ربما كنت ستضطر للعودة إلى الوراء عشر سنوات لايجاد قضية تحمل مثل هذه الإمكانات لحشد الجهاديين في أنحاء العالم خلال فترة قصيرة،ومع ظهور صور القتلى من المحتجين الإسلاميين في وسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم باتت الاضطرابات في مصر تفيد خطاب تنظيم القاعدة الذي يصوره كضحية وتوفر للتنظيم فرصة مثالية لتوسيع استراتيجية استغلال غياب الاستقرار مثلما حدث بالفعل في ليبيا وسوريا والعراق. ربما لا تتحول مصر إلى ساحة جهاد مفتوحة رغم أن الوضع فيها لا يمكن التنبؤ به لكن العنف جعل البلاد أكثر تعرضا لخطر هجمات القنابل ومثالا يستخدمه في الحشد المؤيدون للعنف كنهج لتطبيق الشريعة الإسلامية. وقالت جماعة كينية تتبع حركة الشباب الصومالية الموالية للقاعدة في تغريدة على موقع "تويتر": "إذا كانت هناك من لحظة سانحة لدعم القاعدة فهي الآن بالتأكيد، إن رفع الراية في مصر الآن يمثل أولوية إن شاء الله". وقال موقع "سايت" المتخصص في متابعة مواقع الإسلاميين على الإنترنت "إن حشد جبهة جهادية في مصر يخدم أهداف القاعدة في الفترة الأخيرة القائمة على استغلال الصراعات المحلية لدعم مقصدها وهو قيام ثورة يقودها الجهاديون في المنطقة". وأعطت الإطاحة بمرسي دفعة دعائية للجهاديين أمثال أيمن الظواهري زعيم القاعدة، الذي دعا من سماهم بجنود القرآن إلى خوض معركة القرآن في مصر، ومبعث القلق هو أن يسيطر تفكير الظواهري على بعض أعضاء جماعة الإخوان. وفى سياق متصل، يقول الجيش، الذي يتعرض لانتقادات من الولاياتالمتحدة حليفته بسبب الحملة ضد الإسلاميين، إن القاعدة لها دور بالفعل وإن الحزم هو السبيل الوحيد لوقفها وتنفي جماعة الإخوان المسلمين أي صلة لها بالتنظيم العالمي المتشدد ويشكك محللون أيضا في أن يتدفق مئات الجهاديين على مصر من الخارج لكن عددا أكبر من المصريين ربما ينجذبون إلى العنف. ووقال الأكاديمي أندرو ليبوفيتش "الأمر أكثر تعقيدا في مصر، رغم أن مصر طالما كانت مهمة لكثير من الجهاديين، ومن شبه المؤكد أن يدفع التوتر والقمع الجهاديين لشن هجمات أو بعض المصريين إلى عنف أكثر تنظيما". ولم تعد القاعدة تنظيما يمكن فيه للظواهري برغم جذوره المصرية إعطاء أوامر من رئيس لمرؤوس بالجهاد في مصر. ويتنافس القادة في رغباتهم بشأن مواردهم: هل تنفق على بناء وجود للتنظيم في شمال وغرب إفريقيا أم على تزويد حركة طالبان الباكستانية التي تحارب الدولة الباكستانية بالخبرات والمحتوى الفكري؟ ومنذ أن تولى الظواهري زعامة القاعدة في عام 2011 تعين عليه أن يوازن بين اهتمامه الخاص بمصر والحاجة لإظهار قدرته على توحيد مختلف فروع التنظيم بما في ذلك جناحه القوي في اليمن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.ويخشى البعض داخل مصر أن يسهل اعتقال قيادات جماعة الإخوان انجذاب الأعضاء الشبان نحو السلفية الجهادية مثلما حدث خلال حملات أمنية في أواخر القرن العشرين حيث كان الظواهري من بين المجندين الشبان. من جانبه، قال برايان فيشمان المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب في مؤسسة أمريكا الجديدة، على "تويتر"، "إنها مسألة وقت فحسب قبل شن ضربة كبيرة وستكون القاهرة هي الهدف وليست سيناء". وعلى مدى العامين الماضيين جرى تهريب كميات غير معلومة من الأسلحة إلى مصر من مخزونات القذافي مما يزيد المخاوف من انعدام الاستقرار التي أحدثها هروب مئات السجناء من السجون المصرية خلال انتفاضة 2011 التي أطاحت بمبارك، وتبقى مسألة متى يظهر أي عنف خطير من جانب الجهاديين غير محسومة في ضوء سرعة الإجراءات الأمنية المصرية. وبعيدا عن مصر، فإن حديثا متداولا عن حصار الغرب للمسلمين يعززه تصور بأن الولاياتالمتحدة متواطئة في الحملة العنيفة التي تشنها قوات الأمن المصرية بحكم المساعدات العسكرية التي تقدمها لمصر سنويا، وزاد هذا خلال الحروب التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن. ويمكن القول إنه لم يحدث تطور منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كانت له مثل هذه القدرة على تحفيز العالم الإسلامي خارج مصر ضد السياسات الأمريكية، الأمر الذي ساعد بدوره في خلق بيئة أكثر ملاءمة للقاعدة. وكانت حركة طالبان الافغانية واحدة من بين جماعات كثيرة أدانت الإطاحة بمرسي، كما اتهم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عملاء أجانب بالتآمر مع الجيش المصري، وصور الأزمة على أنها جزء من هجوم على المسلمين في أنحاء العالم، وفي باكستان صبت حملة السلطات المصرية ضد الإخوان في مصلحة من يحملون الولاياتالمتحدة وحربها في أفغانستان مسؤولية هجمات المتشددين في البلاد وهو ما يعرقل جهودا للتوصل إلى توافق لمحاربة حركة طالبان الباكستانية التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة. وقال دبلوماسي باكستاني "علينا الآن دعم مرسي" مضيفا أن خبرة باكستان الأليمة مع الحكم العسكري المدعوم من الولاياتالمتحدة تعني أن عليها دعم رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية بغض النظر عن آرائها في الإخوان. وتزامنت الحملة الأمنية في مصر مع أدلة على أن الجماعات الجهادية لا تزال تملك القدرة على بث الرعب في الغرب، رغم زعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر خلال حملة انتخابات الرئاسة في عام 2012 أن قوة القاعدة تقلصت كثيرا.