مسجد الشهداء بمحافظة السويس اقترن اسمه على مر التاريخ بالأحداث السياسية التاريخية التى مرت بها مصر، وهو المسجد الذى تم إنشاؤه فى بداية الستينات، فكان له ولمنبره دور كبير فى صد العدوان الإسرائيلى على مصر بداية من حرب الاستنزاف التى وقعت فى الفترة من عام 1967 حتى عام 1973. الدخول من الباب الرئيسى للمسجد كفيل بأن يعكس للزائرين دوره البطولى فى المقاومة الشعبية، خاصة بعد أن تزينت جدرانه بصور الشهداء من أبطال المقاومة الشعبية ببلد الغريب، فقد اتخذه رجال المقاومة الشعبية الملاذ الوحيد لهم ليكون نقطة انطلاقتهم، لصد العدو الصهيونى عقب تسلل الإسرائيليين للمدينة من ثغرة «الدفرسوار»، وقتها خططوا لتدميره، لكنهم لم يفلحوا، إذ ظل المسجد على حاله يخطب به الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس، يهاجم من على منبره السياسيين والرؤساء حتى قامت ثورة يناير، واصل الشيخ هجومه خلال خطبه وندواته بالمسجد على ولاة الأمر، الذين يحملهم مسئولية كل ما يجرى فى البلاد. الحاج محمد عبدالله، على المعاش، ومن سكان المنطقة الموجود بها مسجد الشهداء، قال إنه قضى أكثر من 30 عاماً يؤدى الصلوات بهذا المسجد، وأن المسجد بدأ يأخذ منحنى جديداً بعد إسناد إدارته للشيخ حافظ سلامة عام 1967 عقب خروجه من المعتقل، وإنشائه لجمعية الهداية الإسلامية وضم المسجد للجمعية، وقتها كما يتذكر عبدالله وقعت هزيمة 67، ليلعب المسجد دوراً كبيراً فيما أطلق عليه «الشحن المعنوى» لرجال القوات المسلحة بالجيش الثالث الميدانى بعد حالة اليأس التى أصابتهم فى أعقاب النكسة يقول عبدالله «فاكر كويس إن الفريق عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث عبر عن شكره وامتنانه للدور اللى لعبه مسجد الشهداء بفضل الأئمة والمشايخ، وعلى رأسهم الشيخ حافظ سلامة» حيث كان سلامة وغيره من المشايخ كما يؤكد عبدالله دائماً ما يهتفون فى ميكروفون المسجد لصالح القوات المسلحة، وشحذ همم الجنود للمعركة الكبرى، ومع كل أذان كان المشايخ يتوجهون بالدعاء لله تعالى بالنصر لقواتنا المسلحة، الأمر الذى يقول عبدالله إنه استفز الإسرائيليين وقتها، ودفعهم للتفكير بجدية فى قصف المسجد بالصواريخ، وقاموا بذلك بالفعل، لولا أن حمى الله بيته، أو كما يقول عبدالله «للبيت رب يحميه». وفى محاولة لصد أى عدوان إسرائيلى على المسجد كما يروى عبدالله قام أهالى المدينة ببناء جدار خراسانى سميك بارتفاع المسجد وعرض واجهته حتى لا تؤثر فيه أى غارات جوية. وبمجرد اندلاع حرب أكتوبر فى عام 1973 نجح العدو بقيادة الجنرال أرييل شارون فى التسلل إلى المدينة عبر ثغرة «الدفرسوار»، يتذكر عبدالله أن الشيخ حافظ سلامة قام وقتها باعتلاء منبر مسجد الشهداء، ليعلن عبر الميكروفون الخاص به رفض استسلام محافظ السويس، وتسليم المدينة للعدو، قبل أن يعلن المقاومة الشعبية ضد العدوان الإسرائيلى، ويدعو كل أبناء المحافظة أن يتخذوا من المسجد نقطة انطلاق لكفاحهم المسلح ضد العدو. وبعد انتصار المصريين فى الحرب، ونجاحهم فى صد الهجوم الإسرائيلى لمدينة السويس، يروى عبدالله أن المسجد تحول إلى ما أطلق عليه «منصة توجه صواريخ تجاه الأنظمة والحكومات الفاسدة». بدأها الشيخ حافظ سلامة كما يقول عبدالله بخطب الجمعة، ثم واصل نقده خلال الندوات التى يتم تنظيمها بالمسجد ضد الرئيس محمد أنور السادات، الذى شن عليه سلامة، وعلى نظامه، هجوماً حاداً حتى فكر أحد المسئولين بالدولة وقتها فى هدم المسجد. ومع رحيل السادات وتولى مبارك شئون الحكم، واصل المسجد رسالته فى الهجوم على النظام، ممثلاً وقتها فى الرئيس مبارك ورجال حكمه، من عدة مشايخ كانوا يخطبون فى المسجد، كما يقول عبدالله، فى الوقت الذى اكتفى فيه الشيخ حافظ سلامة بكلمته التى كان يلقيها بعد صلاة العشاء يوم الجمعة من كل أسبوع، ودائماً ما كان يحاصر رجال أمن الدولة السابق المسجد وقت الدرس، ليسجلوا كل ما كان «سلامة» يقوله عن النظام، حتى قامت ثورة يناير وأصبح مسجد الشهداء هو نقطة الانطلاقة لمعظم المسيرات التى تتجه لميدان الشهداء، للتظاهر مطالبة بإسقاط النظام، حتى سقط بالفعل. «صحيح إن الرئيس مرسى بينتمى للتيار الدينى، لكن الشيخ حافظ سلامة دلوقتى بيهاجمه من على منبر جامع الشهدا طول الوقت» يتحدث عبدالله عن خطب الجمعة فى مسجد الشهداء، التى يلقيها الشيخ حافظ سلامة، ويتناول فيها رئيس الجمهورية ونظامه وإنجازاته بالنقد، مشيراً إلى أنه هو شخصياً لا يعجبه أن يتحول المسجد من مكان إقامة الشعائر الدينية، إلى مكان تناقش فيه أمور السياسة، فمن وجهة نظره «لازم السياسيين وخصوصاً اللى بينتموا لتيارات إسلامية يبعدوا المساجد عن صراعاتهم، ويبقى أفضل لو خلوها برة الجوامع». أخبار متعلقة: المساجد.. منصات سياسية الأزهر: ألف عام من الوسطية .. ولا عزاء للمتشددين "العارف".. قبلة المتظاهرين في الصعيد عمر مكرم.. قليل من الدين كثير من السياسة «أسد بن الفرات»: لا مانع من السياسة إذا كان المتحدث «أبوإسماعيل» الزوايا خارج سيطرة "الأوقاف" .. دعاة متطوعون والسياسة "وجبة رئيسية" «القائد إبراهيم» تاريخ لا يعرفه الإخوان ولا المعارضة «النور».. شاهد على ثورة يناير.. ونقطة انطلاق المظاهرات