«عشش وزرائب.. تعيش فيها الأصالة، يشبع ظمأها وحاجتها نهر النيل المار إلى جوارها، جمعت النقيضين.. المبانى شاهقة الارتفاع، التى تحجب أشعة الشمس ونسمات الهواء عن أناس قابعين داخل مساكن آيلة للسقوط».. «بولاق أبوالعلا» منطقة شعبية بكت طويلا من خطر التهجير، وعاودتها آلام التهجير مرة أخرى عقب اشتباكات «نايل سيتى» بمنطقة رملة بولاق، الذين خرجوا بحملة «لا للتهجير.. نعم للتطوير». فى ظل التهديد بتهجير أهالى الحى وتعويضهم بمساكن فى مناطق جديدة على أطراف محافظة القاهرة، تطوعت جمعية خيرية فى المنطقة بحث المواطنين على رفض التهجير من منطقتهم والمطالبة بتطويرها. جداريات ورسومات على جدران منازل المنطقة المطلة على شارع الجلاء، كتبوا عليها «قاعدين ومش ماشيين.. إن بعنا بولاق بكره نبيع مصر». «أحمد مزروع» أحد سكان حارة أبوطالب، قال «هيودونا فين.. إحنا جذورنا هنا من جد الجد»، مؤكدا رفضهم الانتقال لأى منطقة أخرى. لا ينظر تاجر المواشى إلى القيمة المادية للتعويض عن منازلهم بقدر ارتباطهم بها «وراثيا»- حسب قوله، مضيفا «هنروح فين بس.. ضحكوا علينا ولحد النهارده ما أخدناش حاجة مقابل بيوتنا اللى اتهدت». الرجل السبعينى استرجع بداية الأزمة قبل 1992، عندما حاولوا طردهم.. بعد أن أشيع أن شركة كويتية سعودية اشترت الأرض من الدولة. «مزروع» غير راضٍ عن «جنينة» الإذاعة والتليفزيون المتسببة فى إزالة بيوت سكان شارع أبوطالب، ووصف التعويضات ب«كلام فاضى»، قائلا «الغرفة ب7 آلاف جنيه»، محملا وزير الإعلام الأسبق مسئولية هدم منازلهم «صفوت الشريف هو السبب فى تشريدنا وموت الناس». سمير، صاحب مقهى بلدى، يقول «إحنا بنرفض نمشى»، شاكيا عدم مساواتهم بسكان مناطق معروف ورملة بولاق وروض الفرج، فى إقامة مساكن بديلة لهم فى نفس المكان. «مزروع» يستبعد فكرة إقامة القضايا، ويؤيد حملة رفض التهجير «إحنا اتولدنا وعشنا ونموت فى بلدنا وحتتنا أحسن»، كاشفا عن استعداده وأولاده للبقاء فى منازلهم فى حالة إخراجهم بالقوة، «يبقى ييجو يهدوا علينا البيوت.. ونموت وخلاص هيا موتة ولّا أكتر».