خريطة الأملاك التى تخضع لإدارة الوزارة تضم 36 ألف وقف أهلى .. و 24 ألف وقف خيرى يستعد لبيع أراضى الوقف بالمخالفة لأحكام القضاء وفتوى للأزهر ممتلكات مصر فى تركيا واليونان والسعودية تحت التجميد تركيا تحصل على الحجج دون مقابل فى عهد الإخوان.. واليونان بها 90 فى المائة من الأوقاف المصرية بالخارج صدام جديد على وشك أن يبدأ بين وزارة الأوقاف وآلاف من المواطنين من أصحاب الوقف، بسبب ما تردد عن نية الوزارة بيع الأراضى التابعة لها، رغم حصول بعض ورثة ممتلكات الأوقاف على أحكام قضائية تثبت ملكيتهم لبعض أراضى الأوقاف، لكن الوزارة ترفض تسليمها حتى الآن. وكانت المشكلة تفجرت بعد أن طالب عدد من أعضاء مجلس النواب، وعلى رأسهم شادية ثابت وسعيد حساسين بطرح أرضى الأوقاف فى مزاد علنى لسد العجز فى الموازنة العامة للدولة وللاستغناء عن قرض صندوق النقد الدولى، مؤكدين أن أملاك وأراضى الأوقاف تقدر بمئات المليارات. غير أن المفاجأة تمثلت فيما تردد عن إبداء وزير الأوقاف موافقته على مسألة البيع، مما يعد مخالفًا لفتوى شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى بتحريم بيع أراضى الأوقاف. وكشف مصدر مسئول فى هيئة الأوقاف ل«الصباح» أن الوزير محمد مختار جمعة استجاب لطلبات أعضاء مجلس النواب بعد أن تراجع عن قراره الذى أصدره خلال الأسابيع الماضية، الذى أكد فيه أن مال الوقف «خط أحمر»، وبدأ يدرس بشكل فعلى - بمساعدة فريق من مستشارى هيئة الأوقاف- طرح أراضى الأوقاف للبيع فى المزاد العلنى بمختلف المحافظات للاستفادة منها لسد عجز الموازنة العامة للدولة. اللواء أحمد جلبى، أحد ورثة أراضى الأوقاف ورئيس جمعية مستحقى الأوقاف قال ل«الصباح»، إن الوزير لا يستطيع بيع الأوقاف الأهلية إطلاقًا، والقانون يحمى مستحقى الأوقاف الأهلية، وينص على أن وزير الأوقاف هو ناظر الوقف، وهو المسئول عن إدارته لحين تسلمه من قبل الورثة الشرعيين». وأضاف: «على الرغم من أن شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى أصدر فتوى بحرمة بيع أراضى الأوقاف الأهلية، لكن ما يحدث على أرض الواقع يكشف مخالفة كل وزراء الأوقاف لهذا القانون، حيث تم بيع وقف مصطفى شاهين ابن مصطفى ابن عبد الله، الذى تقدر مساحته ب186 ألف فدان فى الساحل الشمالى وتم بيع أغلبها لرجال الأعمال ليقوموا ببناء القرى السياحية، رغم أن الأرض أوقاف أهلية ووفقًا للقانون غير قابلة للبيع» . واستكمل جلبى «هناك حكم صدر من محكمة المنصورة ضد وزارة الأوقاف فى عهد نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، يؤكد أن الأوقاف زورت اسم الواقف لتستولى على أراضى الوقف البالغ مساحتها 420 ألف فدان فى المنصورة، وكتبت اسم الواقف مصطفى ابن عبد المنان بدلا من مصطفى ابن عبد الله، لكى لايتمكن الورثة الشرعيون من الوصول للحقائق، والتمكن من الحصول على أوقافهم»، مضيفًا «الوزير الحالى طرح أراضى بمحافظة الإسكندرية، تحديدًا قطعة رقم 487 طريق الجيش بالإسكندرية، التى تبلغ مساحتها 440 مترًا، وعرضها للبيع بالمزاد العلنى على الرغم من أن الورثة حصلوا على حكم قضائى بعودتها إليهم، وقدموا إنذارًا برقم 9 بعدم البيع أمام النيابة العامة». وأكد رئيس جمعية مستحقى الأوقاف، أن الوزير ترك أراضى الأوقاف الأهلية بدون حراسة مما جعلها عرضة للسرقة والاستيلاء عليها من قبل البلطجية، مثل القطعة رقم 47 بحوض بلبل رقم 5 بمنطقة الطالبية محافظة الجيزة. وتابع الجبلى، هناك أراضٍ موجودة فى منطقة فيصل بالجيزة، وتبلغ مساحتها 12 فدانًا، واستولى عليها بوضع اليد بعض البلطجية وأقاموا عليها جراجات وتكسبوا من ورائها آلاف الجنيهات، لافتًا إلى أن وزارة الأوقاف تضع يديها على 36 ألف وقف أهلى، وعلى 25 ألف فدان وقف خيرى، ما بين أراضٍ وعقارات، متسائلًا «ما مصير أموال بيع هذه الأراضى؟». وكشف جلبى أن «وزارة الأوقاف تضع يديها بالفعل على 45 ألف فدان، ويتم تأجير الفدان بنحو 6 آلاف جنيه سنويًا، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن العائد السنوى يصل إلى 3 مليارات جنيه، بخلاف ما تدره عقارات الأوقاف، فأين تذهب كل هذه الأموال؟». فيما قال عمرو الشهاوى من ورثة الأوقاف «لم تكتف وزارة الأوقاف بالاستيلاء على حقوق الورثة الشرعيين، بل وصل الأمر إلى حد التفريط فى تلك الحقوق، فجدى محمد بك شكرى قام بشراء قطعة أرض بمساحة فدان منذ ما يقرب من 70 عامًا فى شارع الهرم بمحافظة الجيزة، فأهملته وزارة الأوقاف مما أتاح الفرصة لبعض الأشخاص وضع يديهم على الأرض لمدة تزيد على الثلاثين عامًا، ثم قاموا ببيعها لأحد التجار، الذى بنى عليها أبراج سكنية، على الرغم من أن هذا يتنافى مع قانون الأوقاف الذى ينص على أن الوقف لا يملك بوضع اليد». وأشار إلى أنه رفع العديد من القضايا على وزارة الأوقاف، وأثبتت أحقيته فى الأرض بموجب المستندات التى يملكها، ومازالت القضايا متداولة حتى الآن. وفى سياق متصل، دشن عدد من مستحقى الأوقاف صفحة على شبكات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحت عنوان «الوقف خط أحمر»، محذرين الوزير من خطورة المساس بأوقاف أجدادهم، ومهددين برفع دعاوى قضائية تقدر بمليون دعوة ضد الوزير حال قيامه بأى مزاد علنى على أراضى الأوقاف الأهلية التى يمتلكونها. وحصلت «الصباح» على خريطة كاملة بأراضى وممتلكات الأوقاف بمختلف المحافظات، عددها يقترب من 36 ألف وقف أهلى و24 ألف وقف خيرى، ما بين أراضٍ وعقارات، تقدر ب 500 ألف فدان، منها حوالى 144 ألف فدان زراعى فى مختلف المحافظات. ومن أملاك الهيئة؛ أراضٍ للخديو عباس حلمى الثانى بالإسكندرية، تبلغ مساحتها حوالى 35 ألف فدان ووقف باسم مصطفى عبد المنان مساحته 420 فدانًا داخل محافظاتدمياط والدقهلية وكفر الشيخ، وأراضى أوقاف غانم الأشعرى وتبلغ 13500فدان بكفر الشيخ، وبالإضافة 450 فدانًا، ويوجد 202 وقف أهلى بأسماء أصحابها وواقفيها.
على الجانب الآخر تلوح فى الأفق، أزمة تتعلق بأوقاف مصر فى الخارج، وعلمت «الصباح» أن الأوقاف المصرية بدولة اليونان تمثل نحو 90فى المائة من أوقاف مصر بالخارج، ومنها جزيرة « شيوس» التى أثير حولها الجدل مؤخرًا بشأن تنازل مصر عنها لصالح اليونان، وهى تُعد من أكبر الجزر حول العالم وتبلغ مساحتها حوالى 50 كيلو متر مربع، وتضم متحف محمد على، فيما تصل إيرادات مصر من أوقافها باليونان إلى 70 ألف يورو سنويًا مقابل تأجير 5 قطع من الأرض، بينما يوجد 8 قطع أخرى غير مؤجرة، وقطعتين غير مستغلتين، كما يتم تأجير قصر محمد على، ومنزل قديم تابع له بأسعار لا تتجاوز 15 ألف يورو سنويًا، فى حين أن القصر يطل على البحر وأمامه حديقة مساحتها 2000 متر مربع، وبجوار البيت قبر والده، وبالمنطقة الفضاء تمثال لمحمد على ممتطيًا حصانًا مصنوعًا من النحاس على قاعدة من الرخام الأبيض. وتم تحويل مبنى المدرسة البحرية بالجزيرة والتى أنشأها محمد على بالإضافة إلى القصر وفندق يتبع سلسلة «اميريت» العالمية، حيث تتحصل الأوقاف المصرية على 36 ألف يورو مقابل الانتفاع بالقصر والمدرسة وذلك لمدة 50 عامًا، وذلك وفقًا لما صرح به صلاح الجنيدى الرئيس السابق لهيئة الأوقاف ل«الصباح». ودخلت تركيا طرفًا فى النزاعات حول الأوقاف المصرية، وذلك أثناء فترة حكم جماعة الإخوان، وزار وزير الأوقاف التركى محمد كوراماز مصر، وتداول الطرفان المصرى والتركى أمر الأوقاف المصرية بتركيا، وهى عبارة عن أراضٍ زراعية وبعض القصور التاريخية التى تعود لعصر محمد على باشا، حيث إن العديد من حُجج الملكية الخاصة بالأوقاف المصرية بتركيا اختفت ولم يعد لها أثر، الأمر الذى أضاع على مصر ما يقرب من ثلثى أوقافها لدى تركيا خاصة بعد ضياع تلك المستندات التى تردد أن الإخوان قاموا بتهريبها إلى تركيا لنيل الرضا التركى، وفقًا للبلاغ الذى تم تقديمه للنائب العام السابق هشام بركات عام 2014، والذى قدمه المحامى صبحى عبدالحميد وتم فيه سرد كيفية قيام الإخوان بالتفريط فى الأوقاف المصرية وتورط شخصيات إخوانية بارزة فى الأمر. الأوقاف المصرية طالت أيضًا المملكة العربية السعودية وبعيدًا عن أزمة جزيرتى تيران وصنافير، فمصر تملك العديد من الأراضى داخل المملكة، ومنها بعض الأراضى التى توجد فى محيط توسيعات الحرم، - وفقا لما أكده اللواء أحمد جبلى الخربوطلى مؤسس جمعية مستحقى الأوقاف الأهلية فى تصريحات سابقة للصباح-، وعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد وقف «أبوبكر عبدالله الرومى» الشهير ب«بكير أغا الخربوطلى»، والذى كان واليًا على مكة، وقام بشراء أراضٍ مساحتها 20 ألف متر مربع بحى المسفلة بمكةالمكرمة، وقدرت الحكومة السعودية قيمة التعويض للورثة ب 100 ألف ريال سعودى للمتر الواحد، أى ما يقرب من 20 مليار ريال لقطعة الأرض، وذلك لإجراء توسعات للحرم المكى، وتم إيداع قيمة التعويض بالفعل ببنك «الراجحى» بالسعودية لحين ظهور الورثة، وعندما توجه الورثة لوزارة الأوقاف للحصول على المستندات التى تثبت ملكيتهم تقاعست الوزارة ولم تعطهم شىء، بينما ضاع على خزانة الدولة 10فى المائة من قيمة التعويض المخصص للورثة والذى تحصل عليه الوزارة فى حال تم صرفه. وتوجد فى السعودية عدة أوقاف أخرى تخص ورثة عائشة هانم صديقة حرم صالح باشا فريد، بالمدينة المنورة، حيث تمتلك حوالى 25 فدانًا بمنطقة كامل العنبرية بالمدينة المنورة، وأيضًا الحكومة السعودية اشترت الممتلكات بقيمة 200 مليون ريال، وقامت بإيداعها بأحد البنوك السعودية، بالإضافة إلى عدة أوقاف أخرى تخص ورثة الواقفين من الأشراف المصريين ووقف إبراهيم بك الكبير بالحجاز، ويقدر ب 20 ألف متر، وأيضًا وقف تكية الأتراك والأغاوات بمكةالمكرمة والمدينة المنورة، والتى يمتلكه مجموعة من المصريين مثل خليل أغا وعثمان أغا وغيرهما.