حكمت المحكمة الدستورية العليا، في جلستها المنعقدة اليوم، برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، في الدعوى رقم 125 لسنة 35 قضائية "دستورية" برفض الطعن على نص المادة السادسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 734 لسنة 2005، في شأن قواعد وإجراءات منح حافز أداء متميز للعاملين المدنيين بالدولة الحاصلين على درجة الدكتوراة وما يعادلها ودرجة الماجستير وما يعادلها، والتي تنص على أن "لا تسري أحكام هذا القرار على العاملين بكادرات خاصة". وأقامت المحكمة حكمها في شطره الأول على سند من أن نص المادة (104) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المحال، فيما تضمنه من اختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا وحدها بالفصل في المنازعات المتعلقة بشؤون أعضائه، مقتضاه أن التقاضي بشأنهم يتم على درجة واحدة، ومن ثم يكون قد أقام تمييزًا غير مبرر بين هؤلاء الأعضاء وأقرانهم من أعضاء السلطة القضائية الذين منحهم نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، بعد استبداله بالقانون رقم 142 لسنة 2006، الحق في التقاضي في شأن الطلبات الخاصة بهم على درجتين، فجعل الاختصاص معقودًا للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة، مع إمكانية الطعن على أحكامها أمام دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض. ويتيح لهم حماية أكبر في مجال استئداء حقوقهم، بأن أتاح لهم درجة أخرى من درجات التقاضي يتناضلون فيها عسى أن يدركوا فيها ما فاتهم من أدلة لم يقدموها للدائرة المختصة، أو يكتشفون وجهًا للدفاع لم يمكنهم اكتشافه في المرحلة الأولى بما يكفل الطمأنينة لحماة العدالة حتى ينصرفوا لأداء رسالتهم على أكمل وجه، وحتى ينالوا الترضية القضائية إنصافًا، وهو ما حرم منه أعضاء مجلس الدولة، وذلك رغم تماثل مراكزهم القانونية، إذ يجمعهم أنهم قضاة متساوون فى الحقوق والواجبات، ليضحى حرمان أعضاء مجلس الدولة من هذا الحق، انتقاصًا من فرص الحماية القانونية للحقوق المقررة لهم بمقتضى أحكام الدستور ووسائلها التى اعتمدها المشرع، لا يرتكن إلى أسس موضوعية تبرره، بما يهدر شرط التناسب بين التنظيم الذي سنه كوسيلة لتحقيق الأهداف التي رصدها له، وبين تلك الغايات، ليغدو مصادمًا لتلك الأغراض، وغير مرتبط بها برابطة منطقية، ومتضمنًا تمييزًا تحكميًّا بين كلتا الفئتين في مجال مباشرة الحق في التقاضي، ما يوقع النص في حومة المخالفة الدستورية لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة اللذين كفلهما الدستور في المواد 4، 9، 53، 186 منه، وللحق في التقاضي المقرر بالمادة 97 منه، بعد أن قيد من نطاق ممارسة هذا الحق، وانتقص من محتواه ومضمونه، بما يمس أصله وجوهره، وهو ما يصمه كذلك بمخالفة المادة 92 من الدستور. كما أقامت حكمها في شطره الثاني على سند من أن عمل القاضي لا يقاس بعمل الموظف العام، لأن المغايرة في هذا الخصوص تقوم على أساس موضوعي مرده إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن المركز القانوني لسواه. متى كان ما تقدم، وكان تطبيق حافز الأداء المنصوص عليه في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 734 لسنة 2005، قبل إلغائهم، على أعضاء مجلس الدولة، الحاصلين على درجة الدكتوراة وما يعادلها، ودرجة الماجستير وما يعادلها، يحول دونه تنظيم المعاملة المالية لأعضاء مجلس الدولة على نحو يغاير تنظيمها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة؛ الأمر الذي يبرره اختلاف المركز القانوني لعضو مجلس الدولة، في شأن معاملته المالية، عن المركز القانوني لسواه من المعاملين بنظم الوظيفة العامة، ومن ثم فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، في هذا الصدد، تكون فاقدة لأساسها حَرِيَة بالرفض.