قد يكون اتهام جماعة الإخوان لبعض أقطاب المعارضة فى مصر بالدعوة إلى عودة الحكم العسكرى صحيحاً من حيث الشكل، لكنه خاطئ كل الخطأ من حيث المضمون. فعلى مستوى الشكل تردد هذا الكلام على ألسنة البعض، وقام عدد من المواطنين بمحافظات مختلفة بعمل توكيلات للفريق «عبدالفتاح السيسى» وزير الدفاع لحكم مصر، لكن يبقى أن هذا الاتهام غير دقيق بالمرة على مستوى المضمون، لأن الطرف الحقيقى الذى يدعو الجيش للنزول هو الجماعة نفسها والدكتور «مرسى» بعينه و«جبايره»!. فالأداء العاجز الذى يدير به «مرسى» الملف السياسى والأمنى والطريقة الباهتة الفاشلة التى تدير بها حكومة «قنديل» الملفات الاقتصادية والمعيشية، والأسلوب الاستعلائى الاستحواذى الذى تؤدى به جماعة الإخوان، كل ذلك يمهد الأرض لعودة الحكم العسكرى من جديد، ذلك الحكم الذى تخلصنا منه بقيام ثورة يناير 2011، لكن النظام الإخوانى سوف يعيدنا إليه بسبب طمعه وفشله وبلادته. الجماعة تلوم الداعين إلى عودة الحكم العسكرى، والموكّلين للفريق السيسى، وتنسى أن الدكتور «مرسى» هو أول من أعاد الجيش، عندما أعلن الطوارئ ودعا القوات المسلحة للنزول إلى مدن القناة لإعادة الهدوء إليها، بعد اشتعال ثورة الأهالى بها جراء السياسات الخاطئة والقرارات غير المدروسة التى دفنت دولة العدل والقانون فى أسفل سافلين، وأفسدت حياة المصريين داخل مدن القناة وغيرها من المدن والمحافظات المصرية، ثم كانت «العجنة» الأكبر عندما تحولت مدينة بورسعيد إلى ما يشبه «المعجنة» من جديد، بعد قرار وزير داخلية مرسى بترحيل المتهمين فى مذبحة بورسعيد إلى جهة غير معلومة، ونتيجة الأحداث التى تصاعدت بسبب هذا القرار، بدأ «مرسى» يفكر فى سحب الشرطة من هناك، ليسلم المدينة كاملة إلى القوات المسلحة، وقد تردد فى هذا السياق أن مكتب إرشاد الرئيس أثناه عن ذلك فى آخر لحظة، لكن هذا القرار المؤجل يمكن أن يفعّل من جديد فى ضوء الأحداث التى يمكن أن تقع بعد صدور حكم المحكمة الخاص بإعدام 21 من المتهمين فى مذبحة الألتراس. ماذا يعنى ذلك؟ إنه يعنى ببساطة أن الإخوان يعيدون الحكم العسكرى، ليس دفعة واحدة كما يدعو من يتبنون هذا الرأى، ولكن بالقطعة، أو بالبلدى «حتة حتة»، أو بلغة الأمهات «تاتا.. تاتا». إذا عاد الحكم العسكرى إلى مصر مرة ثانية فسوف يكون الإخوان و«مرسيّهم» السبب المباشر وراء ذلك. لقد كان الإخوان جزءاً من قدر الثورة، فرغم أنهم لم يكونوا يوماً من دعاتها، فقد ورثوا حكم مصر بسببها، لكنهم نسوا ذلك، وظنّوا أنهم أوتوه على علم عندهم. وكان الحكم العسكرى سبباً من أسباب قيام ثورة 25 يناير، لكن العسكر يقتربون من العودة إلى المشهد من جديد، بسبب الجماعة التى ترسم قدر عودتهم ب«زناخة عقل» تحسد عليها!.