قال الدكتور أسامة فخري مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنّ القيم الأخلاقية تهدف إلى جعل الطاقات والقدرات والإمكانات الإنسانية في المجتمع، مرتبطة متلاقية في المحافظة على الأفراد وتعمل على تحقيق مصالحهم، ومن صور الإنسانية إعانة الضعيف والفقير والمحتاج والمريض، والتأكيد على مفهوم الجسد الواحد. وأوضح في كلمته بملتقي الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلي للشؤون الإسلامية، أنّ واجب الوقت بناء على مبدأ التكافل الاجتماعي بكل صوره وأشكاله، إخراج الزكاة قبل موعدها رعاية للمصلحة العامة، ولا سيما في أوقات الأزمات والجوائح التي يكون الناس فيها أحوج إلى التعاون والتكافل، حيث مساعدة المحتاجين ممن يتكسبون أرزاقهم يومًا بيوم، وكذلك مساعدة المرضى والمستشفيات بالأدوات التي يحتاجونها من أجهزة تنفس ومستلزمات طبية، فلا شك أنّ هذا الأمر في هذه الأيام التي اجتاح فيها وباء كورونا "كوفيد -19" العالم، هو من أعلى مقاصد الشريعة. وأوضح أنّ الدين الإسلامي دين مكارم الأخلاق ومحاسنها، ولم يأت بتعاليمه ليكون مجرد عظات ورقائق تسمو بروحانيات الناس في علاقتهم بالله فحسب، بل جاء أيضًا لينظم علاقات الخلق بعضهم ببعض، حتى يسود التفاهم والألفة والمحبة في المجتمع، فينعم الجميع بالسعادة في الدنيا والآخرة، ومن هنا فقد جعل الله خيرَنا أنفعنا لخلقه في الدنيا والآخرة، وجعل خيرَ أعمالنا الأمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، من أجل ذلك أنزل الله القِيَمَ التي تحفظُ للإنسانِ معنويات حياته. وتابع: جعل من أهم مبادئ نظامه الاجتماعي: أن يحرص كلُّ فردٍ على مصلحة غيره، حرصه على مصلحته، وأن يحب للآخرين الخير الذي يحبه لنفسه، ويتجلى ذلك فيما يقوم به كل فرد من عمل يحمل تعاونًا وتكافلًا وتراحمًا ومساعدةً في شتى المجالات يخدم بها نفسه وأهله وأمته ووطنه. وأشار إلى أهمية مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، فهناك العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى الراقي، يقول الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، كما دعا إلى استباق الخيرات، يقول تعالى "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ". وإلى جانب دعوة الإسلام للتعاون والتكافل والتراحم، أكد أنّ هذه القيم هي سبيلٌ رئيسٌ للجمع بين الجزاء الدنيوي والأخروي. وأكد أنّه لابد من الشعور بالآخر والسؤال عنه، لابد من التكامل فيما بيننا، لابد من غرس القيم الإنسانية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد، إذ شبّه النبي (صلى الله عليه وسلم) المؤمنين في اتحادهم وتعاونهم بالجسد الواحد، فقال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".