يبدو غير مكترث بالكاميرا الفوتوغرافيا التى سلطت ضوءها على وجهه، وشعره البُنى الكثيف وجبهته العريضة، مُحدقاً فى عدستها بكل ثقة وكأنه متعمد الظهور بطلّة نجم السينما، وليس طالب ثانوية عامة، تقرع الامتحانات أبوابه بعد أيام، يظهر فى هندام مدرسى، لا ينقصه سوى الحقيبة المعبأة بالكتب والكراسات، ينتظر التقاط الصورة، التى تحكى دون أى كلمات عن الصبى الذى تمرد على الواقع، ليضحى أحد نجوم الكوميديا فى مصر. الصورة المُفعمة بالأمل والتحدى، التقطت له حين أنهى دراسته الثانوية فى الإسكندرية، محاولاً التقديم فى معهد السينما قبل أن يرفض الوالد، فيضطر إلى النزول على رغبته ويلتحق الشاب بكلية الشرطة، واضعاً حلم التمثيل -الذى لم يغب عن باله- نصب عينيه «كنت حاسس إنى هبقى ممثل ونجم كبير، بس مش مشهور»، 3 سنوات كاملة قضاها الشاب فى الحياة العسكرية، افتعل بعدها مشكلة، كانت سبباً فى إنهاء علاقته بالكلية «عملت خناقة كبيرة فى الكلية وصممت أسيبها، وفعلاً اتفصلت». توديع كلية الشرطة كان بداية لحياة جديدة تنتظر الشاب مع الفن والأضواء، ونهاية حياة والده الذى لم يحتمل وقتئذ ألا يرى الابن الأكبر سوى ضابط شرطة، ينتهى دور الأب بوفاته، لتأخذ الأم دور البطولة فى حياة من أصبح نجماً كوميدياً «ساعدتنى على التقديم فى معهد التمثيل، قدمت لى الدعم المادى والمعنوى، لما جيت القاهرة، كانت بتبعت لى فلوس كتير علشان ما ابقاش محتاج لحد». شهر رمضان يعنى الكثير للفنان طلعت زكريا، وخاصة فى الإسكندرية، حيث نشأ وتربى، فالأطفال يجوبون الأحياء حاملين الفوانيس، وشوادر الكنافة والقطائف، والزينة التى يتنافس الأحبة والأقارب على تعليقها فى الشوارع، تفاصيل افتقدها «زكريا» وسط زحام الأعمال الفنية والأضواء والشهرة، موقف طريف لا ينساه النجم الكوميدى طلعت زكريا حدث معه وهو فى العاشرة، إذ نسى أنه صائم عن المياه والطعام معاً، واكتشف الأب أنه يشرب من صنبور المياه فى مطبخ المنزل فى «عز» نهار رمضان، فنهره ووبخه على فعلته دون أن يعاقبه، «أبويا أخدنى ونصحنى ماعملش كده تانى، ومن وقتها بصوم رمضان كل سنة». «سامحنى أنا بقيت مشهور» كلمات وجهها النجم الكوميدى لوالده الذى فارق الحياة، ليصنع من الحزن والفراغ الذى تركه بمغادرته الحياة، الابتسامة والضحكة على وجوه الملايين «إنت أكيد حاسس يا أبويا، وعارف إنى لو كنت ظابط عمرى ما كنت هنجح، والناس تحبنى بالشكل ده».