تعاني المجتمعات العربية المعاصرة من ظاهرة سلبية بدأت تثير قلق العلماء ( الأمنيين !! ) وهي ظاهرة تناقص أعداد الدلاديل بشكل ملحوظ . فقد أدى انتشار وسائل الإعلام والتوسع في استخدام الفيس بوك لدى الشباب إلى ( تنوير ) العقول تنويراً مبالغاً فيه حتى أصبح المشاغبون والمستنيرون يتزايدون يوميا . في حين أصبح العثور على مشروع ( دلدول) واحد يقتضي جهداً وبحثاً طويلين . وقد دعت هذه الظاهرة العلماء( الأمنيين !! ) إلى محاولة إيجاد حلول علمية لحماية فصيلة الدلاديل من الانقراض حتى لو أدى الأمر إلى إنشاء عدد من ( المحميات الطبيعية ) لتربية [ وحماية حقوق ] فئة الدلاديل واستخدام الهندسة الوراثية في استنبات أجيال جديدة من الدلاديل . وقد عقد مؤخراً عدد لا بأس به من الملتقيات الأمنية العلمية لوضع استراتيجية محددة الملامح لرعاية الدلاديل . وتحديد المهارات الواجب توافرها في الفرد لينتقل إلى صفوف الدلاديل . وقد تسربت أنباء تلك الملتقيات إلينا بصعوبة بالغة ، ومما تسرب أنه من خلال تلك المؤتمرات تم وضع إستراتيجيات محددة للحفاظ على هذا النوع النادر من البشر ، والدلدول في العامية المصرية هو الرجل المُفَرَّغ من الرجولة ، الرجل ( الدايت ) الذي لا يهش ولا ينش ، كالترمس النيئ : حضوره يشبه غيابه كما يقول الشاعر الشعبي ، وأهل الدلتا يسمونه ( الخُرُنْج ) ، وفي الفصحى : التَدَلْدُلُ: المَجِيْءُ والذَهَابُ ، وقَوْمٌ دُلْدُلٌ: يَتَدَلْدَلُوْنَ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء . وتَدَلْدَلَ الشيءُ، أي تحرّكَ متدلّياً. والدَلْدالُ: الاضطراب . فالمعنى كما ترى يكاد يكون واحدا في العامية والفصحى . فالدلاديل : هم أراذل الناس ، من المنافقين والمتسلقين ، الباحثين عما يسمونه ( لقمة العيش ) الصعبة !! وأولئك الجوعى البائسون من الكائنات البشرية لهم أهمية كبرى في المناسبات العامة ، فالحكومة تستعين بهم في مؤتمراتها وتصوير مناسباتها ليقوموا بدور ( الشعب) المحكوم السعيد بجبروت حاكميه ، يقتاتون ما يتقيأ كُتَّاب الحكومة في صحافتها الطيبة الرائحة !! ويحمدون ( ربهم) على إنعامه . ونظام التعليم في بلادنا من 1952 حتى اليوم يتفنن في اصطناع الدلاديل بكفاءة عالية ، تبدأ من إشراك التلميذ في نشاط مدرسي أو جامعي ينتهي بأن ينال – بعد أداء ما يجب عليه من تصفق وتزعيق وخبص – تيشرتاً أو جوربا أو بدلة أو ظرفا به شهادات استثمار ، وتكون هذه أول خطوة تميز بها الحكومة الخبيث من الطيب ، ففي تلك المعسكرات يتم انتقاء ( الموهوبين ) لمكافأتهم وليُصنعوا بعد ذلك على عين النظام ، فتجتلبهم أجهزة الأمن وتقربهم منها ، فيعطيهم هذا القُرب مكانة واضحة بين قرنائهم ، و... يبدأ الإرسال والاستقبال ، ويظل المحروس من هؤلاء الدلاديل يرقى ويرقى وعين الأمن تلحظه وترعاه ، حتى يصبح محل ثقة القابضين على الأمور ، وكلما أبدع في الخبص والتوصيل والزَّنِّ والتزيين ، زاد تقدير سادته له ، حتى إذا خلا موقعٌ ذو خطر ، اختير له من هؤلاء أضعفهم تأثيرا ، وأشدهم حرصا على السرقة والنهب ، فأهم صفة تميز الدلدول أنه نهم لا يشبع من المال العام أو من الرشاوي ، لأن إحساسه أنه جاء إلى هذا الكرسي على غير استحقاق يجعله يبالغ في الاستكبار والتنطع والانتفاخ ليعطي – ظاهريا – إحساسا للآخرين بأنه أهل لهذا الموقع ، فإذا خلا إلى نفسه تفنن في اختراع طرق التحايل لجلب الثروات خوفا من مستقبل مجهول ..!! ومن الخطط التي ثبتت فاعليتها في صناعة الدلاديل ما قام به أحد الوزراء المزمنين [ لا داعي لسوء الظن : يمكن مش في مصر !! ] من ( تدوير) المناصب العليا في وزارته على خمسة لا أكثر ممن ( أخلصوا ...!! ) في خدمة معاليه ، فهو يعين هذا لكذا وذاك لكيت ، وبعد عام أو عامين يبدل هذا مكان ذاك وكأنه يغير ، مع أن المواقع أصبحت دُولةً بين أولئك ( الفحول الخمسة ) لا تتجاوزهم .!!! وأيضاً توصل بعض المختصين إلى عدد من المهارات التي يمكن للشخص العادي إذا تحلى بها أن يتأهل للحاق بصفوف الدلاديل بسهولة . ومن هذه المهارات على سبيل المثال : = إرسال البرقيات للتهاني في الفاضية والمليانة . = استخدام جملة ( وهذا ما نبَّه إليه السيد الرئيس عدة مرات ....!! ) = ونحن نحاول جاهدين تنفيذ البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس = وهذا ما نادت به مرارا السيدة الفاضلة حرم السيد الرئيس والواقع أن تلك الأقاويل مغرضة وواضحة الهدف : وهو بث الرعب في نفسية من يحاور قائل تلك العبارات من رجال الإعلام أو غيرهم حتى ( يخرس) . [email protected]