نار فى الجو ونار فى الأرض، هكذا يواجه المصريون موجة غلاء الأسعار فى الأرض وارتفاع درجات الحرارة فى السماء، فيلجأ الباعة فى الشوارع والمنازل لحيل بسيطة «على أد الأيد» على حد تعبيرهم، مثل الرش أمام المنازل واستخدام ألواح الثلج والكراتين القديمة للتغلب على موجات الشمس الحارقة، ويتساءل المصريون لماذا تضرب مصر هذه الموجات الحارقة ولم يعد جوها معتدل صيفًا كما اعتدنا عليه؟ الإجابة: إنه وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأم المتحدة فى تقريرها فى اليوم العالمى للمناخ فى مارس، إن 2017 سيشهد تغيرات مناخية قصوى، حيث سجل 2016 معدلًا قياسيًا فى درجات الحرارة والذى يقدر ب1.1 درجة سلسيوس قياسًا بفترة ما قبل العصر الصناعى، وذلك يمثل زيادة قدرها 0.06 درجة سلسيوس قياسًا بالرقم القياسى السابق المحقق فى 2015، كما شهد 2016 معدلًا قياسيًا فى انحسار الغطاء الجليدى وارتفاعًا فى مستوى البحر. إبداع المصريين فى جولة ل«الصباح» فى شوارع القاهرة لرصد حيل المصريين لمواجهة الحر بالشارع، تقول «نعمة» بائعة جرائد أمام مترو غمرة، إنها تواجه مكوسها فى الشمس لفترات طويلة من خلال ربطها خشبة كبيرة بحبل ووضعها بجانب «فرشة الجرائد» لتجلس تحتها، وأحيانًا تضع قطعة كرتونة قديمة فوق رأسها لتقيها من حرارة الشمس. أما «سيد»، فكل صباحًا يرش الماء بالخرطوم أمام المحل الذى يعمل به فى شبرا وأحيانًا يضع ماء الخرطوم فوق رأسه ويغسل يديه وقدميه بسبب ارتفاع موجه الحر. بينما يقف محمود أمام المحل الذى يعمل به فى الإسعاف ويضع زجاجة ثلج ممزوجة بالماء ويرشها على رأسه وجسده ليخفف عنه درجات الحرارة المرتفعة. بينما تجلس أم شيماء فى وسط البلد تبيع المناديل وتحاول أن تجلس بجوار أى سور ليظلها بظله، وتلبس فى رأسها شمسية صغيرة لتحميها من أشعة الشمس صباحًا. أبحاث عن التغيرات المناخية وفقًا لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، فى بحث له عن التغيرات المناخية، فإن التغير المناخى يعرف بأنه اختلال فى الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والتساقطات التى تميز كل منطقة على الأرض، أما تعريف ظاهرة فهى الاحتباس الحرارى زيادة درجات حرارة الغلاف الجوى القريبة من سطح الأرض. ويستخدم هذا المصطلح لظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض التى حدثت (ويتوقع زيادتها فى المستقبل) نتيجة زيادة انبعاث غازات البيت الزجاجى، وهى الغازات التى تنبعث من حرق الوقود فى المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل. وقد توصل العلماء المعاصرون إلى أن معدلات درجات حرارة الأرض زادت خلال المائة وأربعين سنة الماضية بمقدار درجة فهرنهايت، وقد خلصت اللجنة متعددة الحكومات للاحتباس الحرارى (وهى لجنة تابعة لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة ومنظمة المناخ العالمية التابعين للأمم المتحدة). يؤكد التقرير التجميعى الثالث TAR والتقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية IPCC عام 2001 والتقرير الرابع أن العديد من التهديدات تواجه مصر نتيجة تغير المناخ رغم أن انبعاثات مصر من غازات الاحتباس الحرارى المسببة للتغيرات المناخية لا تمثل سوى 0.57 فى المائة من إجمالى انبعاثات العالم إلا أن مصر تعتبر من أكثر دول العالم تضررًا من آثار التغيرات المناخية. وأشار البحث إلى عدة مخاطر تهدد مصر بسبب التغير المناخى ومنها وفقاً لجهاز شئون البيئة هى ارتفاع مستوى البحر مما يؤدى على المدى المتوسط والبعيد إلى تعرض مساحات متفاوتة من دلتا النيل ومحافظات الوجه البحرى لاحتمالات الغرق، مشكلة أخرى وهى تذبذب نهر النيل والذى قد يرتفع فجأة بنسبة تصل إلى 28 فى المائة كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة أيضًا فى سنة أخرى بنسبة تصل إلى حوالى 76 فى المائة، وأوضح البحث أن الخسائر الاقتصادية المباشرة الناتجة عن ذلك تقدر بنحو 35 مليار دولار يضاف إليها خسائر اجتماعية وصحية. ووضح أن بين عامى 1960 و1990 ارتفعت درجات الحرارة من 3 و3.5 درجة مئوية، ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تزيد بنسبة 2 درجة مئوية أخرى. أما عن أسباب التغيرات المناخية فى مصر فتشير الباحثة نادية عاشور بإدارة شئون البيئة بالمنيا فى بحث لها بعنوان التغيرات المناخية وتأثيرها على مصر، أنه يوجد أسباب عديدة بسبب التغيرات المناخية فى مصر وهى أسباب طبيعية مثل العواصف وظاهرة البقع الشمسية، وهى ظاهرة تحدث كل 11 عامًا تقريبًا نتيجة اضطراب المجال المغناطيسى للشمس مما يزيد من الطاقة الحرارية للإشعاع الصادر منها والأشعة الكونية الناجمة عن انفجار بعض النجوم، وأسباب صناعية مثل الغازات المنبعثة من الصناعات وعوادم السيارات وبعض الأنشطة الزراعية كالأسمدة والأعلاف ومن مياه الصرف الصحى وخاصة غاز الميثان والذى اعتبرته أكثر خطورة من غاز ثانى أوكسيد الكربون عشرة أضعاف. كما أوضحت أهم مكونات الغازات الدفيئة وهى ثانى أوكسيد الكربون حيث أفادت الهيئة الحكومة الدولية فى تقريرها الرابع بأن نسبة هذا الغاز قد زاد فى الغلاف الجوى وينتج قطاع الصناعات التحويلية 50 فى المائة من كمية هذا الغاز و50 فى المائة الآخرين من إزالة الغابات والأراضى الزراعية، أما الغاز الثانى هو أكسيد النيتروز ازدادت نسبة انبعاثه بمقدار 30 فى المائة فى الفترة ما بين عامى 1998 إلى 2005، والغاز الثالث هو الميثان، يرتبط انبعاث هذا الغاز بالأنشطة البشرية الخاصة بالزراعة وتوزيع الغاز الطبيعى، وأشارت القياسات الجوية إلى أنه رغم زيادة المعدل العالمى لانبعاث غاز الميثان بنسبة 30 فى المائة فى الخمس وعشرين سنة الماضية، فقد انخفض معدل نمو هذه الانبعاثات من 1 فى المائة فى أواخر السبعينيات، أما الأخير هو الهالوكاربونات (مركبات الكربون الهالوجينية) مصطلح جماعى يعنى مجموعة من الأنواع العضوية المهلجنة جزئيًا. كانت أبرز الحوادث بسبب الحر فى 2017 هى وفاة أول حالة بسبب الحر هذا العام وهى السيدة جيهان شحاتة وتوفت بعد دخولها مستشفى الحميات بالمنيا بعد 24 ساعة، وكانت فى حالة إعياء شديد. كما توفى فلاح مريض نفسيًا فى بنى سويف إثر تعرضه توقف عضلة القلب وتعرضه لإجهاد حرارى. وفى 2016 توفت سيدة تبلغ 75 عامًا إثر تعرضها للشمس لفترة طويلة بمحافظة الدقهلية، وفى نفس العام توفى ثلاثة طلاب فى المنيا، حيث لقى 3 طلاب مصرعهم غرقًا فى ترعية الإبراهيمية بمدينتى بنى مزار، مطاى، وقرية المحرص بمركز ملوى. من أبرز ضحايا موجات الحر الشديدة، كانت فى عام 2015، حيث أعلنت وزارة الصحة حينها وفاة 76 شخصًا وكانت أغلب الوفيات من كبار السن، ونُقل 477 شخصًا إلى المستشفيات نتيجة موجة الحر الشديدة.