عندما يشتد خوف الإنسان من شىء ما أو يوم ما، فإن خوفه يتحول -بمرور الوقت- إلى نوع من «الاستبياع»، ربما لخّص المثل المصرى الشهير «وقوع البلا ولا انتظاره» هذا الإحساس. ومنذ بدء فعاليات حركة تمرد، وتصاعد عملية جمع توقيعات سحب الثقة من «محمد مرسى» حاولت جماعة الإخوان وذيولها تخويف الناس من التوقيع، وشرعت الميليشيات الإلكترونية للجماعة وشيوخ «الفتّة الإخوانية» ببعض المساجد يحذرون المواطنين من التوقيع على هذه الاستمارة حتى لا يستغل المغرضون هذا التوقيع فى كتابة إيصالات أمانة على الموقّع، خاف البعض فى البداية، ولكن سرعان ما زال عنهم الروع، حين سألوا أنفسهم (وإيش ياخذ الريح من البلاط)، فوقّعوا بالملايين. ومع اقتراب اليوم المشهود فى 30 يونيو بادرت الجماعة إلى توجيه جنرالات الحرب التابعين لها، من أمثال عاصم عبدالماجد، وحازم صلاح أبوإسماعيل، إلى تهديد من ينزل فى هذا اليوم بالويل والثبور وعظائم الأمور، وأن شوارع مصر سوف تتحول إلى أنهار دماء، وأن المتأسلمين سوف يقومون بثورة إسلامية عارمة، حال سقوط «مرسى»، هؤلاء الذين ظلوا سنين طويلة يُصفعون على قفاهم، من الأنظمة الملكية والجمهورية، دون أن يفكر أى منهم فى القيام بثورة، هكذا يتحدث الأدعياء الذين صمتوا على الظلم والفساد أكثر من ثمانية قرون حتى قامت ثورة 25 يناير فركبوها وصفعوا من قاموا بها على قفاهم. وكلما اقترب اليوم أكثر علا صوت «خطاب الدم» أكثر وأكثر، حتى وصلنا إلى مؤتمر الأمة المصرية لنصرة الثورة السورية، حين قام المتأسلمون -بزعامة مرسى- بإعلان الحرب رسمياً على الشعب، بتكفير كل من سينزل يوم 30 يونيو، وحشدوا آلاف «الدقون» فى إحدى قاعات استاد القاهرة، حتى يبدو العدد كبيراً والأصوات هادرة، وتم شحن «الدلاديل» فى السيارات، وشارك المئات من السوريين الهاربين من مواجهة بشار الأسد فى سوريا فى مهزلة إعلان الحرب على الشعب المصرى! وبعد أن انفض المولد بكلمة «مرسى»، وضع الإخوان فى بطونهم «بطيخة صيفى» وأيقنوا أن الرسالة قد وصلت وأن المصريين الآن «ميتين فى جلدهم». وما لم يفهمه الإخوان بسبب «زناخة العقل التاريخية» أن الشعب غضب أشد الغضب من كلام «مرسى» ومشايخه ومنظر «الدقون» التى تراصت وأخذت تهدر وترعد من أجل إخافة الناس، وترويعهم من النزول يوم 30 يونيو. وأكاد أجزم أنه فى هذه اللحظة بالذات تحول الخوف لدى بعض المصريين إلى «استبياع»، وبدأ الجميع يرحب بالمواجهة إن أرادها الإخوان. هل تذكرون آخر خطاب للمخلوع قبل ثورة 25 يناير حين قال «خليهم يتسلوا» وما سبّبه من جرح للمصريين، إن خطاب «مرسى» الأخير الذى رضى فيه بوصم معارضيه بالكفر على لسان هذا الشيخ الذى هزم الكبر عقله فأذلّه، وضميره فأضله، جرح المصريين بصورة أعمق، وما على «مرسى» وإخوانه وأهله وعشيرته سوى الانتظار ليوم 30/6 حتى يتأكدوا بأنفسهم.