مساحة شاسعة مطلة على أربعة شوارع جانبية جعلته أكبر مساجد حى الدقى، وموقع متميز يمكن المارة بشارع التحرير من رؤيته بشكل واضح، اكتفى على مدار عشرات الأعوام بأن يكون داراً للعبادة فقط مصحوباً بها بعض غرف المناسبات التى أسهمت بشكل كبير فى ذيوع صيته وسط أبناء محافظة الجيزة، إلى أن قرر الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، المرشح الرئاسى السابق، إلقاء درسه الأسبوعى من على منبره بعد انتهاء صلاة عشاء يوم الجمعة من كل أسبوع، وأن يفتح ملفات سياسية جديدة على آذان رواد المسجد، ليتحول مسجد «أسد بن الفرات» إلى أكبر منابر الدعوة إلى التظاهر والاعتصام ومكان تجمع المشاركين فى الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التى يدعو إليها «أبوإسماعيل». خطاب من وزارة الأوقاف لإمام المسجد والقائمين عليه تطلب منهم عدم تسييس خطبة الجمعة ومنع أى شخص من اعتلاء المنبر (لكن أحداً لم يجرؤ على إيقاف غزو أنصار أبوإسماعيل الذين يتدفقون بالمئات على المسجد قبل ساعات من خطبة شيخهم) ثم استنكاراً من المتحدث الرسمى لوزارة الأوقاف الدكتور سلامة عبدالقوى لرفضه الزج بالمسجد فى الصراعات السياسية بين بعض التيارات والأحزاب مهدداً باتخاذ إجراءات قانونية رادعة ضد من يقوم بهذا الفعل (لكن شيئا لم يحدث أيضاً). متسول واحد فقط يقف على كل مدخل من مداخل المسجد العديدة بمنتج لا يبيعه غيره يطلب عطف وصدقة رواد المسجد، سوق خضار صغير نشأ نتيجة تجمع بعض الباعة الجائلين أمامه لاصطياد زبائنهم، عدد من سائسى السيارات قرروا أن يقسموا الشوارع الجانبية المحيطة به ويضعوا أيديهم عليها للبحث عن رزقهم فى جيوب أصحاب سيارات من يجيئون للصلاة فيه، وعشرات المواطنين الذين قرروا الهروب من الزحام المرورى وافتراش أرضيته لانتظار مواعيد الصلاة أو قضاء فترة الراحة للعاملين بالمحلات القريبة منه. «أنا بأصلى هنا من حوالى 7 سنين من أول ما اشتغلت فى المطعم اللى جنب الجامع».. يتحدث محمود خليل (27 سنة)، ويواصل قائلاً إن «أسد بن الفرات» ليس مجرد مسجد، ولكنه مأوى لكافة العاملين بالمحلات التجارية والشركات الصغيرة المحيطة به، والذين يهربون إليه خلال أوقات راحتهم، بالإضافة إلى أنه أصبح مصدر رزق الكثيرين من الباعة وأصحاب الأكشاك «بس كتر الشحاتين هو اللى مبوظ شكل الجامع وبيضايقوا المصلين على الآخر خاصة العيال الصغيرة». يضيف قائلاً إنه قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يكن للأحاديث السياسية وجود داخل المسجد، ولعل ذلك كما يقول كان السبب فى هدوئه ولجوء الناس إليه بسبب إحساسهم بالأمان بداخله، وأكبر دليل على ذلك أن ساحة المسجد ساعة الظهيرة كانت تشبه إلى حد كبير غرف النوم، لأن الكثيرين وقتها كانوا يفترشون أرضيته وينامون بالساعات حتى يرفع المؤذن أذان الصلاة، وبمجرد اندلاع الثورة، واعتلاء حازم صلاح أبوإسماعيل منبر المسجد مرة كل أسبوع وفى بعض الأوقات مرتين وثلاثا، أصبح الجدل هو الثمة المميزة للمسجد ولم يعد هناك مانع من نشوب المشاجرات بين المصلين، خاصة إذا قام خطيب المسجد بمعارضة رأى هذا الشيخ على منبر الجمعة، ومن ثم ظهرت الحلقات السياسية والنقاشات العديدة التى تدعو لتنظيم المظاهرات والمليونيات عقب كل صلاة، وهو الأمر الذى أدى لانصراف الكثيرين من رواد المسجد عنه والاكتفاء بتأدية الفريضة فقط ثم الانصراف «بقينا نسيب الجامع لو شفنا الناس اللى بيتكلموا فى السياسة». أخبار متعلقة: المساجد.. منصات سياسية الأزهر: ألف عام من الوسطية .. ولا عزاء للمتشددين "الشهداء" .. معقل المقاومة من العدو الإسرائيلي إلي مرسي ونظامه "العارف".. قبلة المتظاهرين في الصعيد عمر مكرم.. قليل من الدين كثير من السياسة الزوايا خارج سيطرة "الأوقاف" .. دعاة متطوعون والسياسة "وجبة رئيسية" «القائد إبراهيم» تاريخ لا يعرفه الإخوان ولا المعارضة «النور».. شاهد على ثورة يناير.. ونقطة انطلاق المظاهرات