بعد أن ترك حوار الرئيس مرسي علي التليفزيون المصري إنطباعه بالسلب لدى البعض وبالإيجاب لدى البعض الآخر وتناقشه الجميع فيما بينهم من جميع جوانبه السياسية، بقى لنا أن نناقش هذا الحوار من الجانب الإعلامي والأداء المهني لمذيعي الحوار تامر حنفي وشهيره أمين، فعندما أعلن التليفزيون المصري أن الرئيس مرسي سيخرج في حوار علي شاشته يوم الخميس الماضي ظن الجميع أن هذا الحوار سيأتي مجيبًا علي تساؤلات الشارع المحتقن طارحًا لأكثر القضايا الملحة علي الساحة السياسية فإنتظره الجميع بشغف بالغ حتى طل علينا الرئيس بإطلالته المعتادة دون القميض الواقي للرصاص كما جاء التليفزيون المصري كعادته أيضا مواليا للنظام ومنفذا لجميع تعليماته وإتضح هذا جليا في حوار تجاوزت مدته ال40 دقيقة ليدور حول حزمة معينة من الإسئلة دون غيرها ودون أن نستفيد من هذا اللقاء بأي معلومة واضحة ، فظهر مذيعي الحوار وكأنهما عجينة طيعة في يد الرئيس يأخذهما معه كيفما يشاء حيث البحر والنيل وخضرة مصر في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع إجابات وافيه علي أسئلة ملحة فجاء حوار مرسي كاشفا للصورة القبيحة للإعلام الرسمي الذي يتحسس خطواته وكلماته وهو في مواجهة النظام ويخشي عليه من إحراجه علي الشاشة .. وحول الإداء المهني والتقني لحوار الرئيس كان لنا هذا التحقيق .. قالت الإعلامية والكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي : الأداء الإعلامي لحوار الرئيس مرسي علي التليفزيون المصري كان أداء مزري للغاية وكان فيه المذيع والمذيعة مهزوزين وغير قادرين علي إدارة الحوار بشكل جيد لدرجة أن الرئيس مرسي كان يقول كل ما يريده في غير موضعه ، واوضحت الشوباشي أن أبسط قواعد المهنية في إدارة الحوار التليفزيوني خاصة عندما يكون هذا الحوار هو محل إهتمام من الرأي العام ومع رئيس الدولة وفي ظل أجواء ساخنة يكون أكثر تنسيقا بين فريق العمل والمذيعين خاصة في إدارة الحوار فكان إرتباك المذيعين واضحا جليا علي الشاشة وتعليقاتهم متداخلة وغير متكاملة وكان مرسي دائم المصادرة عليهم في محاولة فاشلة منهم للسيطرة علي الحوار . ومن جانبها قالت الإعلامية درية شرف الدين : لم يكن من المتوقع أن يخرج التليفزيون المصري علي المشاهدين بمثل هذا الحوار الفاقد لقواعد المهنية الإعلامية فكان هذا الحوار غير شافي لإنقسام الشعب المصري ولم يحمل إجابات وافية للمشاهدين عن الكثير من الإسئلة التي كان يجب طرحها وبشدة علي الرئيس وإستخلاص إجابات وافية منه عليها فكانت الإسئلة محددة حتي عند سؤاله عن شهداء رفح قال "إيدي غاشمة " دون إبداء أي معلومات للجمهور ، فالصورة العامة للحوار كانت فقيرة غير جاذبة للمشاهد فضلا عن عدم وجود وقفات حوارية مناسبة والمونتاج لم يكن منضبط فكان كلا منهم كلامه يتداخل مع كلام الأخر ولم يرد علي التساؤلات بدرجة ملائمة . قالت جميلة إسماعيل : كنت أتمني لو أن الإعلام الرسمي ينئي بنفسه عن إجراء هذا الحوار المضلل والذي كان مجرد فرصة لظهور الرئيس وتواجده فقط فهو حوار أطاح بأصحابه فكان إدائهم الإعلامي معزول عن الشارع وعن الإحتقان الدائر بين القوي السياسية بسبب الإعلان الدستوري وإعتصام الثوار في الميدان فكان الأداء الإعلام للحوار مجرد صورة معكوسة لإعلام الدولة الموالي للنظام الحاكم لإظهار في صورة معينة مغايرة للحقيقة فكان لقاء دعائي مستفز للرأي العام وكاشف للصورة القبيحة للتليفزيون المصري. قالت الإعلامية بثينة كامل لا أستطيع أن أوجه كل اللوم علي الزملاء شهيرة أمين وتامر حنفي في فشل هذا الحوار مهنيا وإعلاميا ذلك لأنه في ظل الإرهاب الفكري الذي يعيشه إلان إتحاد الإذاعة والتليفزيون وإحالة كل من يحاول أن يسلك سلوك مهني سليم إلي التحقيق وذلك بسبب حملة شنها بعض قيادات ماسبيرو ووزير الإعلام ضد مجموعة من كوادر الإتحاد وتحويلهم للتحقيق فلا يمكن أن ننتظر غير هذا المستوي المتدني في الأداء المهني ، مؤكدة أن ماسبيرو إلان يعيش أسوء فترات تاريخه من تعنت وإضتهاد والإستعانة إما بالفاسدين أو بأهل الثقة بما هو يعد أسوء من عهد مبارك . وأشارت كامل إلي أن مونتاج لقاء الرئيس كان أكبر دليل علي الإنهيار التقني في الإجهزة الفنية وأجهزة المونتاج بصفة خاصة مما تسبب في خروج الشكل النهائي للقاء علي هذه الصورة المرتبكة والغير مرتبة وفي سياق متصل قال ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي للإسف ما زال الإعلاميون العاملين بوسائل الإعلام المملوكة للدولة يسيطر عليهم إنطباع معين وهو أن الإلتقاء برئيس الجمهورية هو منحة وإختراق مهني فمجرد أن يجلس أمام الرئيس يشعر بأنه وصل إلي ما كان يجب أن يصل إليه وهذا يكفيه فيخرج الحوار من كونه حوار صحفيا أو إعلاميا إلي حالة من العلاقات العامة والموازنات السياسية فيترك الرئيس ليقول كل ما يريده دون أنم يتلقي الأسئلة الواجبة.
ومن جانبه قال إستاذ الإعلام الدكتور صفوت العالم : الحوار كان مرتبك ومتخبط والتليفزيون لم يحسن إختيار مذيعي الحوار مشيرا إلي أنه لم يكن هناك تنظيم أو تخطيط للقاء بشكل جيد والتنسيق بين المذيعين لم يكن مناسبا ولا يوجد حالة من التفاهم والتناغم فيما بينهم وكانت تعبيرات وجه المذيع تامر حنفي غير مناسبة ويفهم منها الغضب أحيانا والدهشة والضيق أحيانا أخري وهي أمور خارج المهنية ، فضلا عن أن اللقاء لم يرد علي الكثير من التساؤلات رغم تعاظم الإهتمام به وهذا أكبر دليل علي عدم سيطرة المذيعين علي الحوار وهما من يديرون الحوار وليس مرسي ، وإنتقد العالم دور مستشاري الرئيس مرسي في إشارة منه لغياب دورهم فيما يخص ظهور الرئيس في الكيفية والأسلوب والصورة الذهنية المتوقعة لظهوره علي شاشة التليفزيون موضحا أنه غاب عن هذا الحوار دور كلا من وزير الإعلام والمستشار الإعلامي لمؤسسة الرئاسة لتنسيق هذا الحوار وترتيب أفكاره والموضوعات التي طرحت به.