على الرغم من أن قرار محكمة عابدين، بفرض الحظر على تنظيم الإخوان، وكل ما ينبثق عنه، سواء جمعية أو جماعة، من المفترض أن يقطع أذرع الإخوان، فى كل المجالات، خصوصاً الاقتصادية، إلا أن ذلك الأمر بات مهمة شبه مستحيلة، لأن أموال التنظيم مسجلة بأسماء بعض القيادات والأعضاء خارج التنظيم، مما يجعل من الصعب تتبّعها، والتحفظ عليها. وتبقى هناك تساؤلات حول أموال التنظيم، وكيف استطاع قيادات الإخوان طوال سنوات حكم حسنى مبارك، الرئيس الأسبق، إخفاءها بأسماء وهمية، داخل وخارج مصر، عن طريق شبكة عنكبوتية يصعب تتبعها أو مراقبتها أو حتى إثباتها. وفى ظل الخلط بين ما هو عام وخاص داخل الجماعة، ثار أعضاء من داخل التنظيم اعتراضاً على استيلاء خيرت الشاطر نائب المرشد العام، على أموال الإخوان. ضخت الجماعة خلال السنوات الماضية، ملايين الجنيهات فى مدارس إخوانية، بالإضافة إلى شركات ومصانع بأسماء قيادات الإخوان على الورق، فى حين أن الأموال كانت للتنظيم، وأسماء أصحابها مجرد لافتة فقط. ونفس الأمر ينطبق على تبرّعات الجماعة، التى تصل إلى 10% من دخل العضو، واستطاع الإخوان ضخّها فى شركات داخل وخارج مصر، بالإضافة إلى تبرعات التنظيم الدولى. ومن ضمن تلك المدارس التابعة للتنظيم، مدارس «جنى دان» المملوكة للمهندس «خيرت الشاطر»، وتديرها ابنته «خديجة»، ومدرسة «أمجاد» فى المعادى المملوكة لكاميليا العربى، شقيقة وجدى العربى، وتمتلك أيضاً داراً للأيتام أيضاً. وهناك مدرسة «المقطم» الدولية المملوكة للمهندس عدلى القزاز مستشار وزير التعليم، ومدرسة «زهراء الأندلس» بمنطقة فيصل بالجيزة ويديرها رجل أعمال إخوانى، ومدارس «فضل» الحديثة بالجيزة المملوكة لمحمد فضل صهر عصام العريان، ومدرسة «تاجان» بمنطقة التجمع بمدينة نصر، ومدارس «طيبة» بمدينة نصر، ومدارس الصحابة بحلوان والمعادى. وفى المحافظات، تمتلك «الإخوان» مدارس «الهدى والنور» فى الدقهلية، ويرأس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم أبوعوف أمين حزب الحرية والعدالة بالمحافظة، المقبوض عليه على ذمة تهم بالتحريض على العنف، وتدير المدارس «زينب الشاطر» شقيقة «خيرت»، المقبوض عليه أيضاً على ذمة عدة قضايا جنائية، وهناك مدارس «الدعوة الإسلامية» فى بنى سويف، ومدرسة «رياض الصالحين» الخاصة، بمركز الشهداء بالمنوفية، ويمتلكها رجل أعمال إخوانى، ومدارس «الجيل المسلم» التى يرأس إدارتها محمد السروجى المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم السابق، ومدرسة «المدينةالمنورة»بالإسكندرية، وكان يديرها حمدى عبدالحليم رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية. ومدرسة «الفتح» الخاصة ببنها، ومدرسة «الدعاة» بالسويس، ومدرسة «دار حراء» الإسلامية بأسيوط وتديرها «وفاء مشهور» ابنة المرشد الأسبق للجماعة مصطفى مشهور، وغيرها من المدارس المنتشرة فى أكثر من 19 محافظة. المفاجأة أن دخل تنظيم الإخوان وصل إلى نحو مليار جنيه، سنوياً، بعد ثورة 25 يناير -حسب مصدر قريب من الجماعة- وتمثّلت هذه الزيادة فى ارتفاع الدعم والتبرّعات المقدّمة من الأفراد والأموال التى قدّمها أعضاء التنظيم الدولى، فضلاً عن توفير مصاريف العمل السرى التى كانت تتهرّب بها الجماعة من قبضة الأمن. وكانت الأنشطة الصغيرة، أحد روافد الإخوان المالية، ومنها شركات المقاولات التى تملكها القيادات الصغرى للتنظيم، مثل «شركة المدائن» ويمتلكها ممدوح الحسينى، وأحمد شوشة، وشركة «آل الحداد» التى يملكها مدحت الحداد فى الإسكندرية، وهم أيضاً أصحاب معارض «إنتربيلد». واتجه الإخوان إلى الاستثمار فى محلات الأثاث فى دمياط، وكان المسئول عنها الحاج «أحمد زهران» مسئول المكتب الإدارى للإخوان فى دمياط. كما نجح حسن مالك، فى التعاقد مع شركة «استقبال»، وهى ثالث شركة أثاث فى أوروبا، ليصبح وكيلها فى مصر. ويوجد عدد من رجال الأعمال المتعاطفين مع الإخوان، مثل صفوان ثابت صاحب مجموعة «جهينة»، خصوصاً أن خاله مأمون الهضيبى، وهناك عبدالمنعم سعودى صاحب توكيل السيارات، وابن أخيه عبدالرحمن سعودى أحد المتهمين فى قضية الإخوان عام 2007. ومن أبرز شركات الإخوان شركة «رواج» لاستيراد وتصدير الأجهزة المنزلية، وتوكيل ملابس «سرار» وشركة «استقبال» للأثاث، وشركة «مادوك وداليدرس»، وشركة «دانيال كريموه»، وشركة «الأنوار» للتجارة والتوكيلات، وشركة «الفجر» لتجارة الخيوط والمنسوجات، والشركة الدولية للأدوية والعلاج البديل، ودار الطباعة والنشر الإسلامية، وشركة «مالك» لتجارة الملابس الجاهزة، وشركة «الشهاب» للسيارات، وشركة «أجياد» للخدمات. وهناك شركات ذات الملكية غير المباشرة للإخوان من خلال مجموعة «مالك» وتتوزّع ملكية هذه الشركات بين خمس مجموعات هى: مجموعة حسن مالك، ومجموعة الورثة، ومجموعة آل سعودى، ومجموعة شبين الكوم، ومجموعة عبدالحليم. من جانبه، يقول الدكتور محمد يونس الفشنى وكيل كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادى، إن تطبيق قرار محكمة عابدين بالتحفّظ على أموال الإخوان صعب التنفيذ، خصوصاً أن التنظيم أدمن العمل تحت الأرض من سنوات، ولم يظهر إلا بعض نشاطاته فقط بعد ثورة يناير، ويصعب حصر وتنقية أمواله وأصوله على مستوى البلد، مشيراً إلى أن الحكم يعد حلقة جديدة فى سلسلة مطاردات الإخوان بعد الأحداث الأخيرة التى شهدتها البلاد، وسبق أن أصدرت النيابة العامة قرارات بالتحفّظ على أموال وممتلكات قيادات الإخوان ممن تم القبض عليهم عقب ثورة 30 يونيو. ويرى «الفشنى» أن هناك إشكالية تتلخص فى أن كثيراً من أموال التنظيم يتداخل مع الأموال الشخصية للقيادات الكبرى، مثل مبنى المقطم المسجل باسم أحد أعضاء مكتب الإرشاد، وبالتالى فإن القرار الصادر من النيابة بالتحفّظ على أموال القيادات جزء مكمل لقرار محكمة عابدين، لافتاً إلى أن أى أموال بالبنوك أو أراضٍ مسجلة فى الشهر العقارى تخص الجماعة أو أياً من جمعياتها أو قياداتها، تخضع لقرار التحفّظ، فضلاً عن حزب الحرية والعدالة وجريدته والجمعية المشهرة العام الماضى. وأضاف أن كثيراً من مقار الإخوان هى مبانٍ مؤجّرة، خصوصاً مقار «الحرية والعدالة»، وهى بذلك تخضع لنوعين من التصرّف، إما أن تقوم اللجنة التى أقرتها المحكمة للتحفّظ على أموال الجماعة وممتلكاتها بإدارة هذه الأملاك المؤجّرة باعتبارها خاضعة لسيطرة التنظيم لحين انتهاء مدة التعاقد، أو أن يقوم أصحاب تلك المقار بإقامة دعاوى قضائية ببطلان التعاقد لبطلان عقد الإيجار بعد قرارات التحفظ. وقال «الفشنى» إن المحكمة تتعامل مع أوراق ومحررات رسمية فى النهاية، ولن يخضع لقرار التحفّظ على الأموال والممتلكات إلا الأموال المثبت ملكيتها للإخوان فقط، لافتاً إلى أن «الإخوان» تصرّفت فى كثير من ممتلكاتها عقب ثورة يونيو وعقب المطالبة بحل التنظيم قبل شهر وأكثر، خصوصاً أن هذه هى المرة الثالثة التى يصدر فيها قرار بحل «الإخوان» على مدار تاريخها. من جانبه، قال الدكتور أحمد مهران رئيس مركز القاهرة للدراسات القانونية: إن جمعية الإخوان خالفت نص المادة 11 من قانون الجمعيات الأهلية الخاص بعدم الاشتغال بالسياسة، وكانت ستاراً لجماعة غير قانونية وغير مشهرة تعمل من خلال الجمعية التى أسستها بداية العام الحالى. وأضاف: «(الإخوان) ليس لديها أموال معلنة أو حتى أملاك، وإنما يختلط فيها العام بالخاص، وكلنا يتذكر المشاكل التى حدثت داخل الإخوان فى فترات سابقة بسبب سيطرة خيرت الشاطر نائب المرشد، على أموال التنظيم وعدم الفصل بين أموال الإخوان وأمواله الشخصية»، مؤكداً أن الدولة ليس لديها حصر لأملاك الإخوان حتى هذه اللحظة، كما أنها لا تستطيع مصادرة أى أموال غير مسجّلة باسم الإخوان أو أى كيان تابع لها باعتبار أن هذه أملاك خاصة. وحول استخدام «الشاطر» أموال التنظيم باسمه فى التجارة أو العقارات، تابع «مهران»: «على النيابة إثبات أن الجماعة أو (الشاطر) تلقوا أموالاً من الداخل أو الخارج، كانت تستخدمها فى التجارة غير المشروعة أو الإضرار بالبلاد لارتكاب جرائم فى حق الشعب المصرى».