الأزهر معتدل ووسطى ومهاجموه «ظلمة ».. وإلغاء حصة الدين من المدارس خطر كبير نعانى من منحرفين «ميعرفوش ألف باء الدين» ويرمون الأئمة بالخطأ والظلم والقتل شيخ الأزهر لا تغره المناصب.. والشيعة مسلمون لا نكفر منهم أحداً سؤالى للملحدين: «مين اللى بيطلع القمر والشمس؟.. أمك؟ جدتك؟ عفركوش؟» عرفه الناس بأسلوبه المرح فى إيصال المعلومات الدينية وتقديم الفتاوى الاجتماعية، حتى صار نطق اسمه مقرونًا لدى الكثيرين من المصريين بابتسامة خفيفة تعكس تسامح وإنسانية واجتماعية ديننا الإسلامى الحنيف، هو الدكتور مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر والداعية الإسلامى الشهير والذى تحاوره «الصباح» فى عدد من القضايا الاجتماعية والدينية والعامة.. وإلى نص الحوار.. ** كيف ترى قضية تجديد الخطاب الدينى؟ - الأزهر والكنيسة منوط بهما أمر الدين وتوضيحه وبيانه وتجديد خطابه حتى يتعظ الناس ولا يحدث ما نشهده يوميًا من أحداث عنف وإرهاب. المناخ الحالى كله مسئول عن التطرف، لكن الأخطر أن يكون صاحب الدعوة والإرشاد هو المسئول عن التطرف. ثلاثة أرباع مساجدنا زوايا ومساجد صغيرة غير خاضعة لوزارة الأوقاف، يخطب فيها ذوى الأصوات الحسنة دون النظر إلى الفكر الذى يقدمونه، لذلك نجد أن هناك «صنايعية» اتجهوا للدعوة والخطبة.. «الصنايعية» أهلاً وسهلاً بهم فى مجال المحارة والنجارة والزراعة وليس الدعوة والإرشاد. دعوت من فترة وأجدد دعوتى لإنشاء لجان من كبار علماء الأزهر والأوقاف، وأن يجلس علماء هاتين الجهتين لتجديد الخطاب الدينى فى مظاهر معينة أهمها العناية ب «عزم الأمور» والتى قال الله فيها: «اقم الصلاة وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأصبر على ما أصابك إن ذلك لمن عزم الأمور». نحن لا نريد الخلاف بين السنن والنوافل، وإنما الأمور التى تجعل الإنسان يعتقد اعتقادًا صحيحًا فى الله وأن يؤدى الفرائض وأن يفيد بها حتى يكون إنسانًا سويًا مع ربه والناس. ** هل هناك تشدد فى الأزهر الشريف؟ - الأزهر لا يعرف التشدد أبدًا، ومن أوهم الناس بذلك لم يعرف قيمة تلك المؤسسة العريقة، وهو يسعى فى الأرض خرابًا ويحب أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا. الأزهر كما يعلم الجميع تم بناؤه على يد أهل الشيعة، ومع ذلك أراد الله له أن يكون وسطيًا لا ينتمى إلى شيعة ولا غيرها. الأزهر يتبع المنهج المعتدل، ويستمد علمه الذى يبثه فى الأرض من مصادر أصلية معتمدة. أما إن يعثر أحدهم على حديث ولم يفهمه ويعتبره «دعوة إلى الإرهاب خرجت من الأزهر» فهذا ظلم كبير. ** إذًا.. كيف يواجه الأزهر التطرف؟ - الأزهر يواجه التطرف الفكرى كما يواجه الأخطاء كلها منذ نشأته وإلى اللحظة الحالية، يقول هذا صواب وهذا خطأ، ومن المهم أن يوجه الإعلام كاميراته ومكبرات صوته وإذاعاته إلى الأزهر الشريف ليرى بنفسه ما تقوله تلك المؤسسة العريقة. هل جاء إعلامى وأظهرنى وأنا فى محاضرة للدراسات الإسلامية؟، طبعا لا. لا يعلم الإعلام ماذا أفعل أنا وزملائى ومشيخة الأزهر. الأزهر يعمل ليل نهار بلا كلام إنشائى أو مبالغة أو تعصب، ومن يريد معرفة الذى يفعله الأزهر فليزوره ويسجل من قاعات المحاضرات وليسأل أساتذته وشيوخه ومدرسيه عما يقدمونه. ** رأيك فى مطالبات بعض النواب بإلغاء حصة الدين من المدارس؟ - إلغاء حصة الدين من المدارس خطر كبير لأن ذلك يعنى انتزاع «فسحة» الروح والعقل والوجدان المقدمة للطلاب. لا نعيب من ينتقد المادة العلمية ومن يريد تطوير موضوعاتها، لكن إلغاء الأمر تمامًا كمن يحكم على الزرع الأخضر بالإعدام. حصة التربية الدينية فى المدارس مهمة جدًا وينبغى تطويرها وتجديد الخطاب الدينى من خلالها، وأن تربط واقع الحياة بأصول الدين، وأن تكون مادة أساسية فيها حفظ للقرآن الكريم وفهم لمعانى الآيات والأحاديث وكافة المسائل الفقهية والعقائدية الأخرى، وبيان المصطلحات للطلاب حتى لا ينحرفوا مع المنحرفين الذين لا عهد لهم ب«ألف باء الدين» ثم نراهم يفتون ويعجنون ويرمون الأئمة والفقهاء بالخطأ والظلم والقتل. ** كيف تواجه وزارة التعليم التطرف الفكرى فى المدارس؟ - للأسف معظم مدارسنا آيلة للسقوط، ومع ذلك أناشد وزارة التربية والتعليم بأداء رسالتها المتمثلة فى تثقيف الأولاد وتعليمهم وتدريس مناهج وفق ظروف العصر، والعناية بالتأسيس والأسوة سواء كانت مدرسًا أو عاملًا أو موظفًا. ينبغى على مسئولى المدارس أن يجعلوا الطلاب يحبونها قبل السعى إليها، فالتربية مقدمة على التعليم، أو كما يقول العوام: «الأدب فضلوه على العلم». ** رأيك فى تقسيم المسلمين ما بين سلفيين وإخوان وغيرها من المسميات؟ - لا أؤمن ولا اعترف بوجود ما يسمى «سلفيين» لأن كل إنسان سلف لمن يأتى بعده، كل الناس سلف ما عدا أبونا آدم عليه السلام حيث لم يسبقه أنس قبله، لذلك أشعر بغيظ شديد عندما أسمع كلمة «سلفيين». السلفيون بمعناها السياسى الحالى هم المتشددون والمعترضون وفى كل بحر يخوضون، ولا شك أن لهم تأثير فيمن حولهم لأن الإنسان بطبعه يتأثر ببيئته المحيطة. إن كان السلفى من العلماء فأهلًا وسهلاً، وإن كان ممن يريد النفخ فى النار لكى تزداد لهيبا زاعمين بأن ذلك السبيل إلى التغيير فلا أهلاً وسهلاً، وعليهم أن يتقوا الله فى الشباب وفى الدولة وفى الدين قبل كل شىء. ** كيف ترى الإخوان والخلط بين السياسة والدين؟ - أى إنسان إخوانى أو غير إخوانى نذر نفسه لله والعمل الخيرى ينبغى أن يكتفى به ولا يطمع فى سلطة ولا منصب وألا يكون له دخل بالسياسة، والنبى الكريم يقول إن الناس 4 منازل أرقاها من أوتى العلم والمال، لأن المال مع الجاهل يفسده، أما العالم إذا رزقه الله مالًا فسيعمل علمه فيه. ليس من العقل أن تشغل جماعة أو حزب أو مجموعة منتمية للدين بالسياسة أو أى ممارسات أخرى. ** رأيك فى انتشار ظاهرة الإلحاد بين بعض الشباب؟ - الملحد هو من ينحرف عن الطريق المستقيم إلى طريق نفى الألوهية أو إلى غير ذلك من «الشطط الفكرى»، والقرآن الكريم عندما أثبت وجود الله أثبته بالإدراك الحسى الذى يفهمه كل الناس «أنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم» وهى آية صريحة لا فيها فلسفة ولا حاجة.. مين اللى بيشرق الشمس ويغيبها ومين اللى بيطلع القمر «أمك؟.. جدتك؟.. عفركوش؟». القرآن عندما أثبت وحدانية الله عز وجل لم يلجأ إلى الخرافة وإنما أثبتها بطريق العقل فقال الله تبارك وتعالى فى سورة الملك «أمن هذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه».. قولى لو أنا منعت عنك الهوا اللى أنت بتتنفسه مين يجبهولك؟، لكن التخريف والشطط والفراغ والفيس وعدم اهتمام المجتمع بأمر العقيدة والدعوة أدى لانتشار الإلحاد. ** وكيف ترى الخلافات بين الشيعة والسُنة؟ - كلا الفرقتين مسلمتان، وينبغى ألا يكون بينهما صراع، وفلتختلف المذاهب لكن عند الجد نحن أمة واحدة. الشيعة معروفة وده مذهب من المذاهب الإسلامية اللى أحنا درسناها ومازلنا ندرسها فى الأزهر الشريف، لا أقول على الشيعة رافضة ومعتزلة وإباضية هم مسلمون ولا نكفر منهم أحدًا. ** ما رسالتك التى توجهها لشيخ الأزهر والبابا؟ - أقوله: «حياك الله حياك.. ومن الألم نجانى الله ونجاك.. الله ينفع بك». شيخ الأزهر عالم محترم وأستاذ فى العقيدة والفلسفة، ورجل مشغول بما وكل إليه من مهام. فى أول أيام توليه مشيخة الأزهر كنت معه فى مكتبه بمنطقة «الدراسة»، وسألنى أن ادعوا له ورأيته مستشعرًا عظم المسئولية.. الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ما زلت أحسن الظن فيه.. هو رجل لا تغره المناصب، وهذه والله من كبرى النعم لدينا. وأوجه التحية للرجل الجميل الحكيم مدرس العلوم البحيرى النشأة البابا تواضروس الثانى، هو رجل عاشر «الرهبنة» سنوات طويلة ومؤهل نفسيًا لكى يمتص غضب الدنيا وما فيها يذكرنى بالبابا شنودة، فهو رجل حكيم ولا يثور لأى حادثة. أرجو للبابا أن يعينه الله على أداء رسالته فى تثبيت أخوته وبنى ملته الذين هم فى الأول والآخر مصريون دون شطط ومبالغة عند الغضب فى أمور قد تشعر الناس بأن فى مصر مسيحى ملتهب ومسلم متعصب. ** كيف ترى دور المستشار الدينى للرئيس أسامة الأزهرى؟ - الدكتور أسامة من أبنائنا المحترمين ومن علماء هذه الأمة بلا جدال، ورجل هادئ وجميل، وأرجو الاستفادة منه فى أكثر من قناة وبرنامج لأنه عالم يستحق ذلك. ** رأيك فيما يقدم فى البرامج الدينية؟ - كل الناس حلوين إلا أنا. ** رؤيتك للأوضاع الاقتصادية وإجراءات الحكومة لمواجهتها؟ البلد تمر بأزمة لا يجهلها أحد ليس بسبب رئاسة الجمهورية ولا غيرها، وإنما سببها ما نحن عليه من كسل وعدم إقبال على العمل منذ سنوات طويلة، والإعجاب فقط ب «شغل الخواجة» و«بتاع بره». أقول له إنه يستطيع فى لحظات الحصول على ثروة مادية بأن يجلس مع وزير الأوقاف ورئيس هيئة الأوقاف المصرية وشيخ الأزهر ويسألهم: «أين أوقافكم؟»، وسيجد حينها مليارات تم الاستيلاء عليها منذ ما يزيد على 100 عام، ولو تم تحصيلها لدرت على مصر أرباحًا لا يحلم بها أى إنسان. الأوقاف تمتلك آلاف الأفدنة الصالحة للزراعة والتى تزرع ومازال الدخل منها قروش معدودة، وهناك آلاف المزارع والحدائق المخصصة للأزهر وعمارات من أوقافنا بمنطقة العتبة إيجار الشقة فيها 5 جنيهات من سنة 1883 حتى الآن، والذى يريد بيع شقته فى وسط القاهرة يبيعها بمليون جنيه ويكتب فى العقد أنه باعها ب 100 جنيه عشان الأوقاف بتاخد ثلثها. أنبه الرئيس على ذلك ومسئول تمام المسئولية إذا ما كان هذا الكلام خاطئًا، لك عليه التحقيق فيها وأن يتم انتزاع أوقاف الدولة من يد المغتصبين، وهو الأمر الذى بدأته الدولة من خلال استرداد تلك الأراضى وطرحها للبيع فى مزادات علنية. ** رسالتك للرئيس السيسى؟ - الرئيس السيسى رجل يحب بلده، ونذر عمره فى الدفاع عن بلده، وهو من القوات المسلحة والتى رجالها محترمين ومخلصين ومنتمين إلى وطنهم. أقول للرئيس مصر ولادة لذلك ابعد عن النماذج «التعبانة المشهورة» وأحفر فى الأرض هتطلع قيادات محترمة تساعدك وتعينك على أداء رسالتك، وأقول للمصريين الرئاسة ليست سببًا ولا الإدارة سببًا فى غلو الأسعار، وإنما هو الوضع العام ل «تعويم العملة» ليس فى مصر وحدها ونتيجة ما وصلنا إليه من تراكمات منذ عشرات السنين والتى ظللنا فيها نتواكل ولا نعمل واعتمدنا على استيراد كل شىء حتى اللبان.