتحادية إضافة إلى المحاولة الفاشلة لهروب عادل حبارة وتفجير مديريتى أمن الدقهلية والقاهرة يرجع النجاح فيها -باستثناء محاولة هروب عادل حبارة التى أجهضت بمساعدة الأهالى- إلى وجود خلل ما فى المنظومة الأمنية وعشوائية التعامل والارتباك والتشتيت فى التعامل مع الظرف الحرج. أتفهم جيداً الأوضاع الصعبة وحجم المخاطر والتحديات الجسيمة التى تواجه الدولة بصفة عامة والقوات المسلحة والشرطة بكل قطاعاتها بصفة خاصة لاجتثاث الإرهاب فكرياً ومادياً من جذوره وحماية الوطن، وأعلم النجاحات الأمنية المتعاقبة والضربات الاستباقية المشهودة التى قامت بتوجيهها بكل اقتدار للجماعات الإرهابية فى إطار دحض الهجمة الشرسة على الدولة. إن الأمن كالسلسلة، تقاس قوته بقوة أضعف حلقة فيها. لذا فإننا بحاجة ماسة إلى إعادة الهيكلة من خلال خريطة أمنية جديدة قائمة على العلم والمعرفة تتسم بالفعالية والكفاءة وتحسين العلاقات الإنسانية وزيادة الفهم للقوانين وإشاعة ثقافة الحوار والتفاهم والمصارحة وإثراء الخبرات والتجارب والانفتاح الفكرى لتتواكب مع التطورات العلمية والتكنولوجية التي تحدث فى العالم للنهوض بالواقع الأمنى. خريطة أمنية جديدة تعتمد التدريب على مهارات المبادرة والحدس وكيفية إدارة الأزمات وتوقع حدوثها وإعداد سيناريوهات للتعامل مع الأسوأ بطريقة علمية مستفيدة فى ذلك من التجارب الدولية العديدة فى تأمين الكمائن ونقاط الارتكاز والمواقع الشرطية، إضافة إلى تنمية مهارات الحسم والضبط وتحسين اللياقة البدنية وتقوية قدرات الصبر والتحمل للعمل فى ظل الظروف الصعبة والخطرة، ذلك للوصول لتحقيق أقصى درجات توفير الحماية. ونظراً لأن العنصر البشرى من أهم العناصر الأمنية. لذا فإن الاهتمام بالأفراد والأمناء والضباط تدريباً وتثقيفاً، مادياً ومعنوياً وتنمية مهاراتهم وقدراتهم الشاملة والمستدامة ورفع الروح المعنوية وتوفير وسائل الحماية لهم ولأسرهم وإمدادهم بالإمكانيات والمعدات والأجهزة الحديثة هو العامل الأهم فى المنظومة الأمنية. إن القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه مسئولية الجميع؛ الأسرة والمدرسة ودور العبادة، والإعلام وليس الأمن وحده، ومصر كالمعتاد قادرة على دحر الإرهاب وهزيمته.