الإطلالة الساحرة.. الموقع المتميز.. المكان الاستراتيجي.. المناخ المعتدل.. التضاريس المتنوعة.. الطبيعة الخلابة.. عن الأندلس أتحدث.. هذه الكلمات كلها لا تفي الأندلس حقها فالأندلس ليست بمكان ولا زمان، بل هي تجربة حضارية إنسانية لا مثيل لها استمرت تنير ظلمات العالم زهاء ثمانية قرون من الزمان. دخل الإسلام أرض الأندلس عام (92ه - 711م) على يد القائد طارق بن زياد في فترة خلافة الوليد بن عبدالملك وقد عامل المسلمون آنذاك أهل هذه البلاد معاملة ملؤها العدل والتسامح، كعادتهم دومًا، وكذا لم يجبروا غير المسلمين على تغيير دياناتهم تنفيذًا وانصياعًا لقول الله سبحانه وتعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ولما تحمله تلك الرسالة من معانٍ . والتزم طارق بن زياد بتعاليم الدين الإسلامي وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث انتهج نهجه وسار على خطاه وذلك فيما يتعلق بتعاملاته مع أهل البلاد التي فتحها. وقد حكم المسلمون الأندلس فأنشأوا حضارة عظمى لم يقتصر خيرها على المسلمين فقط حيث نال غيرهم نصيبًا منها، فاهتدى الكثيرون بهديها واستضاءوا بنورها. حضارة نبكي لفقدانها بكاء النساء دمًا بدلًا من الدمع. ففي الثاني من يناير عام 1492م سقطت الأندلس من أيدي المسلمين ولم تشفع لهم تلك الحضارة فبمجرد أن سقطت في يد المحتلين نكلوا بالمسلمين أشد التنكيل وكان حالهم إما القتل أو التنصير بالاكراه أو اللجوء الى بلاد الشمال الإفريقي. والأسوأ من كل ذلك أن يتناسى المسلمون الآن ما كانت عليه تلك البلاد ودائمًا ما يذكرني مؤتمر السلام الذي عقد في مدريد عام 1991 والذي كان احتفالاً بالمائة الخامسة على سقوط الأندلس، إن عقلها الفاهمون، برسالة ألفونسو السادس التي أرسلها للمعتمد بن عباد أثناء حصاره لإشبيلية مع اختلاف الردود طبعًا فقد فر الفونسوا بمجرد رد المعتمد أما الآن فلم تعد الأفعال تؤثر لا الرسائل. واحسرتاه على المسلمين قبل الأندلس فلو رجع المسلمون لرجعت الأندلس. كم نحن الآن في أشد الاحتياج إلى القائد يوسف بن تاشفين الذي يعرفه جميعنا والذي ذكر في وصفه الذهبي أنه كان كثير العفو، مقربًا للعلماء، وكان أسمر نحيفًا، خفيف اللحية، دقيق الصوت، سائسًا، حازمًا، يخطب لخليفة العراق. أُسطِّر لكم هذه الكلمات وقد مزقت ضلوعي فأخرجت قلبي وهزت وتد وجداني وأفكاري فأبت أن تظل في مكانها إلا أن تخرج.. واحسرتاه حتى الأفكار تبرأت منا ومن أفعالنا.