مرتدية ملابس سوداء لم تخلعها منذ استشهاد ابنها فى أحداث بورسعيد، وتجلس بجوار صندوق الاقتراع داخل اللجنة الفرعية رقم «7» فى مدرسة عابدين الثانوية، فى وسط القاهرة. يدخل العشرات ويخرج غيرهم، ولا يعرف أى منهم سبب ارتداء تلك السيدة السواد منذ فبراير الماضى. ينادى عليها زملاؤها من الموظفين العاملين فى اللجنة ب«مدام حنان»، بينما تجلس هى كمسئولة عن تنبيه الناخبين لغمس أصابعهم فى الحبر الفسفورى، ولا تترك الناخب يخرج من اللجنة إلا وقد فعل ذلك، وحتى يتمكن من استعادة البطاقة الشخصية المرهونة بتلوين إصبعه بالحبر. مدام حنان لم تعتذر عن تكليف وزارة العدل لها بالاشتراك فى العملية الانتخابية كموظفة حكومية، وتراها خطوة حتى تحصل على حق ودم ابنها الذى راح هدراً، وقدمت نفسها ل«الوطن» بالقول: «أنا أم الشهيد أحمد يوسف، شهيد مذبحة بورسعيد». وأضافت وهى تتحدث بمنتهى التماسك: «من واجبى أن أشارك، جايز كده حق ابنى يرجع، ومفيش حل تانى غير جولة الإعادة». والدة شهيد بورسعيد ترفض النزول للتظاهر فى الشارع مجدداً، وتفضل أن تسلك المسلك القانونى للمطالبة بالقصاص لحق الشهيد، وتقول: «الشارع لم يعد مثل الأول، وأصبح مجرد ترديد هتافات، دون فائدة»، وترى أن جلوسها أمام زجاجة الحبر الفسفورى سيأتى برئيس يأتى بحق من مات. «حق ابنى عند القاضى والرئيس القادم».. هذا ما تأمله مدام حنان من جولة الإعادة، وترى أن الإعادة جاءت لمصر بمرشحين، أحدهما وعد بأن «حق الشهداء فى رقبته»، والآخر تجاهلهم فى حديثه، وقالت: «كنت ممكن أدى شفيق صوتى قبل ما ابنى يستشهد، لكن دلوقتى يهمنى أديه للى قال إن دم اللى ماتوا فى رقبته، ومرسى هو من تعهد بذلك». وتنهى مدام حنان حديثها ل«الوطن» على عجل حتى تعود لعملها، وهى تقول: «لو حق ابنى ماجاش بالقانون.. ربنا موجود».